أخبار عاجلة
وصفة طبيعية لرفع مناعة الأطفال قبل المدرسة -
«أحـمديات»: المرحلة الملكية -

رفح جدار يصد خيانة التهجير وليست ممراً للرحيل

رفح جدار يصد خيانة التهجير وليست ممراً للرحيل
رفح جدار يصد خيانة التهجير وليست ممراً للرحيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 كشف بنيامين نتنياهو أوراقه الأخيرة حول جريمة التهجير، وفي كشفه هذا لم يكن يسعى إلى حل ولا إلى سلام، بل إلى تمرير أكبر جريمة في التاريخ الحديث وهي باختصار غير مخل، تهجير أهل غزة من أرضهم.

اختار نتنياهو أن يشهر إصبعه نحو معبر رفح، وكأن رفح وحدها هي البوابة الوحيدة الممكنة، لهذا على جميع العقلاء بل وغير العقلاء أيضاً أن يتساءلوا لماذا بوابة رفح بالذات؟ هنا ستكون الإجابة سهلة جداً وهي إنه يشير إلى بوابة رفح لأنه يريد توريط مصر في جريمة لم ترتكبها، ووضعها أمام خيارين أحلاهما مُر إما أن تشارك في اقتلاع الفلسطيني من جذوره، أو أن تدخل في صدام دموي مزدوج مع الغزاويين وإسرائيل في آن واحد.

لعبة نتنياهو القذرة

هذه ليست صدفة ولا ارتجالًا، بل جزء من خطة مدروسة، نتنياهو يعرف أن البحر مفتوح أمام غزة، وأن المطار الذي دمّرته إسرائيل يمكن إعادة تشغيله، وأن أي منفذ بحري أو جوي قادر على حمل من يشاء، لكنه يصرّ على رفح بالذات، لأنه يعلم أن تمرير التهجير بعيداً عن معبر رفح سوف يضع إسرائيل أمام العالم كفاعل مباشر للجريمة، أما إذا خرج الفلسطيني عبر مصر فسوف يتم تحميل القاهرة وزرًا ليس لها فيه يد، والمراد أيضاً من هذه الخطة تشويه صورة مصر أمام شعبها وأمام الفلسطينيين.

إنها لعبة قذرة، أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي بها أن يحوّل مصر من داعم تاريخي إلى متهم، لكن القاهرة التي عرفت خبايا الصراع منذ بدايته، أعلنت موقفها بلا مواربة، وهو موقف واضح لا يحتمل التأويل: لا تهجير من غزة، ولا مساومة على القضية الفلسطينية.

لم يكن ذلك مجرد تصريح مصري سياسي، بل موقف تاريخي يعكس وعيًا عميقًا بأن خروج الفلسطيني من أرضه هو بداية النهاية لفلسطين كلها، في غزة التي تطفح الدم اليوم، هي الضفة التي سوف يتم سرقتها غدًا، وما بعد الضفة ليس سوى إعلان موت القضية.

جوهر المشروع الإسرائيلي واضح تصفية القضية من خلال إزاحة الشعب عن أرضه، من يغادر غزة لا يترك حجارة وركامًا فحسب، بل يتنازل – قسرًا – عن ذاكرة وتاريخ وحق، لهذا فإن مصر تدرك أن فتح معبر رفح لهذا السيناريو سيكون كمن يوقّع شهادة وفاة فلسطين، ولذلك جاء موقفها صارمًا، يحمل من الثبات بقدر ما يحمل من رسالة للداخل والخارج لن نقبل الضغط، ولا مساومة على الدم الفلسطيني.

نتنياهو، بوجهه المزدوج، يحاول دائمًا أن يتستر خلف خطاب "الإنسانية". يقدّم نفسه كمن يسعى لإنقاذ المدنيين، بينما هو في الحقيقة يخطط لطردهم من أرضهم ودفن حقهم في العودة، إنه يلوّح بالمجازر ليبرّر الرحيل، لكنه لا يستطيع أن يخفي أن إسرائيل تملك أدوات كثيرة للتهجير إن أرادت ومن هذه الأدوات البحر و الجو و الاحتلال المباشر. ومع ذلك، لا يستخدم أيًا منها لأنه يحتاج إلى شريك يحمّل وزر الجريمة.

