
تواصل وزارة الموارد المائية والري جهودها الدؤوبة لمعالجة التحديات البيئية والزراعية التي تواجه واحة سيوة، التي تبعد حوالي 300 كيلومتر جنوب غرب مرسى مطروح، يأتي هذا التحرك استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة إيجاد حلول جذرية لمشاكل المياه في الواحة، وهو ما يندرج ضمن خطة القيادة السياسية الطموحة لاستعادة التوازن البيئي في المنطقة، وتنفذ وزارة الري حاليًا مشروعًا متكاملًا لتطوير منظومة الري والصرف في سيوة، وتم الانتهاء من مرحلتين بنجاح، مما كان له أثر إيجابي كبير في الحفاظ على الأراضي الزراعية بالواحة، ويجري حاليًا استكمال المراحل الأخيرة من هذا المشروع الحيوي.
ويهدف المشروع بشكل أساسي إلى تحقيق التوازن بين معدلات سحب المياه والمناسيب الآمنة لبرك الصرف الزراعي، بالإضافة إلى توفير حلول جذرية لمشكلة السحب الجائر للمياه الجوفية وارتفاع منسوب مياه الصرف الزراعي في المنطقة، هذه المشاكل، التي تراكمت على مدار سنوات، أثرت سلبًا على البيئة الزراعية الفريدة لسيوة، ويتم تنفيذ هذه الأعمال بالتعاون الوثيق مع عدد من الجهات المعنية، بما في ذلك الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وكلية الهندسة بجامعة القاهرة، كما يلعب أهالي الواحة دورًا فعالًا ومحوريًا في إنجاح هذا المشروع، وهو ما يعكس الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي والثقافي لمصر، وتؤكد هذه الجهود التزام الدولة المصرية بتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، مع التركيز على المناطق ذات الأهمية البيئية الخاصة مثل واحة سيوة.
فواحة سيوة، واحدة من أشهر الواحات، وتواجه منذ 30 عامًا مشاكل بيئية وزراعية تتمثل في ارتفاع منسوب المياه الأرضية بسبب تراكم مياه الصرف الزراعي، إضافة إلى مشكلة السحب الجائر للمياه الجوفية من خزان الحجر الجيري المتشقق، الذي يعد المصدر الرئيسي لمياه الري في الواحة، وتسبب هذا السحب العشوائي في زيادة ملوحة المياه الجوفية، ما أثر سلبًا على الأراضي الزراعية في المنطقة، حيث يعد النشاط الزراعي هو النشاط الرئيسي لغالبية سكان الواحة، والتي يعتمدون عليها لتوفير مصدر دخل لهم خاصة النخيل والزيتون والنعناع.
وأمام هذه التحديات الكبيرة، جاءت خطوة وزارة الموارد المائية والري لتنفيذ هذا المشروع الفريد، الذي يستهدف معالجة تلك المشكلات بشكل جذري، حيث يعتمد المشروع على الحلول المستدامة التي تراعى البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ويهدف إلى استعادة التوازن البيئي في واحة سيوة وضمان استدامة الموارد المائية للأجيال القادمة.

خفض منسوب المياه في بركة سيوة إلى المناسيب الآمنة
وتتضمن خطة التطوير العديد من المشاريع الكبرى التي تهدف إلى تحسين كفاءة استخدام المياه، وتوفير الحلول المناسبة لمشاكل المياه الجوفية والملوحة، وأولى هذه الخطوات كانت خفض منسوب المياه في بركة سيوة إلى المناسيب الآمنة، بعد أن كانت البركة تعاني من زيادة منسوب المياه فيها نتيجة تراكم مياه الصرف الزراعي، ما كان يؤثر سلبًا على الأراضي الزراعية والأنشطة الاقتصادية.
كما تم تنفيذ أعمال تعلية وتقوية الجسور حول بركة سيوة بهدف تقليل الأضرار الناتجة عن ارتفاع مناسيب المياه في السنوات الماضية، وتلك الأعمال الهندسية شملت دعم الجسور بمواد وتقنيات حديثة تساهم في حماية الأراضي الزراعية والمباني والمنشآت السياحية المطلة على البحيرة، وتهدف هذه الإجراءات إلى ضمان حماية هذه الأراضى من أي فيضانات أو زيادات مفاجئة في منسوب المياه، وهو ما يساهم في استعادة الأرض خصوبتها بعد أن شهدت تدهورًا في السنوات الأخيرة.
جانب آخر من المشروع يتضمن حفر آبار عميقة لاستخراج المياه العذبة من خزان الحجر الرملي النوبي، وهو خزان مياه جوفية عميق يحتوي على المياه العذبة التي سيتم خلطها مع المياه السطحية التي يتم الحصول عليها من الآبار المحلية، ويساعد هذا التوجه على تقليل ملوحة المياه في الواحة ويزيد من وفرة المياه المتاحة للزراعة، كما تم إغلاق العديد من الآبار الجوفية العشوائية التي كانت تسحب المياه بشكل غير منظم، وهو ما ساهم في تقليل استنزاف المياه الجوفية السطحية، وهو ما يجعل المشروع أكثر فاعلية في الحفاظ على هذه الموارد المائية.

