

يعيش أهالي قطاع غزة حالة إنسانية غير مسبوقة من التدهور نتيجة للمجاعة التي تنهش أبناء القطاع، ويعاني القطاع المكلوم من انهيار كامل للنظم الغذائية نتيجة لشح الإمدادات الغذائية بفعل قوات الاحتلال التي تمنع دخول المساعدات للقطاع منذ اشهر طويلة، بحسب ما رصده برنامج الأغذية العالمي.

وقال برنامج الأغذية العالمي في تقرير له مساء الثلاثاء 22 يوليو 2025، إن نحو 90 ألف طفل وامرأة يعانون من سوء تغذية حاد، تزامناً مع إعلان صادر عن الأمم المتحدة يفيد بمقتل نحو 800 شخص أثناء انتظارهم المساعدات منذ أواخر مايو الماضي.
وأعرب البرنامج عن قلقه العميق إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على منتظري المساعدات الأحد، ما أدى إلى "استشهاد عدد غير معروف من المدنيين، كانوا فقط يحاولون الحصول على الطعام لعائلاتهم وسط خطر المجاعة المتصاعد"، وفق البرنامج العالمي.
مصائد الموت
وارتفع عدد ضحايا "مصائد الموت"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، منذ 27 مايو 2025 إلى 995 قتيلاً و6,011 إصابة، إلى جانب 45 مفقوداً.
في حين ارتفع عدد ضحايا المجاعة داخل قطاع غزة إلى 101 شهيد، بينهم 80 طفلًا، وذلك وفقا لما جاء عن وزارة الصحة في غزة.
وحذرت الأونروا من أن سوء التغذية بين الأطفال دون الخامسة تضاعف خلال الفترة بين مارس ويونيو الماضيين، نتيجة للحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
كما أوضحت أن المراكز الصحية والنقاط الطبية التابعة للأونروا أجرت خلال هذه الفترة ما يقرب من 74 ألف فحص للأطفال للكشف عن سوء التغذية، وحددت ما يقرب من 5500 حالة من سوء التغذية الحاد الشامل وأكثر من 800 حالة من سوء التغذية الحاد الوخيم.
100 منظمة إنسانية تدق ناقوس الخطر للسماح بدخول المساعدات المنقذة للحياة
ومع انتشار التجويع الجماعي في غزة، دقت أكثر من 100 منظمة ناقوس الخطر للسماح بدخول المساعدات المنقذة للحياة، وقالت المنظمات في بيان لها صباح اليوم إنه "في الوقت الذي يجوِّع فيه حصار الحكومة الإسرائيلية سكان غزة، ينضم عمال الإغاثة الآن إلى نفس طوابير انتظار الغذاء، ويخاطرون بإطلاق النار عليهم فقط من أجل إطعام أسرهم، ومع نضوب الإمدادات الآن بشكل كلي، تشاهد المنظمات الإنسانية طواقمها وشركاءها يذوون أمام أعينهم.
وأضاف البيان: "بعد شهرين بالضبط من بدء تشغيل البرنامج الذي توجهه الحكومة الإسرائيلية، أي مؤسسة غزة الإنسانية، تدق أكثر من 100 منظمة ناقوس الخطر، وتحث الحكومات على التحرك: فتح جميع المعابر البرية؛ واستعادة التدفق الكامل للغذاء والمياه النظيفة والإمدادات الطبية ومواد المأوى والوقود من خلال آلية ذات مبادئ تقودها الأمم المتحدة؛ وإنهاء الحصار، والموافقة على وقف إطلاق النار الآن".
مذابح في مواقع توزيع الأغذية
ولفت البيان إلى الخروقات الإنسانية التي تحدث من قبل قوات الاحتلال حيث تحدث المذابح في مواقع توزيع الأغذية في غزة بشكل شبه يومي. وحتى 13 يوليو، أكدت الأمم المتحدة مقتل 875 فلسطينياً أثناء سعيهم للحصول على الغذاء، منهم 201 على طرق المساعدات والباقي في نقاط التوزيع. وجرح آلاف آخرون. وفي الوقت نفسه، شردت القوات الإسرائيلية قسراً ما يقرب من مليوني فلسطيني، وكان أحدث أمر تهجير جماعي صدر في 20 يوليو، ما يحشر الفلسطينيين في أقل من 12 في المئة من مساحة غزة. يحذر برنامج الأغذية العالمي من أن الظروف الحالية تجعل العمليات متعذرة. وأن تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب هو جريمة حرب.
