مع اقتراب انتخابات مجلس النواب 2025، يزداد الجدل حول مستقبل المنافسة السياسية، وسط مخاوف من تكرار هيمنة أحزاب الموالاة على المشهد النيابي، كما حدث في انتخابات مجلس الشيوخ السابقة.
قيادات معارضة وشخصيات سياسية بارزة، من بينهم الدكتور إيهاب الخراط، النائب الأول لرئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والبرلماني السابق هيثم الحريري عبّروا عن قلقهم مما وصفوه بتراجع المناخ الديمقراطي وتضييق الخناق على فرص المعارضة، معتبرين أن غياب العدالة في القواعد الانتخابية، واستمرار سياسات الإقصاء، يهددان بإفراغ البرلمان من أي أصوات مستقلة أو معارضة حقيقية.
وكشفوا في تصريحاتهم لـ"الرئيس نيوز" عن ملامح أزمة سياسية ممتدة، وتطرح تساؤلات جوهرية حول جدوى العملية الانتخابية وإمكانية إصلاحها.
إيهاب الخراط: نخشى تكرار هيمنة أحزاب الموالاة على انتخابات البرلمان كما حدث في الشيوخ
من جانبه، أكد الدكتور إيهاب الخراط، النائب الأول لرئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن أجواء المنافسة في انتخابات مجلس النواب 2025 تبدو "أضعف وأسوأ" مقارنة بانتخابات 2020، في ظل ما وصفه بغياب المناخ الديمقراطي وعزوف قطاعات واسعة من المصريين عن المشاركة السياسية.
وقال الخراط في تصريحات خاصة لـ"الرئيس نيوز"، إن العملية الانتخابية الحالية "لن تؤدي إلى نتائج إيجابية تنعكس على الحياة السياسية"، مشيرًا إلى أن استمرار قضايا الحبس الاحتياطي المرتبطة بالرأي، وتدوير المتهمين، وغياب حرية التعبير، كلها عوامل أسهمت في تعزيز شعور عام بعدم جدوى المشاركة.
وأكمل أن نتائج انتخابات مجلس الشيوخ غير مبشرة بالمرة، لافتا إلى أن أحزاب الموالاة سيطرت على القائمة، كما سيطرت أيضا على المقاعد الفردية، ولم تتح أي فرص حقيقية للمعارضة في مجلس الشيوخ، وهو ما يخلص حالة من القلق والتخوف في انتخابات البرلمان المقبلة، مؤكدا أن تكرار هذا الأمر سيزيد الأمور تعقيدا.
وأضاف أن الحزب سبق أن خاض انتخابات 2020 بتحالف مع القائمة الوطنية في ظل التهديدات الإقليمية التي استدعت "تقاربًا بين القوى السياسية"، موضحًا أن مشاركة حزبه آنذاك جاءت وفق شروط محددة، من بينها الإفراج عن عدد من المحبوسين على ذمة قضايا الرأي، وحرية اختيار الأسماء المرشحة، وعدم فرض قيود على تحركات المرشحين الانتخابية.
وأشار الخراط إلى أن نتائج الانتخابات السابقة شهدت "تدخلات غريبة"، مستشهدًا بما حدث في إحدى الدوائر التي فوجئ الحزب فيها بظهور أكثر من 200 ألف صوت "نزلت بالباراشوت"، على حد وصفه، رغم أن مرشح الحزب كان قد حقق تقدمًا كبيرًا، وما زالت القضية متداولة أمام القضاء حتى اليوم.
وفيما يتعلق بمستقبل التحالفات الانتخابية، أوضح أن الحزب منفتح على إمكانية المشاركة مجددًا في القائمة الوطنية المشتركة إذا توفرت ضمانات لمزيد من الإصلاح الديمقراطي، لافتًا إلى أن هناك أيضًا تحالفًا قائمًا مع حزبي الإصلاح والتنمية والعدل، يمكن أن يتوسع ليشمل قوى مدنية أخرى.
وختم الخراط تصريحاته بالتأكيد أن المشهد الحالي يشبه “الكوميديا السوداء” ما يثير مخاوف جدية من تكرار السيطرة الكاملة لأحزاب الموالاة على مقاعد البرلمان، مما يضعف فرص التعددية السياسية ويؤثر سلبًا على مسار الإصلاح الديمقراطي في مصر.
هيثم الحريري: الانتخابات تسير من سيء إلى أسوأ ولا يوجد مساحة للمعارضة
وفي سياق متصل، أكد البرلماني السابق هيثم الحريري، عضو المكتب السياسي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن العملية الانتخابية تسير من سيء إلى أسوأ، ففي انتخابات 2015 كان هناك بعض الأخطاء، لكن كانت هناك فرصة لنواب مستقلين من المعارضة أن يصلوا إلى البرلمان، في انتخابات 2020 تم تضييق الخناق أكثر حتى على هؤلاء النواب المستقلين، وتم إقصاء الكثير منهم، واليوم، في انتخابات 2025، أصبح الوضع أكثر صعوبة.
وقال الحريري: "الواقع أن المشاركة السياسية في الشارع المصري تواجه تحديات كبيرة، الناس تعاني من الإحباط، في ظل قوانين الانتخابات الحالية، والضغوط من رأس المال السياسي، والمخاوف من التهديدات والترهيب، يصبح من الصعب أن نتوقع إقبالًا كبيرًا، ومع ذلك، نحن نأمل أن تشهد الانتخابات إقبالًا من المواطنين، خاصة الشباب، وأن تفرز نوابًا يعبرون عن الشعب بصدق".
وأضاف المرشح البرلماني: "حصلت بالفعل محاولتان سابقتان في انتخابات 2015 و2020، لكن تم إفشالهما، الناس حاولت، ولكن لازم نبقى فاهمين طبيعة العملية الانتخابية في مصر، وبالذات النظام الفردي، يعني لما نيجي نقول له: "إحنا هندخل ننافسك بـ45 مقعد"، ياخدهم كلهم ويختارهم بنفسه، متوقع منه إيه؟، لو هو مش قابل يسيب واحد، أو اتنين، أو حتى عشرة ينجحوا، هيسيبلك فرصة تنافس بقائمة؟
وأكمل الحريري: "إحنا طالبنا حتى إن القوائم تتصغر، بدل ما تبقى 45 أو 100، تبقى عشرينات، ليه حد من القاهرة ينزل يترشح في أسوان؟ أو ليه ناخب من أسوان ينتخب حد من القاهرة؟ لا يعرفه، ولا شافه، ولا هيسمعه، ولا هيستفيد منه، فـ ما ينفعش تختار قواعد لعبة غير عادلة وتجي تقول لي: "أنت فاشل"، حط قواعد لعبة عادلة الأول، وبعدين اسألني عن أدائي، وإن كنت فزت ولا خسرت، إحنا معترفين إن المعارضة في مصر مش بالقوة التنظيمية، ولا عندها الملاءة المالية اللي تخليها تخوض المنافسة على كل المقاعد. لكن على الأقل، يبقى فيه قانون عادل، المقاعد اللي بننزل ننافس عليها، نبقى عارفين إن عندنا فرصة نكسب، ما يبقاش فيه تدخلات، لا منافع، ولا ضغوط، ولا ترهيب للمواطنين".