
يشعر الطالب الراسب في الثانوية العامة بثقل كبير يسحق روح، وتتزاحم في رأسه الأسئلة واللوم والخوف من نظرات المجتمع وكلمات الأقارب.

وفي ظل هذا الضغط، يقف الأب والأم أمام لحظة فارقة، إما أن يدمرا نفسية ابنهم، أو أن ينقذاها، فطريقة التعامل مع الرسوب لا تقل أهمية عن الرسوب نفسه، بل قد تصنع الفرق بين طالب ينهض وطالب ينهار.
حين يعرف الوالدان بنتيجة الرسوب، يجب أن يضبطا انفعالاتهما فورًا، فالصراخ، التوبيخ، التهديد، جميعها تصرفات تفتح جرحًا نفسيًا عميقًا،. كثير من الأبناء لم يتجاوزوا رسوبهم الدراسي، بسبب الإهانات التي تلقوها بعدها.
خطوات التعامل باحتواء مع الطالب الراسب
يبدأ التعامل الصحيح بالصمت الواعي، لا بالتفجر الانفعالي، فالصمت هنا مساحة تلتقط فيها الأسرة أنفاسها قبل اتخاذ أي موقف.
بعدها، يتحرك الأب نحو الابن بحوار حقيقي، يسأله عن شعوره، عن لحظة استلام النتيجة، عن أصعب ما مرّ به في العام الدراسي، وتنصت الأم باهتمام، وتهز رأسها تفهمًا، وتلمس كتف ابنها بحنان.
في هذه اللحظة، يبدأ الطالب بإخراج ما في صدره، وتبدأ عملية الترميم النفسي الأولى، الإنصات وحده يخفف نصف الألم.
ثم تأتي المرحلة الأهم، وهي فصل الخطأ عن الشخصية، فلا يجب أن يصف الأب ابنه بـ"الفاشل"، ولا أن تقول الأم "ضيّعت مستقبلك"، فالفشل في الامتحان لا يعني الفشل في الحياة.
نعم قد أخطأ الطالب، لكن قيمته لم تسقط مع سقوط درجاته، وهنا تعيد الأسرة بناء ثقته بنفسه، وتشعره أنه ما زال موضع تقدير، رغم الإخفاق.
بعد ذلك، يبدأ الأبوان بتحليل الأسباب، يسألان هل كانت هناك مشكلات صحية؟ هل عانى من صعوبة فهم المواد؟ هل تعرض لضغط نفسي أو تنمر؟ هل قصّر هو فعلًا؟ ثم يشاركانه وضع خطة جديدة للعام القادم، خطة مرنة واقعية، لا قائمة على التهديد، بل على التشجيع والمتابعة.
في الوقت نفسه، يتجنب الأبوان المقارنة، لا يذكران أسماء أبناء الجيران، ولا ينظران إلى الناجحين نظرة حسرة، وكل طالب له مساره، وكل عقل له توقيته، والمقارنة تقتل الدافع وتغرس الحقد، أما الاحتواء، فيغرس الأمل.
بهذا النهج، لا يتحول الرسوب إلى وصمة، بل إلى نقطة بداية، وبدل أن تنهار نفسية الطالب، تقف على قدمها من جديد، ويمضي إلى عامه الدراسي المقبل بقلب أقوى وعقل أصفى.