أخبار عاجلة

حين تصبح الإدارة لغة للحياة اليومية

حين تصبح الإدارة لغة للحياة اليومية
حين تصبح الإدارة لغة للحياة اليومية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الإدارة.. أسلوب حياة بين جيلين.. منذ سنوات طويلة تعوّدنا أن نربط كلمة "الإدارة" بالمكاتب المغلقة، والملفات المكدّسة، والتعليمات الصارمة التي يتلقّاها الموظفون من رؤسائهم. غير أن الحقيقة أعمق بكثير من هذه الصورة النمطية؛ فالإدارة ليست علمًا جافًا ولا قوانين تنظّم سير العمل فقط، بل هي فنّ يتسلّل إلى تفاصيل حياتنا اليومية، ويصنع الفارق بين النجاح والتعثّر، بين الفوضى والتنظيم، بين الهدر والاستثمار الأمثل للوقت والجهد.

الإدارة تبدأ من أبسط لحظاتنا: من كيفية ترتيب أولوياتنا، والتعامل مع من نحب، والتوفيق بين التزاماتنا العائلية والمهنية، وحتى في طريقة متابعتنا للأخبار أو مباراة كرة قدم. إنها أسلوب حياة يعبّر عن وعي جيلين: جيل يرى الإدارة أداةً للسيطرة وضبط الإيقاع، وجيل جديد يحاول أن يجعلها مساحة للتفاهم، والتوازن، والإبداع.

ونحاول، هنا، أن نكشف كيف يمكن للإدارة أن تتحوّل من نظريات أكاديمية تُدرَّس في القاعات إلى ممارسة واقعية نعيشها في البيت والعمل والشارع. وكيف يمكن لكل واحد منّا أن يجد في الإدارة لغةً للحياة اليومية، لا تُثقله بل تُعينه على أن يحيا بذكاء وفاعلية.

 كالعادة، جلست بعد صلاة العشاء أتابع ما يجري في العالم من أحداث وصراعات عبر شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي. الأخبار تتدفق من كل مكان: فيسبوك، يوتيوب، ورسائل الأصدقاء على "واتساب". وبينما أنا منشغل في متابعة هذا الزخم، فوجئت بابتسامة ساخرة من ابنتي المتبناة مريم، وهي تحمل درجة الدكتوراه في العلوم، لتسألني بدهشة:

ــ كيف تستطيع متابعة كل هذه المصادر في وقت واحد؟ وكيف تفرّق بين صدق ما يُنشر هنا وهناك؟

ابتسمت مازحًا وقلت لها: "لو كنتِ تذكرين عيد ميلادي وأحضرتِ لي هدية بسيطة، لتذكرتِ أنني من مواليد برج الجوزاء، وأحد أبرز صفاته القدرة على القيام بعدة أشياء في وقت واحد!"

لكنها لم تتركني أتهرّب من السؤال، لتذكرني بما كنتُ أقوله في محاضراتي عن فن التواصل: "لا تنشغل عن متحدثك، وأعطه كامل اهتمامك."

لترد: "أراك لا تطبق ما تعلمه للآخرين."

هنا وجدت نفسي مضطرًا إلى التوضيح: "المسألة مختلفة تمامًا. فكما قال العقاد في كتاب عبقرية عمر: المقارنة لا تكون إلا بين أنداد. وأنا لا أتحدث مع شخص كي أنصت إليه، بل أتابع الأخبار من زوايا مختلفة لأفهم المشهد. إذن قياسك في غير محله."

ابتسمت مريم وقالت: "ها أنت تعود دائمًا لعلم الإدارة وتفرض قواعده على كل تفاصيل حياتنا."

أجبتها بثقة: "نعم، الإدارة ليست مجرد علم وظيفي، بل هي فن للحياة. إذا طبقنا قواعدها بوعي، سنوفّر على أنفسنا الكثير من الجهد والمعاناة."

ثم طلبت مني أن نتحاور عن هذه القواعد مباشرة، دون العودة إلى قصص المناصب السابقة أو سرد الإنجازات. عندها توقفت قليلًا لأحييها على عبارة "الإدارة الجيدة"، موضحًا: "دعينا نعتبرها قاعدة ثالثة، فالمقابل الحقيقي للإدارة الجيدة هو الإدارة الفقيرة، وليس كما يشيع البعض 'الإدارة السيئة."

وما إن بدأت أفكر في استكمال حديثي، حتى داهمتني الرغبة في متابعة مباراة ريال مدريد في كأس العالم للأندية. لكن مريم، كعادتها، غضبت لعدم استجابتي الفورية لطلبها، رغم كونها دكتورة تحمل أعلى الدرجات العلمية.

وهكذا انتهى حوارنا مؤقتًا، لكنه أعاد إليّ يقينًا قديمًا: الإدارة ليست نظريات جامدة ندرّسها في القاعات، بل هي أسلوب حياة نعيشه في تفاصيلنا اليومية، حتى ونحن نتابع مباراة كرة قدم!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إندرايف تطلق تطبيق «SuperApp» لتوصيل منتجات البقالة
التالى توفيق محمود رئيسًا تنفيذيًا وعضوًا منتدبًا لشركة «تالي Taly» لحلول المدفوعات الرقمية