تستمر “البوابة نيوز” في طرح التساؤلات على الأدباء والمفكرين حول ريادة مصر الثقافية وأسباب تدهور الوضع الثقافي الراهن ومحاولة لإيجاد حلول جذرية لتلك الإشكالية، وبالعودة إلى استراتيجية وزارة الثقافة، والتي اتخذت رؤيتها وشعارها بـ"الثقافة ركيزة تحقيق التنمية المستدامة وبناء الإنسان المصري" هذا الشعار الذي يتم من خلاله كل ما تقوم به الوزارة من أنشطة ومبادرات ثقافية هدفها تحقيق التنمية المستدامة وأيضًا بناء الإنسان وإرساء مبادئ العدالة الثقافية وهنا نتطرق إلى رسالة الوزارة كما جاءت في الاستراتيجية والتي نصت على التالي: "تعزيز قيم المواطنة وتعميق الولاء والانتماء للهوية المصري، ودعم البيئة الممكنة للإبداع والتميز، وتمثل العدالة الثقافية محورًا أساسيًا في تقديم الخدمات الثقافية دون تمييز بين المواطنين، مع الرعاية الكاملة للمناطق والفئات الأكثر احتياجًا، وتسعى الوزارة إلى الشراكة مع كل الأطراف بما يعزز مكانة وريادة مكانة مصر الإقليمية والدولية".
تحقيق الريادة
كيف يمكن العمل على ذلك من أجل تحقيق تلك الريادة؟.. قال الدكتور محمود الضبع أستاذ النقد الأدبي الحديث ورئيس دار الكتب والوثائق القومية السابق: فيما يتعلق بريادة مصر الثقافية علينا أولاً إعادة النظر في مفهومنا للثقافة، فهل نعني بالثقافة مجرد إنتاج الكتب والمخطوطات أم أننا نعني بالثقافة كل ما ينتجه الإنسان من فكر يمكن تحويله إلى صيغة من صيغ المحتوى المعرفي المتداولة، - على سبيل المثال- علينا ان نوسع مفهومنا عن الثقافة ليشمل الدراما التليفزيونية والإعلانات والميديا والسوشيال ميديا والتصوير والكتابة الإبداعية وكتابة التاريخ، وكتابة الجغرافيا وكل ما ينتجه العقل المصري في المرحلة الأخيرة، بل إن الثقافة قد اتسع مفهومها عالميًّا ليشمل الآن أنواع الطبخ وطرق الحياة والعادات والمعارف الشعبية وكل ما ينتج عن البشر، وإذا حكمنا هذا المفهوم على المجتمع المصري فلن نجد أغنى من مصر في مفرداتها الثقافية".
وتابع “الضبع” في تصريحات خاصة لـ “البوابة نيوز”: "مصر ثرية بعناصرها الثقافية سواء ما ينتمي إلى الحضارة المصرية القديمة أو الثقافة الإسلامية، أو ما ينتمي إلى الحضارة المعاصرة، إذن أين تكمن المشكلة؟، تكمن المشكلة هنا حول هذا الوعي بمفهوم الثقافة، وهو ما يحتاج منا إلى تنوير المشتغلين في العمل الثقافي والإعلامي، والميديا أيضًا، في أن مفهوم الثقافة أوسع من مجرد قصة أو كتاب أو مسرحية، وأن مفهوم الثقافة يشمل الإنتاج الفكري، ولو نظرنا إلى الثقافة من هذا المنظور سنجد أن مصر متقدمة جدًا".
الكتابة الإبداعية
وأضاف: "هنا أريد أن أشير إلى مثال بسيط، هناك بعض المسلسلات التليفزيونية ومنها مسلسل "لام شمسية" ومسلسل "النص" ففى كلا المسلسلين نجد أن الشخصيات التي عملت على صناعة تلك الأعمال هي شخصيات غير مشهورة أو معروفة ولم تكن مدرجًة في قوائم المثقفين المصريين الموجودين في المؤسسات الرسمية، لكنهم أنتجوا عملاً إبداعياً أبهر العالم، وأنا هنا أعطي مثالاً عن مفردة واحدة لوزارة الثقافة على أن مصر ليست متأخرة ولكن المتأخر في مصر هو الوعي بما نتحدث عنه.. هذا من جانب، ومن الجانب الآخر أن المتأخر هو عدم تقديرنا من قيمة ما نملك".
مفهوم الثقافة
وتساءل: "ماذا يفيد الإنسان إذا كان يمتلك كنزًا مدفونًا وهو لا يعرف أنه يمتلك هذا الكنز، فهو لا يفيده بشيء، إذن إن كل ما علينا هو أن نعيد مفهوم الثقافة، وأن مصر ليست متأخرة، وأن هذه الدعوة بتأخر مصر هي دعوة استهدافية مؤامرة، - للأسف- أتت من الجوار لتحاول أن تشكك المصريين فيما يمتلكون وفيما يعرفون وما لديهم حتى ما يثار مؤخرًا من أن مصر فقدت بعض عناصرها عن طريق التهريب من الخارج إلا أن ما تمتلكه يفوق عشرات الأضعاف ما تم تبديده في فترة حكم الإخوان وما أعقبته من محاولات خارجية تستهدف مصر، وأؤكد على أنه بالرغم من ذلك لن يؤثر على مصر ودورها الريادي".
واختتم: "إننا لا نزال قادرين على تصدير الفنون والآداب والمفكرين والمدربين والمدرسين، والكتاب، ونستطيع أن نفعل ذلك لقرون طويلة قادمة، وعلينا أن نعيد قراءة التاريخ بوعي لنعرف بشدة كيف وصلت مصر -في بعض الأحيان - إلى الحضيض ولكنها تعود مرة أخرى، ولا يوجد شعب في العالم حدث ما يحدث عبر تاريخه إلا أنه يعود مرة أخرى، وفي فترة الحكم العثماني على مصر أكبر دليل على ذلك بالرغم من محاولة تفريغها من مبدعيها وترحيلهم إلى إسطنبول، ولكنها عادت مرة أخرى".
