أخبار عاجلة
مميزات برامج كلية تمريض جامعة حلوان -

تكريم مستحق للمثقف الدبلوماسي محمد بن عيسى الذي جعل من مدينة أصيلة بوابة العرب إلى العالم

تكريم مستحق للمثقف الدبلوماسي محمد بن عيسى الذي جعل من مدينة أصيلة بوابة العرب إلى العالم
تكريم مستحق للمثقف الدبلوماسي محمد بن عيسى الذي جعل من مدينة أصيلة بوابة العرب إلى العالم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في تكريم مستحق، احتفى معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في دورته العشرين باسم الوزير والمفكر المغربي الراحل محمد بن عيسى، الذي خصصت له ندوة مميزة تحت عنوان "محمد بن عيسى: رحلة العطاء والابتكار الثقافي"، أدارها الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، بمشاركة نخبة من المثقفين والكتّاب الذين عرفوا الرجل عن قرب، ولامسوا تأثيره العميق في العمل الثقافي والدبلوماسي العربي.

رمز للفكر العربى

وفي افتتاح الندوة، قال الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية: "نحتفي اليوم بأحد رموز الفكر والثقافة العربية، الذي لم يكن مجرد وزير أوسفير، بل صاحب مشروع حضاري حقيقي.، محمد بن عيسى لم يغب رغم رحيله، فما قدمه من مبادرات ثقافية وتنموية لا يزال حاضرا في وجداننا جميعا."

وأضاف أن يوم التكريم "يُعدّ من الأيام التاريخية في سجل المكتبة، التي تحتفي اليوم برجل وحّد بين الثقافة والعمل العام".

 وجه سعادة السفير محمد آيت وعلي، سفير جلالة الملك محمد السادس في مصر، في مداخلته خلال الندوة، الشكر إلى مكتبة الإسكندرية، واصفا إياها بأنها: "صرح ثقافي عظيم في الوطن العربي، يربط التاريخ بالحاضر، ويؤكد أن مصر، أرض الكنانة، قدمت الكثير للثقافة العربية والعالمية عبر مفكريها ومبدعيها."

اعتراف بالجميل

وأضاف سعادة السفير أن اختيار محمد بن عيسى شخصية المعرض لهذا العام هو بمثابة:  "اعتراف بالجميل لرجل حمل مشاعر صادقة من التقدير والمحبة لمصر، التي احتضنته خلال مرحلتيه الثانوية والجامعية، وفيها تشكل فكره الثقافي ووعيه العروبي."

وأكد سعادة السفير أن بن عيسى استطاع "بصبر ومثابرة وإبداع أن يؤسس منتدى أصيلة الثقافي الدولي"، مضيفا:  "نجح في جمع كل تيارات الفكر والإبداع العربي، وكان يحمل فكرا وسطيا جامعا بين ثقافة اليسار وثقافة اليمين، وهو ما أعطى لمشروعه طابعا فريدا وعابرا للحدود."

حضور ثقافى عالمى

تحدث الأستاذ أحمد المسلماني عن تجربة محمد بن عيسى في تحويل بلدته الصغيرة "أصيلة" إلى نموذج ثقافي عالمي، قائلا: "بن عيسى جعل من أصيلة مدينة تشبه دافوس السويسرية وكان الفرنسية، نجح في فرض حضور ثقافي عالمي رغم محدودية الموارد، جمع بين النخبة والجمهور، بين السياسة والفن، وكان مثالا نادرا في إدارة اقتصاد الندرة."

وأشار إلى تشابه مساره مع بن عيسى من حيث "التجربة الفكرية العابرة للحدود"، قائلا:  "كان يؤمن بأن الثقافة قادرة على إضاءة المدن، وهذا ما فعله طوال حياته."

دينامو الثقافة

أما الأديب محمد سلماوي، فقد اعتبر أن محمد بن عيسى كان "دينامو الثقافة" في المغرب والعالم العربي، موضحا:  "حين كان في البرلمان، لم يتخل عن دوره الثقافي، بل كان محركا فاعلا للثقافة الوطنية، أسس منتدى أصيلة الثقافي في وقت كان فيه العالم العربي منقسما، ونجح في جمع النقائض، وربط المغرب بالمشرق."+

وأضاف أن الفترة التي قضاها بن عيسى في مصر "رغم قصرها إلا أنها كانت مرحلة تكوين"، مشيرا إلى أنها "شكلت فكرة العروبة والقومية في وعيه المبكر"، وهو ما انعكس لاحقا في مشاريعه.