قناع يخفى خطة الإبادة

وفي مخيلته أن هذا الشريك لن يكون إلا مصر، لو قُدّر لمخطط نتنياهو أن يمرّ، غير أن مصر ليست غافلة، تدرك أن المطلوب ليس إنقاذ إنسان فلسطيني من الموت، بل محو الفلسطيني من الوجود، وأن كل محاولة لتجميل التهجير تحت أي عنوان إنساني ليست إلا قناعًا يخفي مشروع الإبادة، القاهرة تعرف أن القضية الفلسطينية ليست معركة حدود بل معركة وجود، وأن القبول بالتهجير يعني القبول بتسليم فلسطين قطعة قطعة حتى يبتلعها المشروع الصهيوني بأكمله.

ومهما حاول نتنياهو، فإن الحقيقة تبقى أكبر من خططه.. رفح ليست بوابة هروب، بل جدار صمود، مصر ليست طرفًا عابرًا بل صمام أمان يمنع سقوط ما تبقى من فلسطين، وكل محاولة لتوريطها ستتحطم على صخرة موقفها الثابت.

أما إسرائيل، فستظل تعيد إنتاج الفشل ذاته، تحاول كتابة التاريخ بمدافعها وصواريخها، بينما التاريخ الحقيقي يتم كتابته بدماء الفلسطينيين وصمودهم، وبالمواقف العربية الصلبة التي ترفض أن تكون شاهد زور على جريمة القرن.

إن التهجير الذي يحلم به نتنياهو ليس خلاصًا، بل مؤامرة سوداء، وإذا كان يظن أن بوابة رفح ستتحول إلى ممر للرحيل، فليعلم أن مصر أغلقتها في وجه الخيانة، وفتحتها فقط على مصراعيها لمساعدات الحياة، لا لمخططات الموت، رفح ستظل باب البقاء، لا بوابة الفناء، وستبقى مصر هي السند الذي يمنع سقوط آخر معاقل الهوية الفلسطينية.

ليست غزة وحدها من تُستهدف، بل الذاكرة الجمعية للعرب جميعاً، ما يخطط له نتنياهو ليس خروجًا من تحت الركام، بل خروجًا من التاريخ. ومن يترك الفلسطيني يُهجَّر اليوم، سيجد غدًا أن التهجير يطرق أبواب عواصمه، إن واجب اللحظة أن نقولها بوضوح  لا للتهجير، لا لتصفية القضية، لا لإعادة إنتاج نكبة جديدة.

نوايا إسرائيل الخبيثة

مصر أعلنت موقفها بصلابة، لكن الموقف العربي كله مطالب بأن يكون على خط واحد ضغط سياسي، كشف إعلامي، صوت لا يهدأ في المحافل الدولية، حتى تنكشف أمام العالم نوايا إسرائيل الخبيثة.

 إن التواطؤ بالصمت خيانة، وإن ترك الفلسطيني وحيدًا هو اعتراف ضمني بالمخطط، غزة اليوم ليست مجرد مدينة محاصرة، بل امتحان أخلاقي للعرب جميعًا، فإما أن نصونها لتبقى قلب فلسطين النابض، وإما أن نفرّط بها فنكتب بأيدينا شهادة موت قضية عمرها قرن من الزمان، والذين يحلمون بأن تتحول رفح إلى بوابة للرحيل، سينكسرون أمام يقظة الشعوب وإرادة مصر الرافضة، لأن فلسطين لا تُمحى من الذاكرة، ولا يمكن استبدالها بالمنفى.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رئيس الوزراء يستعرض جهود الدولة في مجال إنتاج البذور والتقاوي
التالى وزير المالية: 14.7 مليار جنيه تسهيلات ائتمانية للموردين.. مع انتظام التدفقات النقدية الشهرية بالموازنة الحالية