وأوضح البيان أنه: "خارج غزة مباشرة، في المستودعات - وحتى داخل غزة نفسها - توجد أطنان من المواد الغذائية والمياه النظيفة والإمدادات الطبية ومواد الإيواء والوقود، ولا تستطيع المنظمات الإنسانية أن تمسها، حيث مُنعت من الوصول إليها أو تسليمها. لقد خلقت القيود والتأخيرات والتشظي الذي تفرضه حكومة إسرائيل في ظل حصارها الشامل حالة من الفوضى والمجاعة والموت. تحدَّث أحد عمال الإغاثة الذين يقدمون الدعم النفسي والاجتماعي عن التأثير المدمر على الأطفال: "يخبر الأطفال والديهم أنهم يريدون الذهاب إلى الجنة، لأن الجنة فيها طعام على الأقل".
سوء تغذية حاد بين الأطفال وكبار السن
في حين يبلغ الأطباء عن معدلات قياسية لسوء التغذية الحاد، خاصة بين الأطفال وكبار السن، وتنتشر أمراض مثل الإسهال المائي الحاد. الأسواق فارغة، والنفايات تتراكم، والبالغون ينهارون في الشوارع من الجوع والجفاف. يبلغ متوسط التوزيعات في غزة 28 شاحنة فقط في اليوم، وهو أقل بكثير من العدد الكافي لأكثر من مليوني شخص، وقد أمضى العديد منهم أسابيع دون مساعدة.
وأشار البيان إلى أن النظام الإنساني الذي تقوده الأمم المتحدة، لم يفشل بل تم منعه من العمل من قبل قوات الاحتلال، حيث تمتلك الوكالات الإنسانية القدرة والإمدادات للاستجابة على نطاق واسع. ولكن، مع منع الدخول، لا يمكننا الوصول إلى المحتاجين، بما في ذلك فرقنا المنهكة والجائعة.
في 10 يوليو، أعلن الاتحاد الأوروبي وإسرائيل عن خطوات لزيادة المساعدات. لكن وعود ’التقدم‘ هذه تبدو جوفاء عندما لا يكون هناك تغيير حقيقي على الأرض. كل يوم دون تدفق مستمر يعني أن المزيد من الناس يموتون من أمراض يمكن الوقاية منها. الأطفال يتضورون جوعاً أثناء انتظار وعود لا تصل أبداً.
وتابع البيان: "الفلسطينيون محاصرون في دائرة من الأمل والخيبة، في انتظار المساعدة ووقف إطلاق النار، فقط ليستيقظوا على ظروف أكثر تدهوراً. هو ليس مجرد عذاب جسدي، بل نفسي. إذ يلوح البقاء على قيد الحياة مثل سراب. لا يمكن للنظام الإنساني أن يعمل بوعود كاذبة. لا يمكن للعاملين في المجال الإنساني العمل وفقاً لجداول زمنية متغيرة أو انتظار الالتزامات السياسية التي تفشل في تأمين الوصول.
مصر تنجح في إدخال طرود غذائية لتخفف الجوع في غزة
في إطار الدعم الإنساني المتواصل من الدولة المصرية للشعب الفلسطيني، قامت اللجنة المصرية لإعمار غزة بتوزيع طرود غذائية وكميات من الدقيق على آلاف الأسر الفلسطينية النازحة في قطاع غزة، وذلك في ظل أوضاع إنسانية صعبة يمر بها القطاع مع استمرار الحرب وتدهور الأوضاع المعيشية.
وشهدت نقاط التوزيع إقبالا واسعا من العائلات النازحة التي أكدت معاناتها من نقص حاد في الغذاء، ومن ارتفاع جنوني في الأسعار، مع غياب أغلب السلع الأساسية من الأسواق.
وقالت إحدى النازحات: "مفيش حاجة موجودة، ولو لقينا أي حاجة بتبقى غالية جدا، الوضع صعب لأقصى درجة في غزة".
وأضاف نازح آخر: "حتى العيش مش لاقينه، غزة فيها مجاعة لأول مرة في حياتنا، اللجنة المصرية جت في وقت صعب، ربنا يبارك فيهم، وشكرا لمصر والرئيس السيسي".
وتابعت نازحة أخرى: "الوضع مأساوي، الأسعار نار، ومافيش حاجة نأكلها، بس المصريين دايمًا جنبنا"، مشيدة بالدور المستمر الذي تلعبه مصر لدعم الفلسطينيين في أوقات الأزمات.
وأعرب عدد من النازحين عن امتنانهم الكبير للجنة المصرية لما قدمته من مساعدات من طعام لهم وللأطفال لتعيد الأمل وسط المعاناة، مؤكدين أن مصر لم تتخل عنهم في أحلك الظروف.
يأتي هذا الدعم ضمن جهود مصر المستمرة لتخفيف معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، عبر إرسال المساعدات الغذائية والطبية.