
التضخم في أمريكا
لا يزال التضخم في الولايات المتحدة يثير القلق، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي في أغسطس الماضي بنسبة 0.34% مقارنةً بشهر يوليو، وهو ما يعادل معدلاً سنوياً قدره 4.2%، ويُعدّ الأعلى منذ يناير الماضي.
وعلى الرغم من هذا الارتفاع، يبدو أن الأسواق تتجاهل الخطر إلى حد كبير. فعوائد السندات لم تتغير بشكل ملحوظ، وما زالت الأسواق تتوقع خفضاً لأسعار الفائدة في الاجتماع المقبل للبنك المركزي. وهذا الهدوء قد يكون مضللاً، فكما يرى بعض المحللين، المستثمرون يتكيفون ببطء مع وضع خطير، وكأنهم لا يدركون أن المياه تغلي حولهم.
المحركات المتناقضة للتضخم
ارتفعت أسعار السلع الأساسية بنسبة 0.4% شهرياً، وخاصة أسعار السيارات والملابس، وهي قطاعات تتأثر بشكل مباشر بالرسوم الجمركية. ويشير الخبراء إلى أن جزءاً صغيراً فقط من تكاليف هذه الرسوم قد وصل إلى المستهلكين حتى الآن، مما يعني أن الضغوط التضخمية قد تزداد في المستقبل.
في المقابل، قدمت أسعار الخدمات بعض الطمأنينة، حيث تباطأ نموها الشهري. وجاء معظم الارتفاع في هذا القطاع من أسعار تذاكر الطيران المتقلبة، بينما تراجعت "الخدمات الأساسية" بالفعل. هذا التناقض بين ارتفاع أسعار السلع وتباطؤ أسعار الخدمات يعطي المستثمرين والمسؤولين مساحة لتبرير التضخم بأنه مؤقت. لكن إذا استمرت الأسعار في الارتفاع، سيصبح من المستحيل تجاهل المشكلة.
إفلاس "تريكولور": هل هو إشارة لأزمة وشيكة؟
أعلنت شركة "تريكولور"، وهي سلسلة لبيع وتمويل السيارات المستعملة للمستهلكين من أصول لاتينية ذوي الجدارة الائتمانية المتدنية، عن إفلاسها. الشركة، التي تدين لمصارف كبرى بمئات الملايين من الدولارات، تواجه اتهامات بالاحتيال.
هذا الإفلاس يثير قلق من عايشوا الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث يرون فيه تشابهاً مع ما حدث آنذاك: انهيار شركة إقراض عالية المخاطر مرتبطة ببنوك كبرى. فالخبراء الذين عايشوا تلك الأزمة يميلون إلى رؤية أي حادثة ائتمان في ظل سوق متضخمة كجزء من مشكلة أوسع نطاقاً، وليست مجرد حالة فردية.
اقتصاد "كيه" والمقترضون الأكثر ضعفاً
يُعرف الاقتصاد الأمريكي حالياً بأنه اقتصاد "على شكل حرف K"، حيث يواصل الأغنياء تحقيق مكاسب قوية بينما يعاني الفقراء. وفي الماضي، انعكست هذه الفجوة في ارتفاع معدلات التأخر عن سداد القروض، لكن هذه المعدلات استقرت مؤخراً في معظم القطاعات، باستثناء سوق قروض السيارات عالية المخاطر.
وتشير البيانات إلى أن معدلات التأخر في سداد قروض السيارات عالية المخاطر لا تزال أعلى بكثير من مستوياتها قبل الجائحة، وتستمر في الارتفاع تدريجياً.
ومع ذلك، يرى البعض أن إفلاس "تريكولور" قد لا يكون مؤشراً على مشكلة نظامية واسعة، نظراً لصغر حجم سوق قروض السيارات عالية المخاطر نسبياً. كما أن الشركة كانت تخدم شريحة سكانية قد لا تكون لديها الأولوية في سداد أقساط السيارات في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
في الختام، قد لا ينذر انهيار "تريكولور" بأزمة مالية كبرى، لكنه يسلّط الضوء على خطر اقتصادي مستمر: التفاوت المتزايد بين فئات المجتمع، وضعف الطبقات الأقل دخلاً، وهو ما يمثل تحدياً مزمناً للاقتصاد الأمريكي.
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.