حفر قناة مفتوحة لنقل مياه الصرف الزراعي من المصارف المؤدية لبركة سيوة
كما يتضمن المشروع أيضاً حفر قناة مفتوحة لنقل مياه الصرف الزراعي من المصارف المؤدية إلى بركة سيوة، وتمتد هذه القناة على مسافة 33.7 كيلومتر والتي تطلب حفرها 14 شهرًا من العمل بواسطة 300 معدة و400 مهندس وفني وعامل، وهي تهدف إلى نقل مياه الصرف الزراعي إلى مناطق أقل تأثرًا بهذه المياه في المنطقة، مما يساهم في تقليل تلوث المياه في البركة وتحسين البيئة الزراعية في الواحة، كما تم إنشاء محطة رفع أنطفير، والتي تصرف بطاقة 60 ألف م 3/ يوم، لإعادة توجيه كميات مياه الصرف الزراعي الزائد لمجموعة مصارف سيوة التي كانت تصب في بركة سيوة، ونقلها إلى مسار القناة المفتوحة التي تمتد بطول 34 كم، عبر خطي الطرد، بقطر 500 مم و بطول 6 كم، بحيث تصب خارج نطاق الواحة، في حوض سحب محطة رفع أنطفير بمنخفض عين الجنبي.
كما تضم 7 مجموعات لرفع المياه، التي تقوم بنقل مياه الصرف الزراعي من مصارف عدة مثل أنطفير، وسيوة الغربي، وملول، عبر قناة تمتد لمسافة 5.7 كيلومتر، والتي تصل إلى القناة المفتوحة التي تم تنفيذها لنقل المياه إلى مناطق منخفضة، وتساعد هذه المحطة في تقليل الضغط على بركة سيوة من خلال توزيع المياه بشكل أكثر كفاءة في الواحة، وتضم كذلك 3 طلمبات تحضير، وعنبر طلمبات وحوض سحب بسعة 3000 م٣، ومحولى كهرباء قدرة 500 كيلو فولت، ومنظومات حماية ضد الحريق، وونش كهربائي حمولة 3 أطنان.

الانتهاء من حفر 12 بئرًا عميقة لاستخراج المياه العذبة من خزان الحجر الرملي النوبي
وتم الانتهاء من حفر 12 بئرًا عميقة لاستخراج المياه العذبة من خزان الحجر الرملي النوبي، بهدف خلطها مع مياه الآبار السطحية، كما تم تنفيذ أعمال تقوية وتعلية وتدعيم 4 جسور حول بركة سيوة، وذلك لتقليل الأضرار الناتجة عن ارتفاع مناسيب المياه خلال السنوات الماضية، والتي أثرت سلبًا على بعض الأراضي الزراعية والمباني والمنشآت السياحية، وجار العمل في إنشاء محطة رفع لنقل جزء من مياه بركة بهي الدين لمنحفض عين الجنبي لتتكامل مع ما تم تنفيذه ببركة سيوة.
ويكتسب هذا المشروع أهمية بالغة في تحسين الوضع البيئي والزراعي في واحة سيوة، إذ إنه يعيد الحياة إلى الأراضي الزراعية التي تدهورت بسبب ارتفاع منسوب المياه وزيادة الملوحة في المياه الجوفية، كما يسهم المشروع في استعادة التوازن البيئي للمنطقة، وتحقيق الاستخدام المستدام للموارد المائية أيضًا من خلال تطبيق حلول مثل حفر الآبار العميقة واستخدام المياه العذبة في خلط المياه، والذي يضمن استدامة المياه في الواحة وتحسين خصوبة الأراضي، وهو ما يعزز من القدرة الإنتاجية للزراعة ويعطي الفرصة للمزارعين في سيوة لزيادة محاصيلهم الزراعية وتحسين جودة الإنتاج، ما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي في المنطقة.
ومن العوامل الرئيسية التي تساهم في نجاح هذا المشروع هو التعاون بين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ووزارة الموارد المائية والري، إضافة إلى جامعة القاهرة، ممثلة بكلية الهندسة، التي ساهمت بكوادرها العلمية في وضع الحلول الهندسية للمشكلات التي تواجه الواحة، علاوة على ذلك، يلعب أهالي الواحة دورًا محوريًا في تنفيذ المشروع، حيث يعملون جنبًا إلى جنب مع الجهات الحكومية لضمان نجاح المشروع وضمان استدامة الموارد المائية في المنطقة.

