تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم، الأحد ٦ يوليو ٢٠٢٥، الذكرى السنوية الثانية عشرة لرحيل القس مينا عبود شاروبيم، كاهن كنيسة مارجرجس بالعريش، الذي قُتل في مثل هذا اليوم من عام ٢٠١٣، برصاصات غادرة استهدفت خدمته وحياته، ونيّته الثابتة في حمل صليبه على أرض سيناء المضطربة، شاهدًا للمسيح حتى النفس الأخير.
ولد أبونا مينا عبود عام ١٩٧٤، وسيم كاهنًا في مارس ٢٠١٢، ليخدم في مدينة العريش بشمال سيناء، في وقتٍ كان يشهد تصاعدًا في أعمال العنف ضد الأقباط. ورغم التحديات، ظلّ الكاهن الشاب يواصل خدمته ببساطة وهدوء، بروح الخادم المحب والراعي الأمين.
وكان قبل كهنوته خادمًا نشطًا ومُعلّمًا متميزًا للألحان القبطية في كنيسة العذراء والأنبا بيشوي بالأميرية، حيث تخرّج على يديه عشرات من المرتلين والخدام. عُرف بمحبة الناس، وببساطة القلب، والغيرة الروحية الملتهبة.
خادم ألحان ومحبة وبساطة.. اغتيل في سيناء على اسم المسيح
في صباح السبت ٦ يوليو ٢٠١٣، تعرّض أثناء عودته من زيارة رعوية في العريش لهجومٍ مسلح، أسفر عن استشهاده بتسع رصاصات، ليكمل جهاده الروحي مُتكللًا بإكليل الشهادة.
الكاهن القبطي.. منذ لحظة الرسامة
إن الكاهن في الكنيسة القبطية لا يحمل فقط صليبًا خشبيًا، بل يحمل دعوة للشهادة بالقول، وبالموقف، وبالحياة، وربما بالموت أيضًا. منذ لحظة ارتدائه الزي الأسود، يصبح الكاهن شاهدًا على نور المسيح وسط ظلمة هذا العالم، ومسؤولًا عن خلاص نفوس كثيرة.
“الكاهن القبطي شاهد ”.. ورسالة السماء ما زالت تُعلَن عبر دماء الأبرياء
وفي جيلنا المعاصر، لم تغب الشهادة عن الكهنوت: فهناك من قدّم دمه، ومن تحمّل الاضطهاد، ومن عاش شاهداً للنعمة بصلواته وسيرته. ويبقى صوت الدم صارخًا في الكنيسة: “هذه هي الطريق، اسلكوا فيها”.
“صلي عنا يا أبونا مينا”
تمرّ السنوات، ولا تُمحى الذكرى. تظل سيرة القس مينا عبود صفحة مضيئة في سفر شهداء الكنيسة المعاصرين، ونموذجًا للكاهن الذي لم يعتبر الحياة ثمينة لديه، بل بذلها في أرض الصليب. وبينما تواصل الكنيسة صلواتها من أجل الوطن وخدامه، يبقى صوته شاهدًا على أن الحب لا يسقط أبدًا، وأن الشهادة ليست نهاية.