أثارت حادثة مقتل الشاب الأمريكي من أصل فلسطيني، سيف الدين كامل عبد الكريم مصلط، في بلدة سنجل شمال رام الله بالضفة الغربية المحتلة، غضبًا واسعًا ودعوات للتحقيق من عائلته والمجتمع الدولي. تعرض مصلط، البالغ من العمر 20 عامًا، للضرب المبرح حتى الموت على يد مستوطنين إسرائيليين أثناء محاولته حماية أرض عائلته من محاولات استيلاء من قبل مستوطنين، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست.
وتسلط الحادثة الضوء على تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023، وسط انتقادات لصمت الحكومة الأمريكية ومطالب بمحاسبة المسؤولين. ووفقًا للصحيفة الأمريكية، طالبت عائلة مصلط وزارة الخارجية الأمريكية بإجراء تحقيق فوري في الحادث.
تفاصيل الحادث وشهادات العائلة
وقعت الحادثة في خربة التل بجبل الباطن في بلدة سنجل، حيث هاجم مستوطنون إسرائيليون فلسطينيين خلال مواجهات اندلعت إثر محاولات استيلاء على أراضٍ فلسطينية. وفقًا لبيان عائلة مصلط، الذي نقلته المحامية ديانا حلوم، وكان سيف الدين، مواطن أمريكي ولد في فلوريدا ويعيش في تامبا، يزور الضفة الغربية منذ يونيو 2025 لقضاء وقت مع أقربائه. أكدت العائلة أن المستوطنين حاصروا سيف لأكثر من ثلاث ساعات، منعوا المسعفين من الوصول إليه، واعتدوا عليه بوحشية حتى توفي في طريقه إلى المستشفى. أفادت وزارة الصحة الفلسطينية أن سبب الوفاة كان "ضربًا شديدًا في جميع أنحاء الجسد"، مشيرة إلى مقتل فلسطيني آخر، محمد رزق حسين الشلبي (23 عامًا)، برصاص المستوطنين في الصدر خلال المواجهات ذاتها، مع إصابة عشرة آخرين بجروح وكسور. وفقًا لشبكة سي إن إن الإخبارية، وثقت السلطات الفلسطينية تفاصيل الإصابات والوفيات في هذه الحادثة.
ردود الفعل الأمريكية والإسرائيلية
أثارت الحادثة جدلًا واسعًا بسبب الجنسية الأمريكية للضحية. أكدت وزارة الخارجية الأمريكية علمها بالحادث، لكنها امتنعت عن التعليق الإضافي "احترامًا لخصوصية العائلة"، موجهة الأسئلة إلى الحكومة الإسرائيلية.
وصرح المتحدث باسم الوزارة، ماثيو ميلر، أن سلامة المواطنين الأمريكيين في الخارج هي "أولوية قصوى".
وفقًا لصحيفة واشنطن بوست، أثارت هذه الاستجابة المقتضبة انتقادات من ناشطين أمريكيين، حيث اتهم أحدهم الحكومة الأمريكية بالتواطؤ بسبب دعمها المستمر لإسرائيل. من جانبها، أعلنت الشرطة الإسرائيلية اعتقال ستة أشخاص، بينهم مستوطنان وجندي احتياط، ويخضع الحادث لتحقيق مشترك من جهاز الأمن العام (الشاباك) والشرطة.
أشار الجيش الإسرائيلي إلى أن المواجهات بدأت برشق فلسطينيين للحجارة على مستوطنين، مما أدى إلى إصابات طفيفة لإسرائيليين، واستخدمت القوات وسائل تفريق "غير قاتلة". وفقًا لصحيفة واشنطن بوست، أثارت هذه الرواية الإسرائيلية انتقادات لعدم معالجتها لوحشية الهجوم.
السياق الإقليمي وتصاعد عنف المستوطنين
تأتي الحادثة وسط تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
ووثقت السلطة الفلسطينية مقتل ما لا يقل عن 955 فلسطينيًا على يد قوات إسرائيلية أو مستوطنين منذ ذلك الحين.
وفقًا لشبكة سي إن إن الإخبارية، يشكل توسيع المستوطنات الإسرائيلية انتهاكًا للقانون الدولي، كما أكد مكتب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي دعا إلى إنهاء الاحتلال.
كما ألغى الرئيس دونالد ترامب في يناير 2025 عقوبات فرضها سلفه جو بايدن على مستوطنين متورطين في اعتداءات، مما زاد من الانتقادات لسياسات واشنطن. تشمل قائمة الضحايا الأمريكيين في الضفة الغربية الصحفية شيرين أبو عاقلة (2022) والمراهق عمر محمد ربيع (2024)، مما يعكس نمطًا من العنف دون محاسبة كافية.
مطالبات بالعدالة
أعربت عائلة مصلط عن صدمتها وحزنها العميق، واصفة سيف بأنه "شاب لطيف ومجتهد ومتعلق بتراثه الفلسطيني".
وطالبت بتحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين، معتبرة الحادث "كابوسًا لا يمكن تصوره". وفقًا لصحيفة واشنطن بوست، أثارت القضية غضب ناشطين أمريكيين، الذين اتهموا الحكومة الأمريكية بالصمت المريب والتواطؤ من خلال تمويل إسرائيل.
وأشار شاهد عيان، عبد الصمد عبد العزيز، إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي منع الوصول إلى مصلط لمدة أربع ساعات، مما ساهم في وفاته.
وفقًا لصحيفة واشنطن بوست، تدعي إسرائيل وجود "روابط تاريخية ودينية" بالضفة الغربية، رافضة فتوى محكمة العدل الدولية التي اعتبرت الاحتلال وتوسيع المستوطنات غير قانونيين. مع استمرار التحقيقات، تظل القضية رمزًا للتوترات المتصاعدة في الضفة الغربية، حيث يطالب الفلسطينيون والمجتمع الدولي بمحاسبة المستوطنين وإنهاء الانتهاكات ضد المدنيين.