رئيس الوزراء: مشروع معالجة مشكلة الصرف الزراعى بسيوة لمستقبل الأجيال القادمة
وفي تصريحات سابقة أشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى أن مشكلة مياه الصرف الزراعي الزائد عانت منها واحة سيوة لقرابة 30 سنة، لافتًا إلى أنه عندما كان مسئولاً عن التخطيط العمراني في عام 2006، أي منذ أكثر من 15 عاماً، كان يتم طرح هذا المشروع على أنه يسهم في إنقاذ الواحة، والحمد لله، مع توافر الإرادة السياسية، والعمل الجاد، تم إيجاد حل للمشكلة.
ولفت رئيس مجلس الوزراء، إلى أن الدولة عازمة على التصدي للمشكلات وعدم تأجيلها لتفاقم آثارها، معتبراً أن مشروع معالجة مشكلة الصرف الزراعي بسيوة تكلف كثيراً وهناك حرص على استكماله سريعاً، لكونه يفيد الواحة ويدعم خطط نموها وتنميتها، مشدداً على أن الدولة في هذه المرحلة تتخذ البديل الأصعب وهو مواجهة المشكلة رغم التكلفة، فما يتم تنفيذه في كل بقعة من مصر يمثل تحدياً وستجني الأجيال القادمة ثماره.

