أوضحت دار الإفتاء المصرية في أحدث فتاواها، حكم قراءة القرآن الكريم أثناء ارتداء الحذاء، وذلك ردًا على تساؤل ورد إليها حول جواز التلاوة في الطرقات ووسائل المواصلات وأماكن الانتظار مع بقاء الحذاء في القدم، وما إذا كان ذلك منافياً للأدب مع كتاب الله عز وجل.
وأجابت الدار بأن الأصل في الأمر الإباحة، مؤكدةً أنه لا مانع شرعًا من قراءة القرآن حال لبس الحذاء، ما دام القارئ ليس على جنابة أو في حال تمنع من التلاوة.
ولفتت إلى أن الشريعة الإسلامية جاءت بالحضّ على تلاوة القرآن مطلقًا في جميع الأوقات والأحوال، دون تقييد بزمن أو مكان أو هيئة معينة، إلا ما استثناه الشرع بخصوصه.
قراءة القرآن من أفضل العبادات
أشارت الفتوى إلى أن تلاوة القرآن الكريم من أعظم القربات، إذ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أفضل العبادة قراءة القرآن» (رواه أبو نعيم والديلمي).
وبيّن العلماء أن القارئ يناجي ربه بكلامه، ولذلك عُدت التلاوة أفضل من سائر الأذكار العامة، لما تحمله من معانٍ إيمانية وروحية عظيمة.
الحكم الشرعي للتلاوة مع ارتداء الحذاء
أكدت الفتوى أن النصوص القرآنية والسنة النبوية جاءت مطلقة في الحث على التلاوة، كقوله تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [العنكبوت: 45]، وقوله سبحانه: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4]، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه» (رواه مسلم).
وانطلاقًا من هذا العموم، فإن التلاوة جائزة في جميع الأحوال، بما في ذلك عند ارتداء الحذاء، مع استحباب مراعاة النظافة وطهارة الحذاء من النجاسات، من باب كمال الأدب مع القرآن الكريم.
شواهد من السنة وأقوال الفقهاء
استشهدت الفتوى بما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى بنعليه ثم خلعهما حين أخبره جبريل بوجود قذر فيهما، وقال لأصحابه: «إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر؛ فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذًى فليمسحه وليصلِّ فيهما» (رواه أبو داود وأحمد).
كما نقلت عن الإمام النووي في المجموع أن الصلاة في النعل الطاهرة جائزة، وعن ابن حجر العسقلاني أن الأمر بها من باب الرخص لا من باب الاستحباب، مما يدل على مشروعية القراءة في النعلين من باب أولى خارج الصلاة.
وأضافت أن فقهاء المذاهب الأربعة أجازوا قراءة القرآن في الطريق، ونصوا على أنها غير مكروهة إذا لم تشغل القارئ عن الانتباه لما حوله.
خلصت دار الإفتاء المصرية إلى أنه لا مانع شرعًا من قراءة القرآن الكريم حال لبس الحذاء، شريطة خلو القارئ من الجنابة أو ما يمنع التلاوة، مؤكدة أن القراءة على هيئة أخرى من كمال الأدب مع الله وكتابه، لكنها ليست شرطًا لصحة التلاوة.