أخبار عاجلة

البابا تواضروس يفتتح أعمال ملتقى لوجوس الخامس بكلمات أبوية ملهمة

البابا تواضروس يفتتح أعمال ملتقى لوجوس الخامس بكلمات أبوية ملهمة
البابا تواضروس يفتتح أعمال ملتقى لوجوس الخامس بكلمات أبوية ملهمة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في عالم تتسارع فيه الخطى، وتضيع فيه الهويات تحت ضجيج الحداثة، يختار شباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من أبناء المهجر أن يسلكوا طريق العودة. لا عودة إلى مكان فحسب، بل عودة إلى الذات، إلى الجذور، إلى النبع الأول للإيمان والهوية.

ومن قلب دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، حيث الصمت صلاة، والتاريخ ما زال يُروى فوق الجدران وفي دروب الأديرة، انطلقت فعاليات ملتقى لوجوس الخامس، الذي تنظمه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثاني.

الملتقى لا يُشبه المناسبات ولا يُقارن بالمؤتمرات، بل يشبه الصحوة؛ إذ يجمع أكثر من 250 شابًا وشابة من قارات العالم الخمس، حملوا معهم أسئلتهم، وتطلعاتهم، وشوقهم إلى مصر التي منها خرج أجدادهم، وإلى كنيسةٍ صنعت مجدًا روحيًّا خالدًا.

"متصلون".. لم يكن الشعار مجرد كلمة على ملصقات أو شاشات العرض، بل كان إعلان هوية، ورسالة جيلٍ يرفض أن تُقطع خيوطه بالكنيسة، أو تذوب ملامحه في الغربة.

في هذا الملتقى، تتلاقى الروح بالماضي، ويصغي القلب لصوت الكنيسة وهي تعيد تعريف الحاضر، وتبني جسرًا نحو الغد.

في حضرة الكنيسة

في مشهد مهيب يجمع بين الماضي المجيد والحاضر الحي، افتتح قداسة البابا تواضروس الثاني مساء السبت 26 يوليو 2025م، فعاليات ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من إيبارشيات المهجر، تحت عنوان "متصلون - Connected"، وذلك بمشاركة 250 شابًا وشابة من قارات العالم الخمس.

رحّب قداسة البابا بالمشاركين بكلمات أبوية حانية، قائلًا: "أنتم مش جايين تزوروا مصر بس، أنتم راجعين لجذوركم… الملتقى فرصة ليكم تتعلموا، وتخدموا، وتحلموا."

وحرص قداسته خلال كلمته على التأكيد بأن الكنيسة لا تنظر للشباب كمستقبل فقط، بل كحاضر حي، وقوة فاعلة، وشركاء في الخدمة والرؤية.

"متصلون".. أكثر من مجرد شعار

اختارت اللجنة المنظمة شعار "متصلون" ليكون عنوانًا للنسخة الخامسة، وهو شعار عميق في دلالته، يعبّر عن الارتباط القوي بين الشباب وهويتهم الروحية والثقافية، في عالم يميل إلى الفردية والانفصال.

ويتزامن الشعار مع مرور 1700 عام على انعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول عام 325م، حيث يسلط الضوء على أهمية العقيدة الأرثوذكسية التي صاغها الآباء ودافعوا عنها.

وفي هذا السياق، تحوّل الشعار من مجرد عبارة إلى نبضٍ جماعي، يعكس تواصل القلوب، واستمرارية الرسالة، وامتداد الكنيسة عبر الزمان والمكان.

تاريخ ينبض بالحياة

تميّز حفل الافتتاح بعرض بصري صوتي تمثيلي، تضمن خمس لوحات فنية بديعة، تنقلت بين محطات مهمة في تاريخ الكنيسة القبطية، وأبرزها مجمع نيقية وبطولات القديس أثناسيوس الرسولي، والقديس كيرلس الكبير، والقديس ديسقورس.

وقد قُدم العرض بأربع لغات "العربية – القبطية – الإنجليزية – الفرنسية"، في تجسيد رائع لوحدة الكنيسة وتعدد خلفيات أبنائها.

العرض لم يكن استعراضًا فنيًّا فقط، بل كان رسالة وعي، واحتفالًا بالهوية، ودعوة لفهم التاريخ كجزء من تشكيل الذات.

شهادات قادة الملتقى

تحدث القس يونان سمير، مقرر الملتقى، عن الرؤية الإيمانية للحدث، مؤكدًا أن الهدف الأول هو ترسيخ الإيمان الأرثوذكسي والهوية القبطية داخل قلب كل شاب.

كما ألقى الدكتور مينا رمسيس من مكتب ملتقيات لوجوس، كلمة أوضح فيها المنهجية التنظيمية، والتحديات التي واجهها الفريق خلال التحضير لهذا الحدث العالمي.

