تأسر السماء الأنظار حين يختفي ضوء القمر أو يتغير لونه بفعل وقوعه في ظل الأرض، فتعم لحظات من الدهشة والرهبة، ويستشعر المؤمن عظمة الخالق الذي يُسيّر هذا الكون بنظام محكم لا يختل.
وتدفع هظاهرة خسوف القمر، المسلم، إلى البحث عن أقرب السبل للتضرع إلى الله، حيث أوصى النبي ﷺ بذكر الله والدعاء والاستغفار والصدقة عند حدوث الخسوف، حتى تتحول هذه اللحظات إلى فرصة للتوبة وتجديد العهد مع الله، وتؤكد دار الإفتاء المصرية أن المسلم يُستحب له في هذه الأوقات الإكثار من الدعاء والذكر، مع أداء صلاة الخسوف حتى انجلاء القمر.
أدعية وأذكار مستحبة وقت خسوف القمر
يبدأ المسلم بالتسبيح والتحميد والتهليل، فيقول “سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر”، ويكررها بخشوع حتى تمتلئ روحه بالسكينة، ويكثر من الاستغفار قائلاً “ أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه”، ليجدد عهده مع ربه بالتوبة والإنابة.
ويرفع المسلم يديه بالدعاء، فيسأل الله أن يغفر له ذنوبه، وأن يرحمه ويثبت قلبه على الإيمان، ويقول اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، كما يستحب أن يدعو بدعاء النبي ﷺ “ اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، ومن فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا”.
ويحث العلماء المسلم أن يُطيل في الدعاء بالرحمة وطلب المغفرة ورفع البلاء عن الأمة، فيقول “اللهم ارفع عنا البلاء والوباء، وارزقنا الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام”، ويستحب أن يستشعر في كل كلمة معنى الخضوع لعظمة الله الذي أجرى هذا التغير الكوني ليذكر عباده بضعفهم وحاجتهم إليه.
ويستحب كذلك أن يُصاحب الدعاء أعمال صالحة أخرى، فيتصدق المسلم على المحتاجين، ويصل رحمه، ويجدد نيته في الطاعة، حتى يخرج من هذه اللحظات وقد كتب له الأجر مضاعفًا، كما ينصح الفقهاء أن يتحول وقت الخسوف إلى ساعة جامعة للأسرة، فيجتمع أفراد البيت على الذكر والصلاة، فينشأ الأبناء على إدراك الجانب الروحي من الظواهر الكونية.
ويؤكد العلماء أن الذكر وقت الخسوف لا يقتصر على صيغة معينة، بل يمكن للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، مع الحرص على حضور القلب والخشوع، ويُستحب كذلك أن يردد المسلم دعاء النبي ﷺ “اللهم قِنِي عذابك يوم تبعث عبادك، وأن يلزم الدعاء بالثبات والهداية”، وبذلك يتحول خسوف القمر من مجرد مشهد فلكي إلى لحظة إيمانية كبرى، يحيي فيها المسلم ذكر الله، ويجدد صلته بربه، ويخرج منها بطمأنينة وسكينة تغمر قلبه.