وزير الرى: تكلفنا 3 مليارات جنيه لحل مشكلات قائمة بالواحة منذ 30 عامًا
ومن جهته قال الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، إن مصر حققت العديد من الإنجازات في مشروع «تطوير منظومة الري والصرف بواحة سيوة»، والذي بلغت تكلفته 3 مليارات جنيه، مؤكدًا أنه تم تنفيذ المشروع بالتعاون مع كلية الهندسة بجامعة القاهرة وأهالي واحة سيوة، بهدف وضع حلول جذرية لمشكلات قائمة منذ 30 عامًا.
ووجه وزير الري، بضرورة الاستمرار في متابعة كل الأعمال الجارية داخل واحة سيوة، مع مواصلة رصد مناسيب المياه وتفعيل منظومة التليمترى في المتابعة الدقيقة، وشدد على استكمال خطة غلق الآبار السطحية العشوائية التي تسحب المياه الجوفية بشكل جائر، واتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق أي آبار مخالفة تستحدث مستقبلاً، إلى جانب تشجيع المزارعين على التحول إلى نظم الري الحديث لترشيد استخدام المياه.
وأكد وزير الري، أن أعمال التطوير تنفذ بتعاون وثيق بين الوزارة، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وكلية الهندسة بجامعة القاهرة، وبمشاركة مجتمعية من أهالي الواحة، موضحًا أن هذه الجهود تهدف لاستعادة التوازن البيئي للواحة وتحقيق استقرار في مناسيب برك الصرف الزراعي، ما يسهم في استعادة عافية الأراضي الزراعية التي عانت من التدهور خلال السنوات الماضية.
وأوضح وزير الري، أن أعمال التطوير الحالية تهدف لوضع حلول جذرية قائمة منذ 30 عاماً لمشكلة زيادة الملوحة بمياه «خزان الحجر الجيري المتشقق» نتيجة الحفر العشوائي للآبار، والذى يُعتبر الخزان الرئيسي لإنتاج مياه الري بالواحة، وأيضًا لحل مشكلة زيادة كميات مياه الصرف الزراعى، والتى أدت لارتفاع منسوب المياه الأرضية بالأراضى الزراعية بالواحة وهو الأمر الذى أثر سلبًا على هذه الأراضى، حيث بدأت الوزارة في تنفيذ خطة لتنمية الواحة وتطوير ما بها من جسور للبرك وآبار وعيون طبيعية، حيث يتم حفر آبار عميقة لإنتاج المياه العذبة من خزان الحجر الرملي النوبي للخلط مع مياه الآبار السطحية وإغلاق العديد من الآبار الجوفية، والتى كانت تسحب المياه من الخزان الجوفى السطحي بشكل جائر، وتنفيذ أعمال لتقوية وتعلية وتدعيم عدد من الجسور ببركة سيوه لتقليل الأضرار الناتجة عن ارتفاع مناسيب المياه خلال السنوات الماضية، والتى أثرت سلباً على بعض الأراضى الزراعية والمبانى والمنشآت السياحية الواقعة على البحيرة.
وأضاف وزير الري، أنه تم الانتهاء من إنشاء قناة مفتوحة بطول 33.7 كيلومتر لنقل مياه الصرف الزراعي من خمسة مصارف إلى منخفض عين الجنبي، مرورًا بمحطة رفع "أنطفير"، التي تضخ المياه عبر قناة بطول 5.7 كيلومتر، كما أنجز حفر 12 بئرًا عميقًا لاستخراج المياه العذبة من خزان الحجر الرملي النوبي لاستخدامها في خلط المياه، مقابل غلق عدد من الآبار السطحية المخالفة.
وأشار وزير الري، أن أعمال التطوير تحظى بإهتمام القيادة السياسية، وتتكامل فيها مجهودات مؤسسات الدولة المعنية متمثلة في وزارة الموارد المائية والري والهيئة الهندسية للقوات المسلحة وكلية الهندسة بجامعة القاهرة، وأهالي الواحة لتطوير المنظومة المائية بطرق مستدامة تراعى كل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتحقق الاستقرار لأهالي الواحة مع استدامة موارد الواحة المائية للأجيال القادمة، مضيفاً أن هذه المجهودات من شأنها استعادة التوازن البيئي بالواحة، وتحقيق التوازن بين معدلات سحب المياه والمناسيب الآمنة لبرك الصرف الزراعى بالواحة.
وفي إطار حماية بركة سيوة، قال وزير الري، إنه تم تنفيذ أعمال تقوية وتعلية لـ4 جسور حول البركة، للحد من آثار ارتفاع مناسيب المياه على الأراضي والمباني والمنشآت السياحية، كما يتم إنشاء محطة رفع جديدة لنقل جزء من مياه بركة بهي الدين إلى منخفض عين الجنبي، لتتكامل مع مشروع بركة سيوة بالتعاون مع إدارة المياه بالهيئة الهندسية.

بدء أعمال المرحلة الثالثة لمشروعات خفض منسوب مياه الصرف الزراعى
وفي السياق ذاته، أعلن اللواء وليد منصور، رئيس مركز ومدينة سيوة، عن بدء أعمال المرحلة الثالثة لمشروعات خفض منسوب مياه الصرف الزراعي في واحة سيوة، والتي يتم تنفيذها بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري وجامعة القاهرة، وأن الجهود الحالية تركز على تنفيذ المرحلة الثالثة من مشروع تطوير منظومة إدارة الري والصرف الزراعي في الواحة، والتي تشمل تبطين القناة المفتوحة، وإنشاء محطة رفع الغزالات، بالإضافة إلى أعمال خطوط السحب والطرد لمحطة رفع الغزالات.
وأشار منصور، إلى أنه تم الانتهاء من تنفيذ أعمال إنشاء شبكات الري لباقي الآبار العميقة بعمق 1300 متر، كما تم تنفيذ أعمال تدعيم الجسور التي تجمع مياه الصرف الزراعي من الأراضي في مناطق تنتاكل وفطناس داخل واحة سيوة.

تطوير منظومة الرى والصرف فى واحة سيوة








