
تشهد مصر في المرحلة الراهنة حراكًا اقتصاديًا واسعًا يستهدف صياغة رؤية شاملة للتنمية حتى عام 2030، في ظل حرص الحكومة على وضع إطار جامع يحدد أولويات الدولة ويعزز مشاركة القطاع الخاص في قيادة النمو وفي هذا السياق، أطلق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية" كخطوة محورية نحو بلورة استراتيجية متكاملة تجمع بين السياسات القطاعية المختلفة وتضع خارطة طريق واضحة للمستقبل.
وأوضح مدبولي أن الحكومة تسعى حاليًا إلى صياغة رؤية شاملة تتضمن استراتيجيات كافة القطاعات الاقتصادية في وثيقة واحدة متكاملة، تعبر عن أولويات الدولة وتوجهاتها حتى عام 2030 وتهدف هذه الوثيقة إلى أن تكون بمثابة إطار جامع يرسم خريطة العمل الاقتصادي في مصر خلال السنوات المقبلة، بما يضمن التناغم بين السياسات والإجراءات التنفيذية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية" ترتكز بالأساس على تمكين وتشجيع القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيسي لعملية التنمية، باعتباره شريكًا استراتيجيًا للدولة في تحقيق النمو وتوفير فرص العمل وزيادة الإنتاجية وشدد على أن المرحلة المقبلة ستشهد حوارًا مفتوحًا مع المستثمرين والقطاع الخاص من أجل وضع السياسات والإجراءات الداعمة لهذا التوجه.
وأعلن مدبولي عن التحضير لعقد مؤتمر اقتصادي موسع خلال الفترة المقبلة، سيتم خلاله عرض رؤية الدولة للتنمية الاقتصادية حتى عام 2030 بصورة تفصيلية، مع استعراض البرامج والمبادرات التي تستهدف تعزيز النمو المستدام، وتحقيق التوازن بين الإصلاحات الاقتصادية وتلبية متطلبات العدالة الاجتماعية.
نقطة تحول في مسار الإصلاح الاقتصادي
وفي هذا السياق يقول الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، أن إطلاق الحكومة للسردية الوطنية للتنمية الاقتصادية يمثل نقطة تحول في مسار الإصلاح الاقتصادي المصري، خاصة وأنها تأتي في توقيت تتزايد فيه التحديات العالمية والإقليمية، ما يفرض على الدولة صياغة رؤية أكثر وضوحًا وشمولًا حتى عام 2030.
وتابع النحاس، إن توجه الحكومة نحو دمج استراتيجيات القطاعات المختلفة في وثيقة واحدة يعد خطوة ضرورية لضمان التنسيق بين السياسات العامة، وتحقيق التكامل بين المشروعات القومية والقطاعات الإنتاجية موضحًا أن الوثيقة الجديدة ستساعد على توحيد الجهود وتوضيح أولويات الدولة للمستثمرين المحليين والأجانب، مما يساهم في تعزيز الثقة وجذب المزيد من الاستثمارات.
تمكين القطاع الخاص
وفي نفس السياق يقول الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، أن اعتماد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية على القطاع الخاص باعتباره المحرك الرئيسي للنمو يمثل نقلة نوعية في الفكر الاقتصادي للدولة مؤكدًا أن تمكين القطاع الخاص يتطلب إصلاحات تشريعية وإجرائية تضمن له بيئة عمل تنافسية، إلى جانب تسهيل النفاذ إلى التمويل وتبسيط الإجراءات البيروقراطية موضحًا أن مشاركة القطاع الخاص في قيادة التنمية ستساهم في زيادة فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة، فضلاً عن رفع كفاءة الاقتصاد بشكل عام.
وأضاف الشافعي، أن عقد مؤتمر اقتصادي موسع للإعلان عن تفاصيل رؤية الدولة للتنمية الاقتصادية حتى عام 2030 يعد فرصة مهمة لفتح حوار مباشر مع رجال الأعمال والمستثمرين والخبراء، بما يعزز من الشفافية ويخلق حالة من التوافق الوطني حول أولويات المرحلة المقبلة موضحًا أن مثل هذا المؤتمر يساعد على رسم ملامح خريطة الاستثمار، وتحديد الأدوار بين الحكومة والقطاع الخاص، بما يضمن تحقيق تنمية مستدامة وشاملة.