أعلن البطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، خلال ترؤسه القداس الإلهي بمناسبة عيد ميلاد والدة المسيح في دير صيدنايا – سوريا بتاريخ 9 أغسطس 2023، عن قرب انطلاق جلسات المجمع المقدس في 18 أكتوبر ٢٠٢٥، حيث سيتم بحث ملفات عدة، من أبرزها إعلان قداستين جديدتين لكاهنين دمشقيين استشهدا في القرن الماضي.
نحو تقديس شهيدين من الكهنة
يتجه المجمع المقدس في جلسته القادمة نحو إعلان القداسة للكاهنين الأب نيقولا خاشي والأب حبيب خاشي (ابنه).
وهما كاهنان دمشقيان ارتبط اسمهما بخدمة الكنيسة والاضطهاد من أجل الإيمان، واستُشهدا في القرن العشرين، واحتفظت بهما الذاكرة الأنطاكية كرمزين من نور، مثّلا القداسة في أبسط صورها وأكثرها صدقًا.
الأب نيقولا خاشي: كاهن مقاوم ومربٍ ومُضطهَد
قبل رسامته كاهنًا، كان الأب نيقولا ناشطًا في دعم عودة بطريركية أنطاكية إلى العرب بعد قرون من السيطرة اليونانية. ساهم في تطوير المدارس، ثم رُسم كاهنًا وخدم في أبرشية دمشق، ليُكلّف لاحقًا من قبل البطريرك ملاتيوس دوماني بالإشراف على مطرانية مرسين المهجورة.
نجح الأب نيقولا في إعادة إحياء الرعية، رغم ظروف الاضطهاد والتطهير العرقي، مما أثار غضب السلطات التركية التي اعتقلته وعذبته حتى الموت.
الأب حبيب خاشي: من الأعمال إلى الكهنوت ثم إلى الشهادة
الابن الأكبر للأب نيقولا، الأب حبيب خاشي، سار على خطى والده. رغم نجاحه في عالم الأعمال، اختار الكهنوت وخدم في دمشق والقاهرة. تميّزت خدمته بمحبة للفقراء وتفانٍ في العطاء رغم إمكانياته المحدودة
تُوّجت خدمته بالاستشهاد على جبل الشيخ، حيث قُتل على يد مهربين فقط لأنه كاهن مسيحي، محققًا رغبته في أن يكون تلميذًا حقيقيًا لأبيه في الحياة والموت.
رسالة المجمع: القداسة ليست حكرًا على الرهبان
يرى المجمع المقدس في إعلان هذه القداسة رسالة روحية واضحة:أن القداسة ليست حكرًا على الرهبان والمتوحدين، بل تمتد إلى الكهنة المتزوجين، والعائلات المسيحية التي تكرّس حياتها بإيمان وصدق.
كما يعكس هذا القرار صورة الكاهن الذي لم يهرب من الفقر ولا تخلّى عن الرعية رغم شدة الظروف، بل عاش بينهم كواحدٍ منهم، واعتبرهم عائلته وخدمهم كخدام المسيح.
استكمالًا لمسيرة القديس يوسف الدمشقي
يأتي هذا التوجه في سياق استكمال المسار الروحي الذي بدأه المجمع سابقًا بإعلان القديس يوسف الدمشقي، ليؤكد من جديد أن الكنيسة تكرّم كل من بذل ذاته في خدمة الإيمان، سواء كان راهبًا أو كاهنًا متزوجًا، وأن الشهادة والمحبة هما جوهر القداسة، أينما وُجدتا.