يظل مخيم الهول بمدينة الحسكة شمال شرق سوريا مصدر توتر وقلق في المنطقة، ورغم تناقص أعداده إلا أنه يضم الآلاف من المحتجزين (نساء وأطفال) من عوائل تنظيم داعش الإرهابي، خاصة وأن عصابات التنظيم الإرهابي تحاول مرارا تهريب عوائلها من المخيم، بينما تطالب إدارة المخيم الواقعة تحت سطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بضرورة استلام كل بلد لرعاياها مع محاكمة من تورط في الجرائم وإعادة تأهيل الآخرين.
يضم المخيم عددا كبيرا من الجنسيات الأجنبية، لكن الاستحوذا الأكبر للجنسيتين العراقية والسورية، وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت عن خطة استراتيجية تهدف لاستعادة مواطنيها من المخيم إلى مركز الأمل للتأهيل والدمج ثم إعادة توطينهم في قراهم التي هاجروا منها.
مؤتمر دولي حول مخيم الهول
تستعد الحكومة العراقية لعقد مؤتمر دولي حول مخيم الهول السوري، خلال الشهر الجاري، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، فيما أكدت إشادة مفوضية شؤون اللاجئين بجهود الحكومة في إعادة العراقيين من مخيم الهول.
ونقلا عن وكالة الأنباء العراقية، فإن القائم بالأعمال المؤقت لسفارة جمهورية العراق في دمشق ياسين شريف الحجيمي قال إنه تم طرح رؤية العراق بشأن مخيم الهول في اجتماع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سوريا بحضور السفراء ورؤساء البعثات الأوروبية والعربية .
وأضاف الحجيمي، أن الموقف العراقي شدد على ضرورة عودة جميع الأشخاص المتواجدين في مخيم الهول ومراكز الاحتجاز الأخرى إلى بلدانهم، كون المخيم يشكل مشروع محتمل لانضمام صغار العائلات المتواجدة في المخيم إلى التنظيمات الإرهابية.
وأوضح أن نائبة المفوض السامي لشؤون اللاجئين عبرت عن شكرها للحكومة العراقية، ووزارة الهجرة والمهجرين، ومستشارية الأمن القومي، وكافة الجهات ذات العلاقة في جمهورية العراق، على جهودهم في إعادة الرعايا العراقيين، وتخصيص مخيم خاص لهم.
وأشار الحجيمي إلى أن الحكومة العراقية بذلت جهودا كبيرة لإعادة تأهيلهم من خلال أطباء وخبراء نفسيين وخبراء في العلوم الإسلامية وخبراء تربويين، وتمت المصالحات مع العوائل المتضررة في المحافظات العراقية، بغرض دمج العائدين في المجتمع العراقي.
وتابع أنه تم طرح فكرة وزارة الخارجية العراقية في اجتماع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بتوجيه دعوة إلى وزراء خارجية أكثر من ثلاثين دولة لديها رعايا في مخيم الهول، لعقد مؤتمر دولي بدعوة من العراق، وبالتعاون مع الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في مدينة نيويورك على هامش اجتماعات الدورة 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأكد الحجيمي، أن العراق استكمل جميع الإجراءات بشأن عقد المؤتمر الدولي المختص بمخيم الهول الذي سيُعقد في 26 سبتمبر الجاري، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
عمليات أمنية لتطهير المخيم
شنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، حملة أمنية داخل مخيم الهول بالحسكة السورية، للبحث عن مطلوبين، ومصادرة الأسلحة المهربة لداخل المخيم، وذلك بعد يومين من زيارة وفد أمريكي للمخيم لمراقبة الأوضاع الإنسانية والأمنية.
ونقلا عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن قوى الأمن الداخلي تمكنت من إحباط محاولة هروب نحو 60 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، كانوا ضمن قسم المهاجرات في مخيم الهول.
وأوضح المرصد أن المخيم شهد حالة من التوتر والفوضى، بعدما أقدمت نساء وأطفال من قاطني قسم "المهاجرات" على مهاجمة قوات الأمن الداخلي "الأسايش" والصحفيين أثناء تغطيتهم لعملية أمنية داخل المخيم.
وأفادت مصادر محلية، وفقا للمرصد، بأن المهاجمات استخدمن الحجارة ضد العناصر الأمنية والإعلاميين، بالتزامن مع توجيه عبارات مسيئة وشتائم، في محاولة لعرقلة سير العملية.
وكان الوفد الأمريكي الذي زار المخيم بالحسكة، قد ناقش الأوضاع الأمنية والإنسانية، وملف عودة النازحين إلى بيوتهم وبلدانهم، وكيفية تفعيل الاتفاقية التي وقعتها قوات قسد مع حكومة دمشق.
تراجع الدعم
وأشارات تقارير إعلامية إلى أن الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية قد تراجع إلى نحو 130 مليون دولار لعام 2026 القادم، بينما كانت في عام 2024 نحو 156 مليون دولار، ضمن إطار صندوق التدريب والتجهيز لمكافحة تنظيم الدولة "داعش الإرهابي".
وقد نفذت الولايات المتحدة خلال العام الماضي عشرات الضربات الجوية ضد بقايا داعش، مؤكدة بقاء قواتها على الجهوزية لاستمرار العمليات عند الضرورة. وأكدت أن قوة المهام المشتركة تواصل العمل مع شركاء التحالف للحفاظ على الضغط على داعش والتعامل مع التهديدات الإرهابية المحتملة.
يشار إلى أن الحكومة العراقية اشتكت من تراجع الدعم الأمريكي للمنظمات الإنسانية العاملة في عودة المحتجزين في مخيم الهول السوري، وقالت إن تراجع الدعم يهدد مبادرة "العودة إلى الديار".