
وسط أزمة إنسانية خانقة يعيشها قطاع غزة بفعل الحصار والتصعيد العسكري الإسرائيلي، بدأت صباح اليوم الاثنين شاحنات مساعدات إنسانية في الدخول إلى معبر كرم أبو سالم، جنوب شرق القطاع، تمهيدًا لنقلها إلى الفلسطينيين المحاصرين، وذلك ضمن قافلة إغاثة مصرية تُعد الثانية من نوعها خلال أيام وتأتي هذه الخطوة في إطار التحركات المصرية المستمرة لتخفيف المعاناة عن سكان غزة، بينما تستمر إسرائيل في فرض قيود مشددة على دخول المواد الإغاثية، وسط دعوات دولية متزايدة لرفع الحصار وتثبيت وقف إطلاق النار.
وتخضع الشاحنات لعمليات تفتيش من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في المعبر، قبل السماح بدخولها إلى غزة لتوصيل المواد الغذائية والطبية العاجلة، في محاولة للتخفيف من تداعيات "حرب التجويع" التي يفرضها الاحتلال على الفلسطينيين منذ عدة أشهر.
ويشرف الهلال الأحمر المصري على عمليات التنسيق والتجهيز، حيث يتولى استلام المساعدات وتنظيم آليات دخولها بالتعاون مع أطراف دولية معنية، لضمان وصولها إلى السكان المتضررين داخل القطاع.
وكانت سلطات الاحتلال قد أغلقت المعابر الحدودية مع قطاع غزة منذ 2 مارس الماضي، عقب انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، ورفضت إدخال الوقود والمساعدات والمعدات اللازمة لإيواء النازحين وإزالة الركام، ما زاد من معاناة الفلسطينيين في ظل القصف المستمر وتدهور الأوضاع الإنسانية.
وفي مايو الماضي، استؤنف إدخال المساعدات إلى القطاع ضمن آلية جديدة فرضتها سلطات الاحتلال بالتعاون مع شركة أمنية أمريكية، رغم رفض وكالة "أونروا" لهذه الآلية باعتبارها مخالفة للترتيبات الدولية المعتمدة.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، عن "هدنة مؤقتة" مدتها عشر ساعات، شملت تعليق العمليات العسكرية في عدد من مناطق القطاع لإتاحة المجال أمام دخول المساعدات، وسط جهود مصرية وقطرية وأمريكية مكثفة للتوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين.
حسن سلامة: يمثل تطورًا إنسانيًا مهمًا لكنه يبقى محدودًا في ظل الحصار
وفي هذا السياق أكد الدكتور حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية، أن دخول شاحنات مساعدات عبر معبر كرم أبو سالم خطوة محدودة لكنها مهمة في ظل الحصار.
وتابع سلامة، إن دخول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، اليوم الإثنين، عبر معبر كرم أبو سالم، يمثل تطورًا إنسانيًا مهمًا، لكنه يبقى محدودًا في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض على القطاع منذ شهور طويلة وأوضح أن هذه الخطوة تأتي ضمن قافلة المساعدات الثانية التي تحركت من ميناء رفح البري، في إطار الجهود المصرية المستمرة لتخفيف المعاناة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
وأشار سلامة، إلى أن المساعدات تخضع لرقابة وتفتيش دقيق من جانب سلطات الاحتلال في معبر كرم أبو سالم، مما يعيق سرعة وصولها ويقلص من كمياتها، خاصة في ظل رفض الاحتلال إدخال العديد من المواد الأساسية مثل الوقود والمستلزمات الطبية الثقيلة، فضلًا عن المعدات اللازمة لإزالة الركام وإعادة الإعمار وأضاف أن هذه العراقيل جزء من سياسة ممنهجة تهدف لإطالة أمد الأزمة الإنسانية في القطاع.
أحمد السيد أحمد: الدور المصري في هذا الملف محوريًا
وفي نفس السياق أكد أحمد السيد أحمد، خبير العلاقات الدولية، أن دخول المساعدات المصرية إلى قطاع غزة بعد أشهر من الحصار الإسرائيلي يعكس مجددًا الدور الحقيقي مؤكدًا أن الدور المصري في هذا الملف يظل محوريًا، حيث يتولى الهلال الأحمر المصري التنسيق الميداني والتجهيز اللوجستي للمساعدات، بالتعاون مع أطراف دولية، لضمان إدخال الشحنات عبر قنوات منظمة، وبطريقة تحفظ الحياد الإنساني وأوضح أن مصر، رغم التحديات الأمنية والسياسية، ما زالت تتحرك بنشاط في إطار وساطتها بين الأطراف، وتحافظ على التزاماتها تجاه سكان غزة.
واعتبر السيد، أن إعلان الاحتلال عن "هدنة مؤقتة" لمدة عشر ساعات يوم الأحد، للسماح بإدخال المساعدات، لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية للسكان، بل يعكس محاولة لتخفيف الضغوط الدولية دون تغيير فعلي في سلوك الحصار ولفت إلى أن هذه الهدن المؤقتة لا تغني عن الحاجة إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، ورفع شامل للحصار، والسماح بإعادة إعمار ما دمرته الحرب.