أخبار عاجلة
إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025 -
إنبي يحرز التعادل في شباك الأهلي.. فيديو -

الوادي الجديد بلا نخبة.. عندما تغيب السياسة ويحضر الفراغ

الوادي الجديد بلا نخبة.. عندما تغيب السياسة ويحضر الفراغ
الوادي الجديد بلا نخبة.. عندما تغيب السياسة ويحضر الفراغ

في الوقت الذي بدأت فيه القوى السياسية في ربوع الجمهورية استعداداتها للانتخابات البرلمانية القادمة، تقف محافظة الوادي الجديد على أعتاب مشهد سياسي شديد البؤس. فرغم ما يُرفع من شعارات، وما يُقال عن الاستعدادات، إلا أن المتابع للمشهد على الأرض يُدرك أن الوادي الجديد مُقبل على دورة انتخابية باهتة، فقيرة من حيث المنافسة، وعديمة من حيث الرؤية.
تتكرّر نفس الوجوه القديمة، والآليات التقليدية، والتحركات التي لا تُعبر عن وعي سياسي حقيقي أو رغبة في التغيير. وكأن المواطن في الوادي الجديد محكوم عليه أن يختار من بين "اللا خيارات"، في انتخابات أشبه بالتحصيل الحاصل.

مجتمع بلا نخب... نداء في صحراء بلا صدى

يعاني مجتمع الوادي الجديد من تآكل النخبة السياسية بمختلف مستوياتها، سواء الحزبية أو الشعبية أو الثقافية. فغياب المثقفين، والأكاديميين، والقيادات المجتمعية الفاعلة عن المشهد السياسي، ترك فراغًا رهيبًا ملأته العشوائية، والانتهازية، والقبلية الضيقة.
من الملاحظ أن المحافظة، ورغم امتدادها الجغرافي الكبير وتنوعها المجتمعي، لم تُنتج خلال السنوات الأخيرة رموزًا سياسية قادرة على حمل قضاياها والتفاوض من أجل مصالحها داخل البرلمان أو في دوائر صناعة القرار.
لقد تم تفريغ الساحة بالكامل من القيادات الواعية، ولم يعد هناك من يمتلك أدوات الفهم السياسي، أو الخبرة التشريعية، أو الرؤية التنموية.
وما يزيد الطين بلة، أن هذا الفراغ ليس فراغًا عفويًا أو طارئًا، بل هو نتيجة تراكمات مقصودة: تهميش متعمد، تغييب للأصوات الحرة، عدم تمكين الشباب، وتحييد العقول النزيهة.

الأحزاب السياسية...بلا أثر

بالنظر إلى حضور الأحزاب السياسية في الوادي الجديد، فالمشهد لا يقل بؤسًا. إذ يمكن وصف الوجود الحزبي في المحافظة بأنه وجود "ورقي" فقط، بلا نشاط فعلي، ولا تواصل جماهيري، ولا خطط لتنمية الكوادر السياسية ، وقيادات حزبية محلية لا تمتلك من أدوات العمل السياسي إلا الاسم والانتماء الشكلي.

فالأحزاب لم تبنِ قواعد شعبية حقيقية، ولم تُفعّل الحياة السياسية داخل المحافظة، بل اكتفت بتقديم مرشحين في كل دورة انتخابية، دون إعداد، ودون حوار مجتمعي، ودون برامج واضحة ، بل إن المواطن البسيط في الوادي الجديد لا يعرف الفارق بين حزب وآخر، لأن جميع الأحزاب تتشابه في ضعفها، وغيابها، وافتقارها للرؤية.

