دخلت كبريات الشركات النفطية العالمية في دوامة جديدة من خفض العمالة وتقليص النفقات وتحجيم الاستثمارات، في ظل استمرار تراجع أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عامين. وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في تقرير موسع، أن هذه الإجراءات تُعيد إلى الأذهان المشهد الذي شهده القطاع أثناء الانهيار التاريخي لأسعار النفط خلال جائحة "كوفيد-19".
وأشار التقرير إلى أن شركات النفط الكبرى مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون" الأمريكيتين، و"بي بي" البريطانية، و"توتال إنرجي" الفرنسية، وكذلك "إيني" الإيطالية، شرعت في إعادة هيكلة عملياتها، من خلال تقليص التوظيف وتأجيل بعض المشروعات الكبرى، سعياً لخفض التكاليف في مواجهة الضغوط المتزايدة على إيراداتها.
وأضاف أن هذه الشركات باتت تواجه تحدياً مزدوجاً، يتمثل من جهة في انخفاض الأسعار الذي يقوض قدرتها على تحقيق أرباح مرتفعة، ومن جهة أخرى في الضغوط البيئية والسياسية المتزايدة التي تدفعها إلى تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري والتحول نحو الطاقة المتجددة.
وأوضح محللون للصحيفة أن التراجع الحاد في الأسعار، الذي قاد خام برنت إلى مستويات تقترب من 65 دولارًا للبرميل خلال الأسبوع الجاري، ساهم في تقليص التدفقات النقدية للشركات النفطية العملاقة، وهو ما انعكس مباشرة على قراراتها الاستثمارية. فقد أعلنت بعض الشركات تعليق أو تأجيل مشاريع في مجالات الاستكشاف والإنتاج، خاصة في المناطق عالية التكلفة مثل أعماق البحار والقطب الشمالي.
ووفقاً للتقرير، فإن موجة تسريح الموظفين شملت آلاف العاملين حول العالم، مع التركيز على الإدارات الفنية والهندسية، بالإضافة إلى أقسام الدعم الإداري. وتأتي هذه الخطوات بهدف تعزيز الكفاءة التشغيلية والحفاظ على ربحية الشركات في بيئة مليئة بعدم اليقين.
ولفت التقرير إلى أن التحولات الكبرى في صناعة الطاقة العالمية تزيد من تعقيد المشهد، إذ تجد الشركات نفسها مطالبة بالاستثمار في تقنيات خفض الانبعاثات ومصادر الطاقة البديلة، في وقت تعاني فيه من ضعف العوائد من قطاع النفط التقليدي. ويرى خبراء أن هذا الوضع قد يسرّع من وتيرة انتقال الطاقة عالميًا، لكنه في الوقت ذاته يهدد بتراجع إمدادات النفط على المدى المتوسط إذا ما استمر تقليص الاستثمارات في الاستكشاف والإنتاج.
وأكد التقرير أن الحكومات تراقب هذه التطورات عن كثب، حيث تخشى بعض الدول المنتجة للنفط من أن تؤدي هذه السياسات إلى فقدان آلاف الوظائف المحلية وتراجع العوائد الضريبية. كما أبدت النقابات العمالية في عدة دول، بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، قلقها من اتساع دائرة تسريح العاملين وتأثيرها على الاستقرار الاجتماعي.
واختتمت فاينانشيال تايمز تقريرها بالتأكيد على أن صناعة النفط العالمية تقف عند مفترق طرق، حيث تواجه ضغوطًا آنية ناجمة عن انخفاض الأسعار، وفي الوقت ذاته ضرورة التكيف مع التحولات المناخية والطاقة النظيفة. ورغم صعوبة المرحلة، فإن مستقبل هذه الشركات سيعتمد على قدرتها في إيجاد التوازن بين الاستمرار في تلبية الطلب العالمي على النفط وبين التوسع في مجالات الطاقة البديلة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.