في كل حكاية، هناك لحظة لا تُنسى. ليست لحظة اللقاء، بل لحظة الرحيل.. تلك اللحظة التي يهبط فيها الصمت كغبار كثيف، وتختلط فيها المشاعر، فلا تعرف أأنت حزين لأن أحدهم غادر، أم لأنك لم تعد ترى فيه ما يستحق البقاء.
الوجوه التي أحببناها يومًا لا ترحل كلها دفعة واحدة، بعضها يختفي تدريجيًا، صوتًا بعد صوت، وذكرى بعد ذكرى، حتى تصبح مجرد ظل في الزاوية، لا يؤلم، لكنه لا يُنسى.
وهكذا تمضي الأيام.. ويبقى في القلب أثر لا نُجيد تسميته: هل هو خذلان؟ أم حكمة متأخرة؟ أم مجرد نهاية أخرى، لم تُكتب كما تمنينا؟
في زمنٍ لم تعد فيه القلوب مرجعًا، بل العقود.. لم يعد البقاء مرهونًا بالمشاعر، بل بالمكاسب. وهكذا، طوى وسام أبو علي آخر صفحة له في كتاب الأهلي، كتاب لم يُكمل فصوله، ولم ينتظر حتى الخاتمة.
موسم ونصف فقط، كانت كافية ليحفر اسمه في الذاكرة، لا في القلب.. سجل، ساعد، اجتهد، صنع لحظات، لكنه رحل تاركًا وراءه شعورًا مُربكًا.
شعور لا يشبه مشاعر الغضب من لاعب قصر، بل غضب من طريقة الرحيل، من الصمت، من الجحود، من عدم الاعتراف بفضل الكيان.
نعم، الأهلي استفاد من رحيل وسام. العرض الأمريكي كان مجزيًا للنادي، والقرار كان عقلانيًا على الورق.. لكن كرة القدم لا تُلعب على الورق فقط، بل على وتر المشاعر أيضًا.
جمهور الأهلي، كما هي طبيعته، لا يغضب من البيع إذا كان لمصلحة النادي، بل يغضب من الخروج البارد، من الكلمات المبتورة، من التصرفات التي لا تُشبه من عاش تحت راية القلعة الحمراء.
ووسط هذا الغضب، لم يتردد بعض الجمهور في الهجوم، وربما التجاوز، وربما القسوة.
لا خائن ولا فدائي
فالجماهير حين تُحب تُقدس، وحين تُخدش عاطفتها، تتحول إلى نيران.. واللاعب، أي لاعب، عليه أن يدرك أن المغادرة لا تُقاس فقط بالأرقام، بل بطريقة السلام الأخير.
لكن لو نظرنا بعين وسام، لوجدنا رواية أخرى.. هو يرى أنه قدم، وأخلص، واحترم عقده، وأنه حين ظهر عرض أقرب لطموحاته المادية والمعيشية، لم يتردد -خاصة لو كان 30 ضعفًا- لم يخن، بل اختار مصلحته، كما يفعل ملايين الموظفين يوميًا.
المشكلة فقط، أن كرة القدم ليست "وظيفة عادية"، وأن الجماهير لا تفهم لغة الحسابات وحدها.
في النهاية، وسام لم يكن فارسًا أحمر ضحى من أجل القلعة، ولم يكن خائنًا باع القميص.. هو مجرد لاعب محترف، جاء في توقيت مثالي، وترك خلفه أرقامًا لا تُكذب.. وذكرى ملتبسة.
ربما يومًا ما، حين يُسأل عن أجمل محطاته، سيبتسم ويتذكر الأهلي.. أما الأهلي أو غيره، فسيواصل الحياة، لأنني دائمًا من أنصار “مفيش مكان بيوقف على حد ولا حد بيوقف على مكان”، نعم التأثير سيكون واضحًا لكنه لن يقف!
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.