المخرجون العرب تألقوا بأفلام تتنوع بين الدراما المؤثرة والأعمال الوثائقية العميقة وصولًا إلى الرعب والكوميديا
يستعد مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي هذا العام لاستقبال كوكبة من المبدعين العرب، في دورة تعد بأن تكون استثنائية بحضورها اللافت للسينما العربية. في النسخة الـ82، تتألق المخرجات والمخرجون العرب بأفلام تتنوع بين الدراما المؤثرة، والأعمال الوثائقية العميقة، وصولًا إلى أفلام الرعب والكوميديا، مقدمين بذلك رؤى فنية غنية تعكس قضايا المنطقة وتعقيداتها الإنسانية والاجتماعية.
كوثر بن هنية
بعد أن شاركت في المسابقة الرسمية قبل 5 سنوات بفيلم "الرجل الذي باع ظهره"، الذي قادها لجوائز الأوسكار، تعود المخرجة التونسية كوثر بن هنية بحكاية مؤثرة، ستثير إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، مثلما صرح مدير مهرجان فينيسيا ألبرتو باربيرا.
يروي الفيلم قصة فتاة فلسطينية شابة، هند رجب، قُتلت برصاص القوات الإسرائيلية في غزة العام الماضي مع ستة من أفراد عائلتها. أثار مقتل رجب احتجاجات عالمية، أبرزها في جامعة كولومبيا، حيث أعاد الطلاب تسمية قاعة هاميلتون إلى قاعة هند. كما أصدر مغني الراب الأمريكي ماكليمور أغنية احتجاجية بعنوان "قاعة هند".
شهد أمين
أما المخرجة السعودية شهد أمين، التي خطفت الأنظار في فينيسيا قبل 6 سنوات بفيلم "سيدة البحر"، الفائز بجائزة نادي فيرونا لأفضل عمل مبتكر؛ فتعود هذه النسخة بفيلم "هجرة"، ضمن قسم "فينيسيا سبوتلايت" الذي أتى بديلًا لقسم "آفاق إكسترا"،
يمثل هذا الاختيار علامة فارقة في مسيرة المخرجة شهد أمين، التي تعود إلى فينيسيا ككاتبة ومخرجة، بفيلم طريق شعري تدور أحداثه في عام 2001، ويتبع قصة جدة تسافر من جنوب المملكة العربية السعودية إلى مكة المكرمة مع حفيدتيها.
وعندما تختفي إحداهما، تتحول الرحلة شمالًا بحثًا عنها، كاشفة عن المناظر الطبيعية العاطفية والجسدية للمملكة العربية السعودية.
مريم توزاني
وفي نفس القسم، تشارك المخرجة المغربية مريم توزاني بفيلم "شارع ملقا"، الذي تشارك في بطولته الممثلة الإسبانية الشهيرة كارمن ماورا، ملهمة المخرج بيدرو ألمودوفار، وتلعب خلاله دور امرأة تبلغ من العمر 74 عامًا، تنتمي إلى الجالية الإسبانية في طنجة، وتستمتع بهدوء حياتها في هذه المدينة الساحلية المغربية الزاهية.
عندما تقرر ابنتها بيع منزلها، تُجبر على الرحيل رغمًا عنها. فتنطلق لاستعادة منزلها وأثاثها، اللذين بيعا لتاجر تحف. ومن خلال هذا اللقاء، تكتشف فجأةً إمكانية الحب والإثارة.
جيهان
أما خارج المسابقة الرسمية، فتتواجد المخرجة الليبية جيهان، بشريطها الوثائقي "بابا والقذافي"، والذي تدور أحداثه عن رحلة بحث جيهان عن والدها، منصور رشيد الكيخيا، الذي كان وزير خارجية ليبيا وسفيرًا لدى الأمم المتحدة قبل أن ينشق عن نظام القذافي.
وتعرض لعملية خطف أثناء تواجده في القاهرة العام 1993، ثم عثِر لاحقًا على جثمانه في مجمد بـ«فيلا» تابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية بطرابلس، قرب محل إقامة القذافي، بعد سقوط النظام العام 2011.
يانيس كوسيم
أما في قسم أسبوع النقاد، المخصص للأعمال الأولى والثانية، والذي سيطرت عليه الأفلام البريطانية واختيرت أفلامه من بين ما يقارب 700 فيلم روائي طويل مُقدّم من جميع أنحاء العالم، يتنافس داخل مسابقته فيلمان عربيان، حيث يشارك المخرج الجزائري يانيس كوسيم بفيلم الرعب "رقية"،
وتدور أحداثه في عام 1993، حين يُصاب أحمد بفقدان الذاكرة بعد حادث سيارة. واليوم، يُعاني طارد أرواح مسلم مُسنّ من مرض الزهايمر، تحت أنظار تلميذه القلق. وبينما يخشى أحمد استعادة ذاكرته، يخشى تلميذه أن يفقد الطارد ذاكرته، مُعيدًا شرًا كان مُقيّدًا قبل ثلاثين عامًا.
