عرفت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في العقود الأخيرة حالة من الانتعاش الرهباني، تمثلت في تأسيس عدد من الأديرة الجديدة، التي لم تُبْنَ فقط كحجارة وسط الجبال، بل كامتداد حي لتاريخ قداسة طويل بدأه القديس أنطونيوس الكبير منذ أكثر من ١٧ قرنًا.
ومن أبرز هذه الأديرة، دير الأنبا موسى الأسود على طريق العاصمة الإدارية، والذي بدأ تأسيسه عام ٢٠١٦ في عهد قداسة البابا تواضروس الثاني، ويضم كنيسة كبرى ومزارًا ومقرات خلوة، في تناغم بين روحانية المكان واحتياجات العصر.
وفي صعيد مصر، يبرز دير الأنبا كاراس بسوهاج، الذي تأسس في تسعينيات القرن الماضي، واحتفظ بمعماره القبطي وسط صحراء الجبل الغربي.
أما على طريق مصر إسكندرية الصحراوي، فقد أسس الأنبا بنيامين دير القديسين مارمينا ومارجرجس بالخطاطبة، والذي تحول إلى مركز مؤتمرات ومزار مفتوح للزيارة.
كما يُعد دير القديسة دميانة الجديد بالبحيرة محطة رهبانية نسائية حديثة، تأسس برؤية روحية امتدادًا لدير براري بلقاس، تحت إشراف المتنيح الأنبا باخوميوس.
أما دير مارمينا العجائبي بمريوط، ورغم تاريخه الطويل، فقد شهد مؤخرًا نهضة عمرانية كبيرة، شملت كاتدرائية جديدة وتوسعة مزار البابا كيرلس السادس، ما جعله من أكبر الأديرة استقبالًا للزوار والرهبان على السواء.
البابا تواضروس: نرفض التكدس.. ونتوسع بروح رهبانية أصيلة
تؤكد مصادر كنسية أن السنوات الأخيرة شهدت إقبالًا متزايدًا من الشباب على الحياة الرهبانية، ما دفع الكنيسة إلى التوسع المدروس في تأسيس أديرة جديدة، مع التزام واضح بعدم التكدس داخل الأديرة القديمة، حفاظًا على سلامة الحياة النسكية.
وتخضع هذه التوسعات لمعايير صارمة، منها الموقع الجغرافي البعيد عن العمران، وتوافر مقومات الحياة الروحية، والموافقة المسبقة من المجمع المقدس.
وقد شدد قداسة البابا تواضروس الثاني في أكثر من مناسبة على أن الكنيسة “تسير برهبنتها في خط نمو متزن”، مؤكدًا أن الرهبنة ليست فقط سكنى في الصحراء، بل هي “حياة صلاة وانسحاق وتكريس كامل لله”، وهو الخط الذي تحرص الأديرة الجديدة على أن تسير عليه.
