رأت صحيفة تليجراف البريطانية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي طالما اعتبر نفسه تلميذًا لرئيس الوزراء البريطاني الراحل وينستون تشرشل، يواجه اليوم خطر السقوط السياسي على الطريقة ذاتها التي أطاحت بالزعيم البريطاني عقب انتصاره في الحرب العالمية الثانية، حين رفضه الناخبون في انتخابات عام 1945 رغم قيادته النصر.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد استعراض نتنياهو لانتصاراته في ضربات "عملية الأسد الصاعد" ضد إيران، يخشى اليوم من أن تؤدي نهاية حرب غزة أو إجراء انتخابات مبكرة إلى خسارة محتملة، تمامًا كما خسر تشرشل رغم انتصاراته العسكرية.
ورغم تحسن شعبيته بعد الهجمات على إيران، فإن استطلاعات الرأي لا تمنحه أغلبية مريحة، إذ ما زال المشهد السياسي الإسرائيلي منقسمًا بين معسكر "نتنياهو" ومعسكر "ضده". وتشير المحللة السياسية داليا شيندلين إلى أن التحسن في أرقام نتنياهو لم يترجم إلى "قفزة حاسمة"، حيث يخيّم على الشارع الإسرائيلي شعور عام بالإحباط والغضب بسبب مصير الرهائن والحرب الطويلة.
ويحاول نتنياهو كسب الوقت، بحسب محللين، من خلال المماطلة في إنهاء حرب غزة وتأجيل الحسم بشأن تجنيد الحريديم، أملًا في عبور الصيف وبداية عطلة الكنيست دون انهيار ائتلافه، مما يمنع الدعوة لانتخابات قبل أكتوبر المقبل. ويتوقع أن يعلن عن موعد الانتخابات في نهاية العام، لتُجرى في موعد قريب من الحد الأقصى القانوني في أكتوبر 2026.
وعلى الجهة الأخرى، يستعد خصومه، مثل نفتالي بينيت الذي أسس حزبًا جديدًا باسم "بينيت 2026"، ويُنظر إليه كمرشح محتمل لقيادة المعسكر المعارض. كما يُحتمل أن ينضم إليه غادي آيزنكوت، الجنرال السابق في الجيش والذي يحظى بتعاطف واسع بعد فقدان نجله في الحرب الأخيرة، وقد بات يُعد "رمزًا لمعاناة الإسرائيليين العاديين".
وكان بينت، وهو رجل أعمال مليونير، بدأ مسيرته السياسية من موقع أكثر يمينية من بنيامين نتنياهو – إذ يُعد أول سياسي إسرائيلي من التيار العام يروّج لفكرة ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة بشكل رسمي – ويُنظر إليه من قبل كثيرين على أنه أكثر كفاءة من نتنياهو على الصعيدين الاقتصادي والإداري.
وفي المقابل، يواجه نتنياهو ليس فقط خطر الهزيمة السياسية، بل أيضًا المحاكمة الجنائية على خلفية قضايا فساد داخلية، وتقييد حريته في السفر بعد مذكرة توقيف صادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ومصادر قضائية داخل إسرائيل تقول إن نتنياهو قد يحصل على صفقة قانونية تقيه السجن... بشرط واحد: أن يعتزل الحياة السياسية نهائيًا – وهو خيار لا يبدو أن نتنياهو أو زوجته سارة على استعداد لقبوله.
وبين ذاكرة تشرشل الثقيلة و"كابوس السابع من أكتوبر" الذي يرفض أن يُمحى من ذاكرة الناخب، يحاول نتنياهو النجاة، لكن دون أفق واضح يضمن له نهاية مشرفة أو استمرارًا في السلطة.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق