تحولت كرة القدم من مجرد لعبة إلى صناعة تجارية متكاملة، حيث بدأ اللاعبون يوظفون التمرد؛ لتحقيق طموحاتهم المهنية، واضعين أنديتهم أمام خيارين لا ثالث لهما: الرضوخ للمطالب أو خسارة نجومهم.
ويرجع ذلك إلى عام 1990، حينما قدم البلجيكي جيان مارك بوسمان شكوى ضد ناديه، لرفضه انتقال اللاعب لنادى فرنسي، ليحقق بوسمان مراده بعدما حصل على حكم قضائي بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا»، لتبدأ حالات التمرد من هذا الوقت، فمنذ بروز قانون بوسمان الذي منح اللاعبين حرية أكبر في الانتقال عقب انتهاء عقودهم.
كان النجم البرازيلي رونالدو الظاهرة أول من استخدم هذا القانون بطريقة فعالة ليصبح عراب اللاعب المتمرد، بداية من آيندهوفن الهولندي وبرشلونة الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي، وصولًا بريال مدريد الإسباني، ليصبح رونالدو ملهمًا للاعبين الذين يريدون تحقيق أحلامهم الكروية بشتى الطرق، ليسير على خطاه العديد من اللاعبين، أبرزهم: الحارس البلجيكي تيبو كورتوا، الذي أجبر إدارة تشيلسي الإنجليزي على السماح له بالرحيل إلى ريال مدريد بعد غيابه عن التدريبات، النجم البرازيلي نيمار دا سيلفا، الذي افتعل أزمات متتالية مع برشلونة من أجل الانتقال إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، وعثمان ديمبلي، الذي لجأ للأسلوب ذاته مع بوروسيا دورتموند الألماني لإجبارهم على بيعه.
أبرز اللاعبين المتمردين
وبعد هؤلاء النجوم ظهرت أسماء جديدة، لكن تزامنًا مع فترة الانتقالات الصيفية الجارية، برز أكثر من اسم على الساحة العالمية، وعلى رأسهم المهاجم السويدي ألكسندر إيزاك، نجم نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، الذي يربطه بعقد مع ناديه حتى 2028، لكن صاحب الـ25 عامًا يتمسك بالرحيل عن الماكبايس وتحقيق حلمه بالانتقال إلى ليفربول في الميركاتو الصيفي الحالي.
إيزاك يتمرد على نيوكاسل
وأعلن إيزاك تمرده على نيوكاسل للسماح له بالرحيل والانضمام إلى ليفربول، وذلك عن طريق غيابه عن بعثة فريقه المسافرة إلى سنغافورة لخوض المعسكر التحضيري استعدادًا للموسم المقبل، بحجة معاناته من آلام في عضلة الفخذ، ويأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه الريدز لتقديم عرض ضخم من أجل ضم المهاجم السويدي، قد تصل قيمته إلى 150 مليون جنيه إسترليني، وهو ما يفوق الرقم القياسي الذي دفعه ليفربول مؤخرًا لضم الألماني فلوريان فيرتز من باير ليفركوزن مقابل 116 مليون جنيه إسترليني، وذلك بحسب تقرير لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
كما يتمرد البرازيلي رودريجو جوس على ريال مدريد خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد تولي تشابي ألونسو المسئولية الفنية للفريق الملكي، خلفًا للإيطالي كارلو أنشيلوتي، ليعيش صاحب الـ24 عامًا فترة حرجة للغاية مع الميرينجي، لاسيما بعد أن فقد مكانه في التشكيل الأساسي سواء مع أنشيلوتي أو ألونسو، الذي بدوره لم يعتمد نهائيًا على الجناح البرازيلي في بطولة كأس العالم للأندية 2025، التي أقيمت مؤخرًا في الولايات المتحدة الأمريكية.
تمرد رودريجو
وكانت صحيفة «ماركا» الإسبانية فجرت مفاجأة من العيار الثقيل، بأن رودريجو رفض خوض مباراة الكلاسيكو الأخيرة أمام الغريم التقليدي برشلونة، التي انتهت بخسارة ريال مدريد 3-4، وذلك بعدما شعر اللاعب بالتهميش في ظل تواجد كيليان مبابي وجود بيلينجهام، بالإضافة إلى توتر علاقته مع مواطنه فينيسيوس جونيور بحسب الصحيفة الشهيرة، لكن أفادت تقارير صحفية بأن رودريجو طلب من إدارة اللوس بلانكوس بالسماح له بالرحيل خلال الميركاتو الصيفي الحالي، في ظل استقباله لأكثر من عرض مغرى، أبرزهم ليفربول وأرسنال وأندية الدوري السعودي.
أما على المستوى المحلي، فهناك شرارة أزمة انطلقت بعد ظهور مميز للفلسطيني وسام أبو علي مهاجم النادي الأهلي خلال منافسات كأس العالم للأندية، حيث لفت الأنظار بتسجيله ثلاثة أهداف أمام بورتو البرتغالي، ما رفع من قيمته السوقية وجعل اسمه محل اهتمام أندية عدة خارجية. ومع نهاية البطولة، بدأت العروض تنهال على اللاعب، إلا أن إدارة الأهلي لم تتلق سوى عرضين رسميين، أحدهما من الوصل الإماراتي، وثانيهما من كولومبوس كرو الأمريكي، وبلغ 6 ملايين دولار، إضافة إلى 10% من قيمة البيع المستقبلي. إلا أن الأحمر تمسك بمبلغ لا يقل عن 9.5 مليون دولار، إلى جانب 2.5 مليون دولار كحوافز، ما أدى إلى تعثر المفاوضات بعد انتهاء المهلة المحددة للنادي الأمريكي في 10 يوليو الجاري.
وسام أبو علي يجني ثمار تمرده
وفي خطوة زادت الأمور تعقيدًا، تغيب وسام أبو علي عن حضور جلسة القياسات البدنية التي كانت مقررة ضمن بداية برنامج الإعداد للموسم الجديد، مبررًا غيابه بمعاناته من إصابة في العضلة الخلفية منذ مباراة بورتو، غير أن الشكوك حول دوافع الغياب بدأت تتصاعد، خصوصًا بعد تصريحات الإعلامي أحمد شوبير، التي أكد فيها أن أبو علي رفض الانضمام لمعسكر الفريق في تونس.
وأشار إلى أنه مصمم على الرحيل، وفي أول رد رسمي من القلعة الحمراء، قرر محمد يوسف المدير الرياضي، بالتنسيق مع المدير الفني خوسيه ريبيرو، استبعاد وسام أبو علي من معسكر الإعداد الخارجي الذي يقيمه الفريق في مدينة طبرقة التونسية، ولكن يأتي ذلك، قبل أن يعلن النادي الأهلي في الساعات القليلة الماضية رحيل وسام أبو علي عن الفريق، وانتقاله رسميًا إلى صفوف كولومبوس كرو الأمريكي بعد الاتفاق على جميع التفاصيل المالية منها نسبة إعادة البيع، ليجني المهاجم الفلسطيني ثمار تمرده بتحقيق حلمه الكروي.