سوزانا ميرغني
وبعد أن لفتت الأنظار بفيلمها "الست"، تشارك المخرجة السودانية سوزانا ميرغني بفيلم "ملكة القطن"، وتدور أحداثه في قرية سودانية تعيش على زراعة القطن، حيث كبرت نفيسة وهي تنسج خيالها على وقع حكايات جدّتها عن البطولة ومقاومة الاستعمار البريطاني.
لكن حين يصل رجل أعمال سوداني شاب يحمل بذورًا معدلة وراثيًا، تجد نفيسة نفسها في محور صراع خفي حول مصير القرية ومستقبل أرضها.
بياتريس فيورنتينو
وصرحت بياتريس فيورنتينو، المندوبة العامة للقسم، في بيان: "إنها تتجاوز حدود الهوية، والحدود الجغرافية، والحدود الوجودية: مساحات تُصبح فيها الصورة أداةً للتحليل والتفسير. سينما اليوم تُصرخ عاليًا، وتُزعزع الاستقرار، وتُعيد السيطرة. يسكنها ثوارٌ من أجل قضية عادلة، يُعيدون فيها مساحات التمكين والبعث".
ستفتتح فعاليات المسابقة بفيلم "Stereo Girls" للمخرجة الفرنسية كارولين ديرواس بيانو، والذي يدور حول صديقتين حميمتين تبلغان من العمر 17 عامًا تدعيان شارلوت وليزا، واللتان "تعيشان من أجل التشويق الموسيقي والوعد المثير بالحرية".
وستختتم المسابقة بعرض فيلم "100 Nights of Hero" للمخرجة البريطانية جوليا جاكمان، وهو قصة خيالية نسوية، من بطولة إيما كورين، ونيكولاس جاليتزين، ومايكا مونرو، وأمير المصري، وتشارلي إكس سي إكس، وريتشارد إي. غرانت، وفيليسيتي جونز.
كما يشارك فيلم الكوميديا العبثية "Straight Circle" للمخرج أوسكار هدسون، والذي تدور أحداثه حول جنديين عدوين متمركزين على حدود نائية، يدخلان حالة من الارتباك الشديد بعد نسيانهما أي جانب من الحدود هو أيهما. وفيلم "Ish" للمخرج عمران بيريتا.
وفي القسم الموازي "أيام المؤلفين"، والذي يضم أفلامًا من أجزاء من العالم تعاني من الحرب وغيرها من الصعوبات؛ تشارك لبنان بفيلمين من إخراج سيريل عريس ولانا ضاهر.
يفتتح البرنامج -الذي يضم 10 أفلام- فعالياته بفيلم وثائقي سيرة ذاتية بعنوان "Memory" للمخرجة الأوكرانية المولد فلادلينا ساندو، والذي يستعيد ذكريات طفولتها المؤلمة في الشيشان التي مزقتها الحرب.
وتضم المسابقة، التي تسلط الضوء على السينما التي تولي اهتماما خاصا للابتكار والبحث والأصالة والاستقلالية، 10 أفلام، تتنافس جميعها على جائزة لجنة تحكيم أيام المؤلفين التي يترأسها المخرج النرويجي داج يوهان هاوجيرود، الفائز بجائزة الدب الذهبي في برلين هذا العام عن فيلم "Dreams (Sex Love)".
ويشارك في المسابقة الرسمية الفيلم اللبناني "أحلام الأمل والألم" للمخرج سيريل عريس، يتتبع خلالها المخرج ثلاثة عقود من التاريخ اللبناني، مسلطًا الضوء على قصة حب بين رجل وامرأة وُلدا في نفس اليوم تحت وطأة القصف، فرقتهما الحياة، ثم جمعهما القدر.
يتناوب الفيلم بين لحظات من البهجة وومضات من الحزن العميق، ويروي المحاولة العنيدة للإيمان بالحب وإمكانية البقاء بشرًا بينما ينهار العالم من حولهما.
وتشارك المخرجة اللبنانية لانا ضاهر، ضمن قسم العروض الخاصة، بفيلم "Do you loveme"، وهو تدفق بصري وصوتي مبني بالكامل على مواد سمعية وبصرية أرشيفية. إنه إعلان حب لبلد، لبنان، جريح ولكنه في حركة دائمة، حيث تُعاد صياغة هويته بدقة متناهية في التفتت.