يعد الفن التشكيلي من أصعب أنواع الفن فهو يترجم المشاعر وما بداخلها ويظهر على شكل لوحات فنية، لا يمكن اقتباسه أو تقليده، لكن مؤخرًا أصبح الموضوع أسهل من ذلك وهو أن ينسب العمل لغير أصحابه، وهذه القضية ألهمت العديد من الأعمال الفنية في السينما والمسرح والأدب والفن التشكيلي.
غادة والي ومها الصغير من التصميم إلى اتهامات سرقة الفن التشكيلي
شهد الوسط الفني المصري والعالمي في الفترة القليلة الماضية حالتين بارزتين من الجدل بشأن سرقة أعمال تشكيلية عالمية، كان بطلتهم مصممة الجرافيك غادة والي والإعلامية مها الصغير.
اتهام مباشر لـ مها الصغير من الفنانة التشكيلية ليزا لاش نيلسون
اتهمت الفنانة ليزا لاش نيلسون الإعلامية مها الصغير بسرقة لوحاتها الفنية، حيث نشرت عبر حسابها الرسمي بموقع "إنستجرام" منشورًا قائلة: "إنه لأمر رائع أن ترى عملك على الشاشة في برنامج تليفزيوني في بلد مثل مصر، لكن كان سيكون أروع لو تم ذكر اسمي، مها الصغير عرضت لوحتي صنعت لنفسي أجنحة ونسبتها لنفسها، وهي لوحة رسمتها في عام 2019".
ووصفت ليزا ذلك الأمر بأنه جريمة وفقًا للقانون المصري والدولي واتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية.
اكتشاف السرقة
روت الفنانة التشكيلية ليزا لاش نيلسون من أين علمت أن الإعلامية مها الصغير نسبت إحدى لوحاتها إليها، جاء ذلك خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب ببرنامج "الحكاية" المذاع عبر قناة "MBC مصر".
حيث بدأت الحكاية من خلال منشور عبر صفحتها الشخصية على "فيس بوك" بتاريخ 12 يونيو الماضي، ذكرت فيه ليزا لاش نيلسون أنها تلقت رسالة من شخص يقول إن مها الصغير تدعي أنها هي من رسمت لوحة المرأة التي على ذراعيها طيور، لذلك تساءلت الفنانة الدنماركية عما إذا كان لديها من ضمن أصدقائها البالغ عددهم 924 شخصًا، "يفهم القليل من اللغة العربية" كي يخبرها بما تقوله السيدة عن لوحتها، محددة دقيقة معينة من مقطع فيديو لحلقة برنامج "معكم منى الشاذلي" المثيرة للجدل.
وبعد أيام قليلة من تاريخ هذا المنشور، عادت نيلسون مرة أخرى لتصعد قضيتها مجددًا، بقولها: "نسخ أعمال الآخرين أمر معروف، لكن أن تقوم بأخذ صورة للوحة حقيقية رسمها شخص آخر، وتعلن على الملأ أنها لك.. فهذه جديدة علي ومع ذلك، اخترت أن أتعامل مع الأمر كمجاملة كبيرة من مها الصغير، التي يبدو أنها أحبت عملي إلى درجة أنها مستعدة لارتكاب جريمة وفقا للقانون المصري والدولي واتفاقية برن، باستخدامه للترويج لنفسها وبناء علامتها الشخصية".
وتابعت “نيلسون” أن مها الصغير وفريق القناة التليفزيونية التي تبث البرنامج رفضوا الرد على محاولاتها للتواصل معهم من أجل التعبير عن "امتنانها"، وبالتالي قررت اغتنام الفرصة لإعادة نشر اللوحة، التي قالت إنها رأتها تستخدم مرارًا على وسائل التواصل الاجتماعي كرمز للنضال من أجل الحرية حول العالم، ولا تجد في ذلك سرقة بل فخرًا لها لأن أحدًا لم يجرؤ على ادعاء أنه من رسمها مثلما فعلت مها الصغير لتحقيق مكاسب مالية، دون دفع مقابل أو حتى ذكر اسم الفنان الأصلي، الأمر الذي يعتبر انتهاكًا لإنسان كرس روحه ووقته لخلق هذا العمل، على حد قولها.
تعليق مها الصغير على الفنانة التشكيلية ليزا لاش نيلسون
وعلقت الإعلامية مها الصغير، على واقعة الفنانة التشكيلية الدنماركية ليزا لاش نيلسون وذلك بعد الجدل الكبير الذي أُثير، حيث قالت إنها أخطأت في حق الفنانة الدنماركية.
وأوضحت الإعلامية مها الصغير، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" قائلة: "أنا غلطت في حق الفنانة الدانمركية ليزا وفي حق كل الفنانين وفي حق المنبر اللي اتكلمت منه والأهم غلطت في حق نفسي، مروري بأصعب ظروف في حياتي لا يبرر لي ما حدث، أنا آسفة و زعلانة من نفسي".
فنان فرنسي يتهم مها الصغير
اتهم الفنان التشكيلي الفرنسي سيتي الإعلامية مها الصغير بسرقة عدد من لوحاته الفنية ونسبتها لنفسها، ونشر سيتي صور اللوحات من الحلقة عبر حسابه بموقع "إنستجرام"، وعلق قائلًا: "يا لها من صدمة كانت هذا الصباح حين اكتشفتُ العديد من رسائلكم التي تخبرني أن شخصية عامة، في أحد البرامج التليفزيونية الشهيرة في مصر على قناة ON، زعمت أنها صاحبة أعمالي الفنية: Dwarka، وKigali، وBushido وهي لوحات أنجزتها في عام 2017".
وأضاف سيتي: "الأسوأ من ذلك أن الحلقة المعروضة أظهرت بوضوح مرسمي السابق، إلى جانب اللوحات التي تحمل توقيعي، وحتى الصورة الأصلية المتوافرة على صفحتي في إنستجرام، في البرنامج الذي تقدمه منى الشاذلي على حسابها monaelshazly.official، زعمت مها الصغير mahaalsagheer أنها صاحبة هذه الأعمال!، وقد تم عرضها على شاشة عملاقة أمام ملايين المشاهدين، دون أي إشارة لي أو احترام لمجهودي، ولا لمجهودات فنانين موهوبين آخرين".
وأكمل سيتي: "بعد كل هذه السنوات من العمل، والفشل، والبحث، والطاقة الإبداعية، تتم سرقة فني بهذا الشكل، في وضح النهار، وبهذا القدر من الوقاحة ودون أي ندم، أمر لا يمكن قبوله، خاصة في عام 2025، في زمن يمكن فيه التحقق من كل شيء خلال بضع نقرات.. يا لها من فكرة عبثية".
واختتم سيتي: "حتى هذه اللحظة، لم أتلقَّ أي رد، أو اعتذار، أو تفسير من القناة، ولا من مقدمة البرنامج، ولا من الشخص المعني بالأمر. أود أن أتقدم بالشكر الصادق لكل من في مصر وفي أماكن أخرى على رسائل الدعم والحب التي لا تُعد ولا تُحصى. أنتم رائعون. شكرًا من أعماق قلبي.. سأبذل قصارى جهدي للرد على جميع رسائلكم، وسأتحدث إلى وسائل الإعلام في الوقت المناسب".

غادة والي
غادة والي هي مصممة جرافيك مصرية ولدت عام 1990، تخرجت في الجامعة الألمانية بالقاهرة، ثم أتمت دراستها في فلورنسا بإيطاليا، حصلت على عدة جوائز كبرى وظهرت ضمن قائمة "فوربس" لأبرز المصممين الشباب.
واقعة غادة والي مع الفنان التشكيلى الروسى جورج كوراسوف
أعادت واقعة الإعلامية مها الصغير إلى الأذهان قضية مصممة الجرافيك غادة والي، التي أُدينت قضائيًا في واقعة مشابهة، بعد استخدامها أعمالًا فنية للفنان التشكيلي الروسى جورج كوراسوف في تصميمات مترو الأنفاق دون إذن منه.
ولاحظ الفنان الروسى جورج كوراسوف وجود رسوماته مستخدمة في محطة مترو تحديدًا "كلية البنات" بالقاهرة، فقام بنشر صور للمقارنة عبر حسابه، مما أثار ضجة كبيرة وقتها.
وبعد أشهر قليلة من التحقيق، قضت المحكمة الاقتصادية بإدانة غادة والي بتهمة التعدي على حقوق الملكية الفكرية، في سابقة مهمة بملف حقوق الفنانين في مصر، مما ألزمها بدفع تعويض وغرامة.
أعمال سينمائية تناولت سرقة اللوحات
The Thomas Crown Affair
إعادة إنتاج لفيلم 1968، يتناول قصة مليونير مثقف يخطط لسرقة لوحة مشهورة من متحف، مشهد السرقة متقن وفني للغاية، ويبرز العلاقة بين الجريمة والفن.
Woman in Gold
يستند إلى قصة حقيقية عن ماريا ألتمان، التي سعت لاستعادة لوحة "بورتريه أديل بلوخ باور" التي سرقها النازيون من عائلتها، يناقش الفيلم مسألة الاسترداد القانوني والأخلاقي للفن المنهوب.
The Monuments Men
فيلم من إخراج جورج كلوني، يروي قصة فرقة عسكرية مهمتها إنقاذ الأعمال الفنية التي سرقها النازيون، يتناول جانبًا تاريخيًا من أكبر عمليات سرقة الفن في العالم.
Trance
فيلم نفسي من إخراج داني بويل، يتمحور حول سرقة لوحة فنية من مزاد علني، مع عناصر من التنويم المغناطيسي والتشويق.
أعمال فنية تشكيلية علقت على السرقة
بانكسي (Banksy)
الفنان الشهير استخدم أعماله لتعليق ساخر على سرقة الفن والمتاحف، مثل لوحته الشهيرة التي تمزقت تلقائيًا بعد بيعها في المزاد، ويناقش في أعماله فكرة من يملك الفن، ومتى يفقد معناه.
مارسيل دوشامب – "L.H.O.O.Q"
نسخة معدلة من لوحة الموناليزا أضاف لها شاربين ولحية، مما يطرح سؤالاً ساخرًا حول ملكية العمل الفني.