في كل عام، وفي ذكرى ميلادي، أختلي بنفسي قليلًا.
لا أطفئ شموعًا فقط، بل أُشعل بداخلي نورًا.
أنظر خلفي، لا لأندم، بل لأتأمل.
أراقب كيف مرّ العام، ومن مرّ في حياتي،
ومن عبرني كالعاصفة،
ومن ترك في قلبي أثرًا لا يُنسى.
لا أنكر أن بعض الأيام كانت موجعة،
وبعض الأشخاص كانوا مؤذين،
وبعض المواقف نزفتُ فيها أكثر مما توقعت.
لكنني الآن، في عامي الجديد،
أقف أقوى، أنضج، وأهدأ.
كبرت سنة، لكن ليست كأي سنة.
كبرت في الإدراك، في السكون، في اختياراتي.
تعلمت أن أختار راحتي،
أن أعتزل كل ما يؤذيني،
أن أبتعد عن كل ما يستنزف طاقتي،
أن أقول: يكفيني ما مضى، ولن أسمح بتكراره.
أدركت أنني كنت أفرط في العطاء،
أعطي الحب بلا حساب،
أمنح الوقت والاهتمام لمن لا يستحق،
وأبخل على نفسي بما تستحقه من دفء واحتواء.
وأولادي، أنتم هدية العمر، ونور الطريق.
وجودكم سبب في أن أتماسك،
أن أبتسم بعد البكاء،
أن أُعيد ترتيب أولوياتي.
كل سنة تمضي تؤكد لي أن وجودكم هو أثمن ما أملك،
وأنني أريد أن أترك لكم أثرًا لا يُنسى،
ليس ميراثًا ماديًا، بل نورًا من الوعي، وقيمًا تعيش بكم.
قد لا أكون مثالية،
لكنني دومًا مؤمنة بكم،
حتى حين تشكّون في أنفسكم،
أراكم بعينيّ القلب،
وأدع لكم في كل صلاة أن تكونوا أقوى، أحنّ، أصدق، وأنقى.
وأريد منكم أن تتذكروا دائمًا:
أن الوقوع ليس نهاية الطريق، المهم أن تقوموا من جديد.
أن الخطأ ليس نهاية العالم، المهم أن تتعلموا منه.
أن نظرة الناس ليست كل شيء، المهم أن تكونوا صادقين مع أنفسكم.
أن القوة الحقيقية تبدأ من الداخل،
وأن الرضا عن الذات هو أجمل ما يمكن أن يسكن القلب.
وفي لحظة صدق،
أدركت أنه لو لم أحب نفسي،
لن أستطيع أن أحب أحدًا بصدق.
فالحب يبدأ من الداخل،
والعطاء لا يكتمل إلا إذا روينا جذورنا أولًا.
في عامي الجديد،
قررت أن أحبني،
أن أعتني بي كما كنت أعتني بالجميع،
أن أحترم ذاتي، وأطالب باحترامها.
أن أختار بعناية من يبقى، ومن يرحل،
أن أرتّب حياتي بمنطق لا بعاطفة منهكة.
أكتب أهدافي لا كأمنيات عابرة،
بل كخطط واضحة،
بخطى ثابتة،
وقلب ممتن.
وأهم ما قررته: أن أعود إليّ.
أن أختار نفسي، وأعيش بسلام.
وأن أقول: كل عام وأنا بخير، وسأكون بخير.