نظم المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي صالونه الثقافي لمناقشة ورقة السياسات التي تقدم بها المفكر سمير مرقص بعنوان "حقوق المواطن الإنسان في زمن اللامساواة العالمي"، وذلك بحضور السفير الدكتور محمود كارم رئيس المجلس، الدكتور مجدي عبد الحميد المدير التنفيذي للمشروع الأوروبي، سمير مرقص الكاتب والمفكر السياسي ، الدكتور عمرو الشوبكي مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، عزت إبراهيم عضو المجلس وأمين اللجنة الثقافية بالمجلس.
أكد رئيس المجلس، أن المجلس ينطلق في عمله من قناعة راسخة بأن قضايا حقوق الإنسان ليست شأناً قطاعياً محدوداً، بل قضية مجتمعية شاملة تتقاطع مع مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، موضحاً أن استقلالية المجلس ليست مجرد مبدأ يُعلن وإنما ممارسة متواصلة تُترجم من خلال برامجه وأنشطته المختلفة التي تستهدف تعزيز الوعي الحقوقي وترسيخ قيم المواطنة.
توفير فضاءات مدنية للحوار الفكري والحقوقي
وأضاف كارم أن المجلس يسعى عبر تنظيم مثل هذه اللقاءات إلى توفير فضاءات مدنية للحوار الفكري والحقوقي، والتي تُشكل جسرًا للتفاعل بين النخبة الفكرية والأكاديمية من جهة وصانع القرار من جهة أخرى بما يسمح ببلورة رؤى وسياسات أكثر شمولًا وعدالة، مشدداً أن إطلاق هذا الصالون الثقافي يمثل تحولًا استراتيجيًا في مسار عمل المجلس، إذ لا يقتصر دوره على الرصد والتوثيق وهو جوهر عمل المؤسسات الوطنية بل يتوسع ليشمل مناقشة أوراق سياسات نوعية تسهم في إثراء النقاش العام وتوفر قاعدة معرفية تدعم مُتخذي القرار في مواجهة التحديات المتزايدة في المجال الحقوقي.
ومن جانبه تطرق سمير مرقص في عرضه إلى البُعد الحقوقي من زاوية جديدة مؤكدًا أن القضايا البيئية والمناخية باتت متشابكة مع قضايا العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وأن الدول الكبرى رغم رفعها شعارات حقوق الإنسان تُكرّس عبر سياساتها الاقتصادية والاحتكارية أنماطًا متزايدة من اللامساواة.
وأوضح أن الفكر الحقوقي انتقل من المقاربة القانونية–النصوصية إلى ما يُعرف بـ"المقاربة السياقية"، التي تقرأ الحقوق في ضوء الواقع المعيش للمجتمعات.
ورأى أن القرن الأخير شهد أوسع عملية لإعادة تشكيل البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما أدى إلى مَأسسة اللامساواة وترسيخها، وهو ما تجسد بوضوح في ظاهرة ما يُعرف بـ"مجتمع الـ1%"، حيث تتركز الثروة والسلطة في يد فئة محدودة على حساب الأغلبية.
وفي هذا الإطار دعا مرقص إلى التمييز بين حقوق الإنسان وحقوق المواطنة، مع الإقرار بارتباط الأولى تاريخيًا بظهور الدولة القومية، مؤكدًا أن الحقوق الكونية لا تزال بعيدة عن التحقق الكامل، وهو ما يستدعي البحث عن سبل جديدة للتلاقي بين مساري الحقوق والمواطنة لبناء عقد اجتماعي أكثر عدالة.
وأكد الشوبكي على أن اللامساواة أصبحت إحدى السمات الجوهرية للنظام العالمي المعاصر، موضحًا أن حقوق الإنسان لا يمكن أن تُختزل في نصوص أو لوائح جامدة بل يجب أن تُترجم إلى ممارسات واقعية تعكس احتياجات المجتمعات وتحدياتها.
حقوق الإنسان قضية كلية ترتبط بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية
وشدد على أنه لا توجد أي خصوصية ثقافية أو سياسية يمكن أن تُتخذ ذريعة لانتهاك الحقوق الأساسية، داعيًا إلى تجاوز الخطاب الشعاراتي والنظر إلى حقوق الإنسان باعتبارها قضية كلية ترتبط بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على المستويين المحلي والعالمي.
وشهد اللقاء مشاركة عدد من الشخصيات العامة والباحثين والخبراء في مجالات الفكر والحقوق والسياسة، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، وعدد من الإعلاميين والمهتمين بالشأن العام.
ترسيخ قيم حقوق الإنسان في المجتمع المصري
واختُتم اللقاء بالتأكيد على أن هذه الصالونات تمثل انطلاقة لسلسلة من الحوارات الفكرية التي يعتزم المجلس تنظيمها بصفة دورية، بما يسهم في ترسيخ قيم حقوق الإنسان في المجتمع المصري، وتعزيز دوره كمنصة للتفاعل المدني والفكري بين مختلف الفاعلين.