تعزيز الحوار بين الثقافات 

من جهته، وجه الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، الشكر إلى مكتبة الإسكندرية على هذا التكريم، قائلا: "بن عيسى شخصية ثقافية وإنسانية متفردة، مشروع منتدى أصيلة الذي أطلقه منذ أكثر من أربعة عقود ليس مجرد مهرجان، بل نموذج راق للعمل الأهلي في خدمة الثقافة والإبداع."

وأشار إلى أن المنتدى "استقطب أسماء لامعة من مختلف الحضارات، وسعى دائمًا لتعزيز الحوار بين الثقافات".

اختتم الكاتب الصحفي سليمان جودة الحديث بتوصيف شامل لمسيرة الراحل، حيث قال:  "محمد بن عيسى يتشابه مع المدن متعددة الأبواب، فقد تنقل بين الإعلام، والدبلوماسية، والعمل الأهلي، والإبداع، دون أن يفقد بوصلته الفكرية."

وأضاف أن المفكر الراحل كان يؤمن بالكلمة كسلاح ناعم، واستمر على مدار 45 دورة متتالية من منتدى أصيلة في تجديد المشروع، ما جعله "صوتا عالميا في الثقافة"، وأكسب مدينة أصيلة موقعا استثنائيا على خارطة الإبداع العالمي.

مشروع ثقافى طموح

ولد محمد بن عيسى في مدينة أصيلة المغربية عام 1937، المدينة التي ستصبح لاحقا عنوانا لمشروعه الثقافي الطموح، ومختبرا حيا لأفكاره حول التغيير الحضاري من بوابة الثقافة،  تلقى تعليمه الجامعي في مصر، ما أكسبه صلة وجدانية وفكرية عميقة بالمشرق العربي، قبل أن يكمل مساره الأكاديمي في الولايات المتحدة ويحصل على بكالوريوس في الاتصالات من جامعة مينيسوتا.

امتدت مسيرة بن عيسى المهنية من أروقة الأمم المتحدة في نيويورك وأديس أبابا، إلى منظمة الفاو في روما، وصولا إلى المناصب الوزارية والدبلوماسية البارزة في المغرب، شغل منصب وزير الثقافة والشباب والاتصال، ثم وزير الخارجية بين عامي 1999 و2007، وكان قبلها سفيرا للمغرب في واشنطن، هذه التجربة الدبلوماسية لم تبعده عن همه الثقافي، بل عززت رؤيته حول أهمية القوة الناعمة والرمزية الثقافية في العلاقات الدولية.

إلا أن الإرث الأبرز لبن عيسى يبقى مهرجان أصيلة الثقافي الدولي، الذي أطلقه عام 1978، فحول بلدة صغيرة على المحيط الأطلسي إلى منصة حوار حضاري عالمي، وملتقى فكري وفني لكبار المثقفين والرسامين والباحثين من الشرق والغرب، وبفضل هذا المشروع، حصدت أصيلة جوائز دولية، أبرزها جائزة آغا خان للعمارة، وتحولت إلى نموذج فريد في دمج الفن بالتحول الحضري والتنمية الاجتماعية المستدامة.

إن تكريم محمد بن عيسى اليوم، بعد رحيله في مارس 2025، ليس مجرد وفاء لرجل، بل إقرار بقيمة المشروع الذي أنجزه، وبدروس التجربة التي قدّمت الثقافة كخيار للتنمية، لا ترفا فكريا، ومثلما آمن هو بأن "الكلمة تستطيع أن تغير المدن"، تظل أصيلة شاهدة على ذلك الإيمان العميق، وعلى رجل جعل من الثقافة جسرا بين الشعوب، ومن مدينته الصغيرة نافذة على العالم.

*كاتبة وإعلامية مغربية

840.webp
جانب من ندوة التكريم

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق يوسف جربوع: تعزيز الأمن في السويداء بالتنسيق مع قوات الجيش والشرطة السورية
التالى خسارة فنية أم مكسب مادي؟.. الأهلي يكشف كواليس رحيل حمدي فتحي (خاص)