أما الكلمة الأهم، فكانت لقداسة البابا، الذي شدّد على أن "الملتقى ليس فقط برنامجًا، بل هو لقاء حب"، وناشد الشباب أن يكونوا سفراء للكنيسة في كل مكان يذهبون إليه.

في قلب الدير.. حيث يعيش التاريخ

يُقام الملتقى في دير الأنبا بيشوي، أحد أقدس الأماكن في تاريخ الكنيسة القبطية، والذي يعد مركزًا روحيًّا وتاريخيًّا عميقًا.

في هذا المكان، سكن آباء البرية، وتأملوا، وكتبوا، وتركوا لنا تراثًا حيًّا. هنا تذوب المسافات بين الحاضر والماضي، وتُروى الحكايات المقدسة في كل ركن.

تكريم ووفاء.. الأنبا باخوميوس حاضر

شهد الحفل عرض فيلم وثائقي مؤثر عن مثلث الرحمات الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، الذي تولّى سابقًا مهام القائم مقام البطريركي بعد نياحة البابا شنودة الثالث.

وقد عبّر قداسة البابا تواضروس عن تقديره العميق لدوره، قائلًا: "كان رجل المرحلة الصعبة، ومرشدًا روحيًا حكيمًا. ترك لنا إرثًا من المحبة والبصيرة."

ورش عمل وحوارات حية

لم يقتصر الملتقى على اللقاءات الروحية والطقسية، بل شهد مجموعة متنوعة من ورش العمل التي ناقشت قضايا الهوية، الخدمة، القيادة، وأسئلة الإيمان في العالم المعاصر.

كما التقى الشباب بعدد من الأساقفة والمسئولين، وكان هناك وقت مفتوح للحوار مع قداسة البابا، الذي استمع إليهم بمحبة، وأجاب عن تساؤلاتهم بشفافية.

أبطال الوطن في قلب الملتقى

في تقليد بدأه الملتقى في نسخته السابقة، شارك أبطال من أبناء الوطن الذين سطّروا بطولات عظيمة. ففي العام الماضي، استُضيف اللواء طيار سمير عزيز ميخائيل، أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، ليروي للشباب حكايات الانتماء والتضحية.

كانت رسالته واضحة: "الوطن لا يُبنى بالكلام، بل بالمواقف، وأنتم اليوم تمثلون مستقبل الكنيسة والوطن معًا."

LOGOS FAIR.. خدمة تنفتح على المجتمع

تم افتتاح معرض "LOGOS FAIR" بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة ومؤسسة "فاهم للتنمية"، ليكون منصة لعرض المبادرات المجتمعية والمشروعات التي ينفذها الشباب القبطي داخل مصر وخارجها.

المعرض يعكس روح الانفتاح والتكامل بين الإيمان والعمل الاجتماعي، ويُبرز كيف يمكن للشباب أن يكونوا أدوات فاعلة في المجتمع.

الهدف الأسمى

في نهاية كل لقاء، وفي ختام كل يوم، يتجدد المعنى: الملتقى لا يهدف فقط إلى ترفيه أو تعليم، بل إلى بناء إنسان قبطي متكامل، يحمل إيمانه في قلبه، وعقله في وعيه، وانتماءه في أفعاله.

هنا تُصقل الشخصية، ويتعلم الشباب كيف يكونون نورًا في مجتمعاتهم، كيف يخدمون، ويقودون، ويحبون دون شرط.

لماذا "لوجوس"؟

"لوجوس" كلمة يونانية تعني "الكلمة" أو "العقل"، وهي أحد ألقاب السيد المسيح. واختيارها للملتقى ليس مصادفة، بل تأكيد على أن الكنيسة لا تفصل الإيمان عن العقل، ولا الروح عن الواقع. فكل لقاء في لوجوس هو دعوة للتفكير، وللتأمل، ولإعادة اكتشاف الجذور بقلب حيّ وعقل مستنير.

نداء من القلب

ليس الملتقى مجرد فعالية سنوية، بل هو رحلة روحية تعيد تشكيل القلب والعقل. هو تذكير أن الكنيسة باقية، وأن الهوية لا تُمحى، وأن مصر ما زالت تنادي أبناءها، وتفتح ذراعيها بالحب لكل عائد.

وصوت البابا لا يزال يتردد: "أنتم أبناء كنيسة غالية، ومصر وطنكم، لا تنسوا جذوركم، وكونوا ملحًا ونورًا في كل الأرض."

Capture
Capture

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق موعد بداية الدوري الإنجليزي 2025-2026.. "البريميرليج" الأقوى على الإطلاق
التالى ”الزراعة”: تحصين أكثر من 1.8 مليون رأس ماشية ضمن ...