من وجع القلب إلى خلود اللحن.. قصة فيروز مع زياد في "كيفك إنت" و"بيسألوني"

لم تكن أغنيات فيروز مجرد ألحان وكلمات، بل كانت في كثير من الأحيان مرآة لحكايات إنسانية ومواقف شخصية، خاصة تلك التي جمعتها بنجلها الموسيقار زياد الرحباني، وبين الألم العائلي والاختيارات الشخصية، ولدت روائع خلدها الجمهور في الذاكرة، مثل "سألوني الناس" و"كيفك إنت"، وهما عملان لم يأتيا من فراغ، بل جاءا من لحظات مفصلية في حياة فيروز وزياد، خاض فيها الابن أولى تجاربه الفنية، وكتب لوالدته من وجعه ووجعها، فكان صدق التجربة سببًا في خلود الأغنية.

"سألوني الناس"

خاض زياد الرحباني في عام 1973، أول أزمة ونجاح، بعد تعرض والده عاصي الرحباني لنزيف حاد في الدماغ نقل على إثره للمستفىؤ خلال التحضير لمسرحية "المحطة".

عانت وقتها فيروز وتعرضت لأكثر اللحظات الحرجة بين تحضيرها للمسرحية وتعب زوجها، لتصعد للمسرح وتستعد أثناء البروفات، ولكن لم تتحمل غياب زوجها عاصي ووجدته فارغا طالما كان شاغرا به لتشعر بالألم والحزن.

ليستشعر ذلك شقيق زوجها الشاعر منصور الرحباني، وكتب كلمات أغنيته "سالوني الناس عنك يا حبيبي"، وأسند التلحين إلى زياد، الذي خاض تجربته الأولى في التلحين لوالدته.

لتخلد تلك الأغنية وتحقق نجاحا كبيرا، ولكن لم تنل استحسان عاصي الرحباني عندما تعافى وسمع الأغنية غضب بشدة، واتهمهم بالمتاجرة بمرضه، ورفض إدراج الأغنية في المسرحية، ولكن بعد محاولات من اقناعة، أدرجت والمسرحية، وحققت الأغنية نجاحا كبيرا.

"كيفك إنت"

بعد سالوني الناس والتجربة الأليمة في كلماتها، جاءت كيفك أنت من واقع تجربة حقيقة بين فيروز وزياد الرحباني، بعدما قرر السفر إلى خارج لبنان في فترة السبعينيات للزواج من حبيبته دلال كرم.

ولكن جاءت تحفظات عائلية دفعته للسفر للخارج، وعاد من لبنان ولم يبلغ والدته، ليتقابلا صدقة وتسائله بعتاب وحنين: "كيفك إنت؟ عم بيقولوا صار عندك ولاد؟"، أنا والله كنت مفكرتك برات البلاد".

ليشعر زياد الرحباني بالحزن والعتاب من كلماتها ويقرر تحويلها إلى عمل غنائي، وكتب الأغنية ولحنها، وسجلها بصوته وأخذها إلى فيروز في منزلها، لكنه فوجئ برفضها الاستماع، وقالت له مازحة: "بس ييجي الكهربا"، لتقتنع وسط محاولاته بغنائها لتحقق أكبر شهرة في عالم فيروز الغنائي.