أخبار عاجلة

الطريق إلى أوبك.. كيف تأسست المنظمة وما أهدافها المعلنة؟ (تقرير)

الطريق إلى أوبك.. كيف تأسست المنظمة وما أهدافها المعلنة؟ (تقرير)
الطريق إلى أوبك.. كيف تأسست المنظمة وما أهدافها المعلنة؟ (تقرير)

شهدت صناعة النفط العالمية تحولات تاريخية عميقة، قادت في نهاية المطاف إلى تأسيس منظمة أوبك في عام 1960، بهدف إدارة الأسواق وتنسيق السياسات النفطية بين الدول المنتجة، بعدما عانت الأسواق فوضى طويلة بسبب غياب جهة منظمة.

وفي هذا السياق قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي إن تاريخ الصناعة يثبت أن غياب الإدارة المنسقة أدى إلى انهيارات كبيرة وارتفاع التكاليف وزيادة الهدر، وهو ما عجّل بظهور الحاجة إلى تنظيم عالمي.

وأوضح الحجي أن روكفيلر عبر شركته "ستاندرد أويل" سيطر على الصناعة في نهاية القرن الـ19، لكنه واجه قوانين مكافحة الاحتكار في أميركا، ما أدى إلى تفكيك إمبراطوريته عام 1911، ليدخل القطاع مرحلة جديدة من الفوضى وعدم الاستقرار.

وبيّن أن الحكومة الأميركية أوعزت إلى سلطات محلية، مثل تكساس وأوكلاهوما، بتنظيم الأسواق، وصولًا إلى تدخل الحرس الوطني في الحقول، في حين ظهرت "الأخوات السبع" بصفتها شركات دولية احتكرت الإنتاج في الخارج، ما خلق هيمنة واسعة النطاق.

وأكد أن هذا الواقع دفع الدول المنتجة، خاصة في الخليج وفنزويلا، إلى إدراك حجم الاستغلال الذي مارسته الشركات الأجنبية، وهو ما زرع بذور الفكرة التي تجسّدت لاحقًا في تأسيس منظمة أوبك بصفتها إطارًا لتنظيم الأسواق النفطية.

جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان: "تكويع وكالة الطاقة الدولية هديتها لأوبك في ذكرى تأسيسها الـ65".

من هيمنة الشركات إلى بروز الفكرة

قال أنس الحجي إن شركات "الأخوات السبع" الأوروبية والأميركية سيطرت على أكثر من 90% من الأسواق العالمية خارج الولايات المتحدة، بعد حصولها على امتيازات واسعة من دول ضعيفة اقتصاديًا وسياسيًا، ما أدى إلى تعميق الخلل.

وأضاف أن الدول المنتجة بدأت تعي خطورة الوضع مع توسع أنشطة الشركات الأجنبية في السعودية وفنزويلا، إذ لاحظ المسؤولون المحليون أن العوائد لا تعكس حجم الاستغلال، وأن الصناعة بحاجة إلى تنظيم يمنح المنتجين دورًا أكبر في تقرير مستقبلهم.

وأشار إلى أن الوزير السعودي عبدالله الطريقي والوزير الفنزويلي خوان بابلو بيريز تبادلا الأفكار خلال الأربعينيات والخمسينيات، بعدما درس بيريز في تكساس نظام الحصص الإنتاجية وكيفية مراقبة الآبار، وهو ما ألهمه فكرة قابلة للتطبيق عالميًا.

كلمة الدكتور عبدالله الطريقي خلال إعلان تأسيس منظمة أوبك
كلمة الدكتور عبدالله الطريقي خلال إعلان تأسيس منظمة أوبك

ولفت أنس الحجي إلى أن اجتماعات متعددة جرت بينهما، قبل مشاركتهما في مؤتمر بمدينة تايلور في ولاية تكساس عام 1960، حيث أعلنا للمرة الأولى نية تأسيس منظمة أوبك، وسط ترحيب من المنتجين المستقلين في الولايات المتحدة.

وأوضح أن ذلك الإعلان في مايو/أيار 1960 شكّل الخطوة الأولى العملية نحو تأسيس المنظمة، قبل أن تتبلور الفكرة بصورة أكبر في اجتماع بغداد التاريخي الذي ضم السعودية والكويت والعراق وإيران وفنزويلا.

وبيّن أن الدول الـ5 اتفقت رغم اختلافاتها السياسية العميقة؛ إذ رأت أن مصالحها النفطية واحدة، وأن التعاون يحقق مكاسب جماعية، وهو ما ظل سمة بارزة في عمل منظمة أوبك حتى خلال فترات النزاعات الإقليمية الكبرى.

وأكد أن هذه الروح المشتركة بين المنتجين مثّلت تحوّلًا جذريًا في تاريخ الأسواق، إذ انتقلت الإدارة من قبضة الشركات الاحتكارية إلى إطار حكومي دولي، ما منح الدول المنتجة قوة تفاوضية أكبر أمام المستهلكين.

أهداف أوبك المعلنة

قال أنس الحجي إن منظمة أوبك عند تأسيسها لم تسعَ إلى الاحتكار كما صورتها بعض وسائل الإعلام الغربية، بل أعلنت أهدافًا واضحة، أهمها ضمان استقرار الأسواق العالمية، وتأمين إمدادات منتظمة وكافية للمستهلكين بتكاليف معقولة.

وأوضح أن الهدف الثاني تمثّل في ضمان دخل عادل ومستمر للدول المنتجة، بحيث تنعكس ثرواتها النفطية على التنمية الداخلية، بدلًا من أن تذهب معظم العوائد إلى الشركات الأجنبية التي كانت تسيطر على الموارد.

تحالف أوبك+

وبيّن مستشار تحرير منصة الطاقة أن الهدف الثالث ركّز على تحقيق عائد منصف لرؤوس الأموال المستثمرة في قطاع النفط، بما يشجع على تطوير الصناعة وزيادة الكفاءة التشغيلية، وهو ما يمثّل جانبًا اقتصاديًا يعزّز التوازن بين المنتجين والمستثمرين.

وأشار إلى أن الغرب اعتبر هذه الأهداف مجرد غطاء للاحتكار، لكنه تجاهل أن الحكومات الأميركية نفسها مارست تنظيم الأسواق سابقًا عبر تكساس وأوكلاهوما، بل حتى باستعمال قوات مسلحة لحماية المصالح النفطية.

وأكد أن منظمة أوبك سعت منذ البداية إلى بناء آلية مؤسسية تحد من الفوضى، وتمنع الانهيارات التي شهدتها الأسواق مرارًا في الماضي، بما يحمي مصالح المنتجين والمستهلكين معًا، وهو جوهر الفكرة الأصلية.

وأضاف أن الخلافات السياسية بين الدول الأعضاء لم تمنعها من الالتقاء حول مصلحة مشتركة؛ إذ استمر التنسيق حتى في أثناء الحرب العراقية الإيرانية، ما يثبت أن أوبك جسّدت مفهوم "المصالح النفطية أولًا".

وختم الحجي بتأكيده أن الطريق إلى أوبك كان مليئًا بالتحولات التاريخية، لكنه أرسى نموذجًا عالميًا لإدارة الأسواق ما زال قائمًا حتى اليوم، رغم كل التحديات والانتقادات التي تحيط بالمنظمة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تقديم مباراة تشيلسي وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي
التالى ماذا تفعل إذا شممت رائحة غاز في منزلك؟.. 8 خطوات تنقذ حياتك