شهدت العاصمة الكولومبية بوجوتا، في 15 و16 يوليو 2025، انعقاد المؤتمر الطارئ لمجموعة لاهاي، حيث التقت ممثلون عن أكثر من 30 دولة من إفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية لمناقشة الأزمة الإنسانية المتصاعدة في فلسطين.
ووفقًا لتقرير نشرته موقع موندويس الأمريكي، أعلنت 12 دولة، هي بوليفيا، كولومبيا، كوبا، إندونيسيا، العراق، ليبيا، ماليزيا، ناميبيا، نيكاراجوا، وسلطنة عُمان، وسانت فنسنت وجرينادين، وجنوب إفريقيا، عن فرض عقوبات على إسرائيل تهدف إلى قطع تدفق الأسلحة والمعدات العسكرية التي تسهل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في غزة.
وأكدت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، خلال المؤتمر، أن هذه العقوبات تمثل خطوة تاريخية لإنهاء "عصر الإفلات من العقاب" وتعزيز تطبيق القانون الدولي، مشددة على أن الحديث عن فلسطين هو حديث عن المقاومة في قلب المأساة.
أهداف العقوبات ودور مجموعة لاهاي
ركز المؤتمر، الذي نسقته مجموعة لاهاي بقيادة كولومبيا وجنوب إفريقيا، على وضع إجراءات عملية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وأوضح ماوريسيو جاراميلو جاسير، نائب وزير الشؤون متعددة الأطراف في كولومبيا، أن العقوبات ليست انتقامية، بل تتماشى مع القانون الإنساني الدولي.
تشمل هذه الإجراءات ست نقاط رئيسية تهدف إلى:
منع توريد الأسلحة والذخائر والوقود العسكري والمعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى إسرائيل، لضمان عدم مساهمة الصناعات الوطنية في تمكين الإبادة الجماعية.
منع عبور أو رسو السفن التي تحمل هذه المواد في المياه الإقليمية أو الموانئ، بما يتماشى مع القوانين الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS).
حظر نقل الأسلحة عبر السفن التي ترفع أعلام الدول المشاركة.
مراجعة العقود العامة للتأكد من عدم دعم الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني.
تعزيز المساءلة عن الجرائم الدولية من خلال تحقيقات ومحاكمات مستقلة.
دعم الاختصاص القضائي العالمي لضمان العدالة للضحايا ومنع الجرائم المستقبلية.
وأكد جاراميلو وزين دانجور، مدير عام إدارة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب إفريقيا، أن هذه الإجراءات تمثل جزءًا من جهد عالمي لكسر الصمت الدولي الذي سمح باستمرار الفظائع في فلسطين.
موقف كولومبيا والدعم الدولي
أكد الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو، في خطابه الختامي، التزام بلاده بقطع جميع علاقات تجارة الأسلحة مع إسرائيل، مشددًا على وقف تصدير الفحم الكولومبي إلى إسرائيل، الذي يُستخدم في تصنيع الأسلحة.
وأشار إلى أن استمرار تصدير الفحم يتعارض مع قرارات حكومته، واصفًا ذلك بأنه "خيانة" تحول كولومبيا، خامس أكبر مصدر للفحم عالميًا، إلى أداة تسهم في "قتل الإنسانية".
وأضاف بيترو أن بلاده ستواصل دعم حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، مؤكدًا أن الاعتراف بفلسطين ليس مجرد رمز، بل فعل مقاومة ضد التوسع الاستعماري.
كما دعمت هذه الخطوة منظمات دولية متعددة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، التي وصفت غزة بأنها "أكثر الأماكن جوعًا على الأرض"، مما يعزز شرعية هذه القرارات.
تحديات مستمرة
ألقت فرانشيسكا ألبانيزي الضوء على الوضع الإنساني الكارثي في غزة، مشيرة إلى أن الإبادة الجماعية، التي تصاعدت خلال العشرين شهرًا الماضية، أودت بحياة أكثر من 60 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال.
وأكدت أن دول الجنوب العالمي، بقيادة جنوب إفريقيا وكولومبيا، تقود جهود المواجهة ضد هذه الانتهاكات، مشددة على ضرورة انضمام المزيد من الدول لهذه الجهود.
من جانبه، قدّم الطبيب الفلسطيني-الأمريكي ثائر أحمد، الذي عمل في مستشفى ناصر بغزة، شهادة مؤثرة، مؤكدًا أن الأرقام الرسمية للضحايا لا تعكس الواقع المروع، واصفًا غزة بأنها "جحيم على الأرض".
وأضاف أن استمرار الإبادة يوميًا يهدد بمحو الفلسطينيين من التاريخ، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان العدالة وتوفير مستقبل آمن للأطفال الفلسطينيين.
أهمية المؤتمر ودور المجتمع الدولي
أكدت فارشا جانديكوتا-نيلوتلا، الأمينة التنفيذية لمجموعة لاهاي، أن المشكلة ليست في نقص الوضوح بشأن الانتهاكات، بل في نقص الشجاعة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأشارت إلى أن المؤتمر يمثل نقطة تحول تاريخية قد تسهم في إنهاء الاقتصاد القائم على الإبادة الجماعية الذي دعم إسرائيل.
كما دعا وزير الخارجية الفلسطيني رياض منصور إلى تعزيز التعاون مع مجموعة مدريد، التي تضم أكثر من 20 دولة أوروبية وعربية، لكسر الحصار الإسرائيلي.
وأكد منصور أن هذه الجهود لن تكون مجرد سياسات استعراضية، بل خطوات ملموسة لوقف الجرائم وتحقيق العدالة، مشددًا على أن الاعتراف بفلسطين هو فعل مقاومة ضد التوسع الاستعماري.
دعوة لاتخاذ إجراءات أوسع
على الرغم من أهمية الإجراءات التي اتفقت عليها الدول الـ12، أقرت الوفود المشاركة بأن هذه الخطوات ليست كافية بمفردها. هناك حاجة إلى إجراءات أكثر قوة وشمولية لضمان وقف الإبادة الجماعية ومعالجة الانتهاكات المستمرة.
وأكدت ألبانيزي أن هذا المؤتمر قد يكون بداية لتغيير السردية العالمية حول القضية الفلسطينية، داعية إلى جعل الأمل "انضباطًا" يحافظ عليه المجتمع الدولي.
كما شددت على ضرورة حماية حرية التعبير، التي تواجه هجمات متزايدة، خاصة عند مناقشة القضية الفلسطينية، سواء من خلال قمع أصوات الطلاب أو استهداف الصحفيين في غزة.
دعوة للتضامن العالمي
ودعا الموقع الأمريكي إلى دعم الصحافة المستقلة التي تتحدى الرواية التي يتبناها الاحتلال الإسرائيلي كما دعا إلى كشف الحقائق حول فلسطين، مشيرًا إلى أن حرية التعبير تواجه تهديدات غير مسبوقة.