المواطن فقد الثقة... والسياسة فقدت المعنى

في ظل هذا الفراغ، لم يكن غريبًا أن يتولد عند المواطن شعور عميق باللا جدوى من العملية السياسية برمّتها.
العزوف عن المشاركة السياسية لم يعد نتيجة لضعف التوعية فقط، بل أصبح انعكاسًا منطقيًا لانعدام الثقة في المرشحين، والأحزاب، والمؤسسات. الناس تسأل بمرارة: من الذي سيمثلنا؟ وماذا قدم الممثلون السابقون؟ وما الفارق الذي أحدثته انتخابات السنوات الماضية في واقعنا؟

فالمواطن في الوادي الجديد يشعر بأنه مُجرد "رقم انتخابي"، يُستدعى كل أربع سنوات، ثم يُعاد إلى الظل.
وبالتالي، نحن أمام مجتمع يفقد تدريجيًا ثقته في أن السياسة أداة للتغيير، أو أن البرلمان يمكن أن يُعبر عن طموحاته.

المشهد البرلماني المقبل: الأسوأ منذ عقود؟

و بالنظر إلى الأسماء المتداولة حتى الآن، وطبيعة الحراك السياسي في الدوائر المختلفة داخل المحافظة، يمكن التنبؤ — وبكل أسف — بأن المشهد البرلماني المقبل سيكون هو الأضعف والأكثر خواءً منذ عقود.
نحن لا نرى أسماء تمتلك كاريزما القيادة، أو خلفية تشريعية، أو مشروع سياسي حقيقي. بل إن بعض المرشحين المحتملين يُطرحون فقط استنادًا إلى انتماءاتهم العائلية أو قدرتهم على الحشد، دون أي اعتبار للكفاءة أو الخبرة.

وفي ظل هذا الواقع، فإن الوادي الجديد — الذي يُعد من أكبر محافظات مصر مساحة، وأغناها من حيث الإمكانيات التنموية — سيفقد مرة أخرى فرصته في أن يكون له تمثيل برلماني نوعي يعكس تطلعات الناس ويُحسن استخدام أدوات الرقابة والتشريع لصالح أبناء المحافظة.

الطريق إلى الإصلاح: رؤية ممكنة رغم التحديات

رغم كل ما سبق، لا يمكن الاستسلام لهذا الواقع. فهناك إمكانية حقيقية لإعادة إحياء الحياة السياسية في الوادي الجديد، بشرط أن يكون هناك إرادة جادة وتكاتف بين الأطراف الفاعلة. ومن أهم المقترحات:
• إطلاق برنامج شامل لتأهيل كوادر سياسية من الشباب، عبر شراكة بين الدولة والمجتمع المدني والأحزاب.
• دعم وتوسيع دور الإعلام المحلي والمجتمعي لتغطية القضايا السياسية وإبراز النماذج الجيدة.
• تحفيز الأحزاب الجادة على الانخراط في العمل السياسي بالمحافظة، وتقديم دعم لوجيستي لفتح مقرات حقيقية.
• إعادة إحياء دور النقابات المهنية والعمالية كمحاضن للنقاش السياسي والتعبئة الجماهيرية.
• محاربة رأس المال الفاسد الذي يُفسد العملية الانتخابية ويشتري الأصوات بدلاً من كسبها عبر البرامج.

 

كلمة أخيرة... قبل أن يُغلق باب الأمل

الوادي الجديد يحتاج إلى وقفة جادة ، فاستمرار المشهد على ما هو عليه يعني ببساطة مزيدًا من التهميش، والتراجع، والتفريط في الحقوق ، و لا بد من نخب جديدة تُولد من رحم الواقع، وتمتلك الشجاعة لمواجهة الفراغ، والكفاءة لملء المساحة، والإخلاص للعمل العام. فالانتخابات البرلمانية القادمة ليست مجرد استحقاق دستوري، بل هي معركة وجود سياسي لمجتمع بأكمله، إما أن ينهض ويتكلم بصوتٍ حرّ، أو يستمر في الصمت الذي لا يورث إلا التهميش والنسيان.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق قفزة المبيعات والتدفقات الدولارية تدفع تصنيف ...
التالى "إي تاكس" تحتفي بنجاح وزارة المالية في "التسهيلات الضريبية"