عند إعلان نتيجة الثانوية العامة، تتوجه الأنظار عادةً نحو الأب والأم، بوصفهما الطرفين المعنيين مباشرة بمصير الابن، غير أن عنصرًا مهمًّا آخر يقف في خلفية هذا المشهد غالبًا دون أن يُسلّط عليه الضوء الكافي، وهو دور الإخوة والأخوات.
في لحظة الانكسار التي يعيشها الطالب نتيجة تعثره، يمكن للكلمة الصادقة، أو اللمسة الحنون من أخ أو أخت، أن تكون البلسم الذي يُرمّم نفسيته المكسورة، أو السهم الذي يُعمّق جراحه، وهنا تتجلّى أهمية دعم الأخوة، بوصفه أحد الأعمدة النفسية التي قد تغيّر مسار الابن الراسب بصورة جذرية.
لا بأس المهم أنك بخير
يبدأ هذا الدعم من اللحظة الأولى لإعلان النتيجة، حيث يتحرّك أحد الإخوة بهدوء، يقترب من أخيه، لا ليسخر أو يُلقي اللوم، بل ليحتويه، يقول له بصوت خافت وحنون "لا بأس، المهم أنك بخير"، أو "كلنا نمر بلحظات تعثر، وأنا هنا إلى جانبك"، فمثل هذه العبارات البسيطة تُحدث تأثيرًا عميقًا في نفس الطالب، وتمنحه أول شعور بالأمان في لحظة اهتزت فيها ثقته بنفسه.
ويتأكّد هنا ضرورة الابتعاد عن المقارنة أو التذكير بالتفوق السابق، فالأخ الذي يقول: "أنا نجحت من أول مرة، وأنت لم تفعل"، أو الأخت التي تلمّح إلى أنها كانت أكثر اجتهادًا، لا يقدّمان دعمًا، بل يطعنان كرامة الطالب في لحظة انكساره.
الكلمة الطيبة أو الصمت الحكيم
في المقابل، يبني الإخوة الذين يختارون الكلمة الطيبة أو الصمت الحكيم جدارًا نفسيًّا يحمي أخاهم أو أختهم من الانهيار، ولا يقتصر الدعم على الجانب النفسي فقط، بل يمتد إلى خطوات عملية، يمكن للأخ أن يعرض المساعدة في إعداد خطة دراسية جديدة، أو في شرح المواد التي كانت سببًا في الرسوب.
ويمكن للأخت أن تحتضن أختها، وتصطحبها في نزهة قصيرة، أو تشاركها نشاطًا يُخفّف من التوتر، وبهذه الأفعال الصغيرة، يتحوّل الفشل من عبء ثقيل إلى تجربة يمكن تجاوزها.
التخطيط لعام دراسي جديد
وفي البيوت التي يسودها التفاهم، يظهر أثر هذا الدعم بشكل واضح، ويعيد الطالب بناء ثقته بنفسه بسرعة، ويتجاوز إحساس العار، ويبدأ بالتخطيط لعام دراسي جديد بإرادة أقوى، أما في البيوت التي يغيب فيها هذا الدعم، فيتفاقم الشعور بالوحدة، ويتحوّل الإخفاق الدراسي إلى أزمة هوية يصعب الشفاء منها.
