في عرضه العالمي الأول، نجح فيلم الدراما التاريخية فلسطين 36 للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر في إثارة إعجاب الجمهور بمهرجان تورونتو السينمائي الدولي، حيث استقبل بتصفيق حار استمر 20 دقيقة داخل قاعة "روي طومسون هول"، وفق ما ذكرته مجلة ديدلاين الأمريكية.
استعادة ثورة 1936 على الشاشة الكبيرة
يسرد الفيلم واحدة من أعمق الحلقات في التاريخ الفلسطيني الحديث، إذ يعيد إحياء الثورة العربية الممتدة بين عامي 1936 و1939 ضد الحكم الاستعماري البريطاني، على خلفية تصاعد الهجرة اليهودية بعد "وعد بلفور".
وتصف جاسر العمل بأنه "أكثر أفلامها طموحًا"، بعدما قدمت سابقًا ملح هذا البحر (2008) ولما شفتك (2012) وواجب (2017).
وقالت لـديدلاين: "الجميع يتحدث عن 1948 وما بعدها، لكن جذور كل شيء تعود إلى 1936. أنا مهووسة بتلك الفترة وقرأت كل ما يمكنني الوصول إليه".
حبكة متعددة الشخصيات
يضم العمل شخصيات فلسطينية من القدس ويافا والريف، تجسدها أسماء بارزة مثل هيام عباس، كمال الباشا، صالح بكري، وظافر العابدين، إضافة إلى وجوه شابة مثل كريم داود عناية.
ويظهر ممثلون بريطانيون في أدوار شخصيات تاريخية مثل الكابتن وينجيت والضابط تيجارت والمندوب السامي آرثر غرينفيل ووشوب.
وتقول جاسر إن الفيلم صيغ على شكل "فصول متداخلة" تمنح القصة الملحمية "إحساسًا أكثر حميمية"، مشيرة إلى أن هدفها كان "إظهار لحظات مصيرية صغيرة تغير مجرى حياة الأبطال".
مواجهة مباشرة مع الاستعمار البريطاني
لا يتردد الفيلم في تصوير وحشية الاحتلال البريطاني، من العقوبات الجماعية إلى استخدام المدنيين كدروع بشرية.
ورغم ذلك، شاركت مؤسسات بريطانية كبرى مثل بي بي سي فيلمز ومعهد الفيلم البريطاني في تمويله، إلى جانب مؤسسات عربية بينها مؤسسة الدوحة للأفلام وصندوق البحر الأحمر.
وتقول جاسر: "البريطانيون يواجهون ماضيهم الاستعماري. لم يكن هناك أي محاولة لتخفيف الحقيقة".
تحديات إنتاجية في قلب الاضطرابات
كان من المقرر تصوير العمل في الضفة الغربية عام 2023، لكن التصعيد العسكري عقب هجمات 7 أكتوبر دفع فريق الإنتاج إلى نقل مواقع التصوير إلى الأردن.
لاحقًا واجه الفريق صعوبات إضافية، بينها هجمات صاروخية إيرانية مرت فوق الأراضي الأردنية، ما أجبرهم على إخلاء الموقع مؤقتًا.
ورغم التحديات، استكملت مرحلة ما بعد الإنتاج في لندن، حتى واجهت عقبات طريفة مثل تعطيل قطار يوروستار بسبب قنبلة من الحرب العالمية الثانية.
فيلم بمسؤولية وطنية
يرى المنتج أسامة بواردي، شريك المخرجة، أن العمل "وثيقة تاريخية ومسؤولية وطنية"، مضيفًا أن "الغرض من الفيلم ليس تقديم إجابات جاهزة، بل طرح أسئلة تثير النقاش داخل فلسطين والعالم".
الفيلم سيمثل فلسطين في سباق جوائز الخريف، بعد مشاركته المرتقبة في مهرجان لندن السينمائي، فيما أشارت آراب ويكلي إلى أن رسالته "واضحة وقوية: على كل فرد أن يختار أي جانب من التاريخ يريد أن يكون فيه".