رغم سريان وقف إطلاق النار في غزة، لا تزال التوترات بين إسرائيل وإيران قائمة، وهو ما يلقي بظلاله على مستقبل صادرات إيران من الصلب، في ظل تزايد المخاوف من اضطرابات إقليمية أوسع نطاقاً.
وتجددت هذه المخاوف بعد الهجوم الذي شنه الحوثيون – المدعومين من إيران – على سفينة ترفع علم ليبيريا، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وفقدان 11 من أفراد طاقمها.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الحرب ضد حركة حماس "بعيدة عن نهايتها"، ما ينذر باستمرار التصعيد في المنطقة. وفي حال تطور النزاع، يرى مراقبون أن الصين قد تستفيد من تقليص صادرات إيران، لتملأ الفراغ في الأسواق الإقليمية والدولية، لا سيما في جنوب شرق آسيا.
إيران: انخفاض في الصادرات وسط تحديات داخلية وخارجية جوجلتُعد إيران أكبر مصدر للصلب في منطقة الشرق الأوسط، وتتركز صادراتها في دول الجوار وجنوب شرق آسيا. ووفق بيانات منصة BigMint، انخفضت صادرات إيران من الصلب خلال الفترة من أبريل 2024 إلى مارس 2025 بنسبة 11% لتصل إلى 10.04 مليون طن، مقابل 11.3 مليون طن خلال الفترة نفسها من العام السابق.
ومع ذلك، تشير بيانات شركة Petrometals إلى ارتفاع صادرات الصلب شبه المُصنع بنسبة 31% خلال أول شهرين من العام الفارسي الجديد (مارس-مايو 2025)، في مقابل تراجع الإنتاج المحلي بنسبة 6%، نتيجة ضعف الطلب المحلي والمحفزات السعرية الخارجية.
وفي المقابل، سجلت صادرات المنتجات الطويلة انخفاضًا بنسبة 21% على أساس سنوي لتبلغ 488 ألف طن، في حين ارتفعت صادرات المسطحات بنسبة 154% إلى 127 ألف طن.
ورغم استمرار الحرب والعقوبات ونقص الطاقة، تُحاول إيران الحفاظ على مستويات تصدير مقبولة، لكن العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على قطاعها المالي تعيق تنفيذ المعاملات التجارية، خصوصًا عبر نظام SWIFT، ما يزيد من التحديات أمام القطاع التصديري الإيراني.
الصين تهاجم أسواق جنوب شرق آسيا
في المقابل، بدأت شركات إنتاج الصلب الصينية تكثف صادراتها من المنتجات الطويلة، مُزيحة مصانع جنوب شرق آسيا التقليدية من مواقعها.
وتشير التقارير إلى أن الصادرات الصينية من المنتجات الطويلة تضاعفت أكثر من 100% خلال الربع الأول من 2025، مدفوعة بانخفاض تكاليف الإنتاج، وركود الطلب المحلي، واستمرار الدعم الحكومي للصادرات.
وتواجه دول مثل فيتنام وماليزيا وإندونيسيا – وحتى كوريا الجنوبية – صعوبات في الحفاظ على حصصها السوقية، في ظل الأسعار التنافسية التي تطرحها الصين، والتي تراجعت بمعدل 5% في عروض لفائف الحديد الساخن HRC المُصدرة إلى الشرق الأوسط لتصل إلى 475 دولارًا للطن (CFR أبوظبي) في مايو 2025، مقارنة بـ499 دولارًا في يناير.
كما ساهم انخفاض أسعار النفط في تقليل تكاليف الشحن، ما دعم تنافسية الصلب الصيني في الخارج. وتشير البيانات إلى أن إجمالي صادرات الصين من الصلب ارتفع بنسبة 9% خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025 ليصل إلى أكثر من 48 مليون طن، مقابل 45 مليونًا في الفترة نفسها من العام الماضي.
وعند سؤال أحد المصادر الصينية عن إمكانية استفادة بلاده من استمرار التوتر الإيراني الإسرائيلي، أجاب: "نعم، هناك فرصة كبيرة، خاصة أن برامج التحفيز الاقتصادي لم تنجح في تعزيز الطلب المحلي على الصلب".
في ظل الضبابية السياسية والتحديات الاقتصادية التي تواجهها إيران، تبدو الصين في موقع جيد لاستغلال تراجع منافسيها الإقليميين، خاصة مع اضطراب سلاسل الإمداد والعقوبات الدولية. وإذا استمر الصراع، قد نشهد تحولًا كبيرًا في خريطة صادرات الصلب العالمية، تكون فيه الصين المستفيد الأكبر، وإيران الخاسر الأبرز.