في قلب العالم، حيث تلتقي القارات وتتشابك طرق التجارة، تبرز مصر كنجمة صاعدة في سماء اللوجستيات العالمية، وبفضل موقعها الجغرافي الفريد على مفترق البحرين الأحمر والمتوسط، وقناة السويس التي تعد شريانًا حيويًا للتجارة العالمية، تسعى مصر بقوة لتحويل هذا الموقع إلى قوة اقتصادية مستدامة.
ومنذ عام 2014، بدأت الدولة المصرية رحلة طموحة لتطوير البنية التحتية للنقل واللوجستيات، مستثمرة مليارات الجنيهات لتحويل نفسها إلى مركز لوجستي عالمي يربط الشرق بالغرب.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الجهود المصرية في هذا المجال، مستندًا إلى أحدث المعلومات المتاحة، ليكشف عن كيفية إعادة تشكيل مصر لمستقبل النقل والتجارة.
استراتيجية وطنية طموحة
وتعتمد رؤية مصر للتحول إلى مركز لوجستي عالمي على استراتيجية شاملة ترتكز على عدة محاور رئيسية: تطوير الموانئ البحرية، وتحسين شبكات النقل البري والسككي، وإنشاء ممرات لوجستية متكاملة.
ووفقًا لتقارير حديثة، استثمرت مصر أكثر من 2 تريليون جنيه مصري في مشروعات النقل واللوجستيات خلال العقد الماضي، مما ساهم في تحسين البنية التحتية وتعزيز القدرة التنافسية، وهذه الاستثمارات شملت تطوير 18 ميناء بحريًا تستهدف التعامل مع 40 مليون حاوية و400 مليون طن من البضائع سنويًا بحلول عام 2030.
ومن أبرز المشروعات، محور دمياط اللوجستي المتكامل، الذي يهدف إلى تحويل ميناء دمياط إلى مركز عالمي لحاويات الترانزيت في البحر المتوسط، إلى جانب تطوير موانئ السخنة، وبرنيس، وسفاجا، والإسكندرية.
وعلى سبيل المثال، محطة سفاجا 2، التي افتتحت مؤخرًا، تمتد على مساحة 776 ألف متر مربع، وتستوعب 2 مليون حاوية سنويًا، مع الربط بالقطار الكهربائي السريع لتسهيل نقل البضائع من الصعيد إلى الموانئ.
تطوير البنية التحتية حجر الزاوية
وشهد قطاع النقل في مصر نهضة تنموية غير مسبوقة، حيث ركزت الحكومة على تحديث البنية التحتية لتلبية متطلبات التجارة العالمية، حيث تم تطوير شبكة السكك الحديدية بطول 10 آلاف كيلومتر، مع إطلاق مشروع القطار الكهربائي السريع الذي يمتد لـ2000 كيلومتر، لربط الموانئ بالمناطق اللوجستية والصناعية.
وهذا المشروع، الذي أنجز منه 45% من الخط الأول، يعزز كفاءة نقل البضائع والركاب، ويقلل الانبعاثات الكربونية، مما يتماشى مع أهداف الاستدامة.
وعلاوة على ذلك، تم إنشاء سبعة ممرات لوجستية دولية تربط مناطق الإنتاج الزراعي والصناعي بالموانئ البحرية، مما يسهم في تقليل تكاليف النقل وتحسين سلاسل الإمداد.
كما تم تدشين محطة قناة السويس للسيارات في شرق بورسعيد، بالشراكة مع شركات عالمية مثل تويوتا تسوشو، لتكون أول محطة لوجستية متخصصة للسيارات في مصر، بسعة 2550 سيارة.
التحول الرقمي
ولم تكتف مصر بتطوير البنية التحتية المادية، بل أولت اهتمامًا كبيرًا للتحول الرقمي، ومنصة “نافذة” الإلكترونية، التي أطلقت لتبسيط الإجراءات الجمركية، قللت زمن الإفراج عن البضائع، مما عزز مكانة مصر في مؤشر الأداء اللوجستي العالمي.
وفي عام 2023، قفزت مصر 10 مراتب لتحتل المركز 57 عالميًا، محققة 3.1 نقطة مقارنة بـ2.82 في 2018، وفقًا لتقرير البنك الدولي.
تظهر المؤشرات الدولية نجاح الاستراتيجية المصرية، حيث أشادت الهيئات الدولية بتقدم قطاع النقل واللوجستيات.
المنطقة الاقتصادية لقناة السويس
وتعد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ركيزة أساسية في هذا التحول، حيث تسعى لتصبح مركزًا للطاقة الخضراء من خلال توطين صناعات الوقود الأخضر مثل الهيدروجين والأمونيا الخضراء.
وهذه الخطوة لا تعزز الاستدامة فحسب، بل تجذب الاستثمارات الأجنبية وتدعم الاقتصاد الوطني.
ومصر، بموقعها الاستراتيجي واستثماراتها الضخمة، تقترب بخطى ثابتة من تحقيق حلمها بأن تصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا، ومن خلال تطوير الموانئ، تحديث السكك الحديدية، إنشاء ممرات لوجستية، والتحول الرقمي، تضع مصر نفسها كبوابة رئيسية للتجارة بين الشرق والغرب.
ومع استمرار الجهود ودعم الإرادة السياسية، يبدو المستقبل واعدًا لتحقيق هذه الرؤية الطموحة، التي ستعزز مكانة مصر الاقتصادية وتوفر آلاف فرص العمل، لتكون نموذجًا يحتذى به في المنطقة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
