حذّرت دولة الإمارات العربية المتحدة إسرائيل من أن أي عملية ضم لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة ستشكل "خطًا أحمر"، وستنهي مساعي التكامل الإقليمي.
جاء هذا التحذير على لسان لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية في الإمارات، قبيل الذكرى الخامسة لتوقيع "اتفاقيات أبراهام" التي شهدت تطبيع العلاقات بين إسرائيل وثلاث دول عربية وفقا لشبكة سي إن إن الإخبارية.
تُعتبر هذه التصريحات أقوى توبيخ إماراتي لإسرائيل حتى الآن، وتثير تساؤلات جدية حول استدامة اتفاقيات التطبيع.
وقد أوضحت نسيبة أن ضم الضفة الغربية سيقوّض "رؤية وروح" الاتفاقيات، ويهدد بشكل مباشر حل الدولتين، وهو الحل الذي تدعمه الإمارات والمجتمع الدولي.
تهديدات متزايدة لحل الدولتين
جاء التحذير الإماراتي في ظل تزايد التوترات، حيث ذكر مسؤولون إسرائيليون أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدرس خيارات مختلفة لضم أجزاء من الضفة الغربية، ردًا على قرار العديد من الدول الغربية الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.
وتشمل هذه الخيارات ضم منطقة "ج" التي تشكل 60% من الضفة الغربية، أو ضم غور الأردن، الذي يحظى بتوافق أوسع داخل إسرائيل.
من ناحية أخرى، يضغط حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، من أجل ضم كامل الأراضي التي لا يسكنها الفلسطينيون، مما سيجعل قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا أمرًا مستحيلًا.
وكانت نسيبة قد أشارت إلى أن هذه المقترحات تهدف إلى "دفن فكرة الدولة الفلسطينية"، في إشارة واضحة إلى تصريحات سابقة لسموتريتش.
موقف الإمارات الثابت تجاه القضية الفلسطينية
أكدت لانا نسيبة أن الإمارات لم تتخلَّ يومًا عن دعمها للشعب الفلسطيني وتطلعاته في إقامة دولة مستقلة. وأشارت إلى أن بلادها اعتبرت اتفاقيات أبراهام وسيلة لتعزيز هذا الدعم.
ورغم الانتقادات التي وجهتها الإمارات لإسرائيل في السابق بسبب حرب غزة، إلا أنها استخدمت علاقاتها لتنسيق عمليات إنزال جوي للمساعدات الإنسانية في القطاع، معتبرة أن الاتفاقيات تعود بالفائدة على الفلسطينيين أيضًا.
وفي عام 2020، كانت الإمارات قد اشترطت تطبيع العلاقات على تعليق إسرائيل لخططها بضم أجزاء من الضفة الغربية، وقدمت هذه الخطوة كإنجاز دبلوماسي لجهودها الداعمة لقيام الدولة الفلسطينية.
وفي ختام بيانها، دعت نسيبة الحكومة الإسرائيلية إلى تعليق خطط الضم، محذرة من أن المتطرفين لا يجب أن يحددوا مسار المنطقة، وأن السلام يتطلب الشجاعة والإصرار.
يأتي التحذير الإماراتي في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، خاصة مع إشارة مسؤولين إسرائيليين إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدرس بجدية خيارات لضم أجزاء من الضفة الغربية، وذلك كرد فعل على اعتراف العديد من الدول الغربية بالدولة الفلسطينية.
بالرغم من أن الإمارات كانت أول دولة عربية تدين هجمات 7 أكتوبر، وحافظت على علاقاتها مع إسرائيل طوال حرب غزة، بل وعملت مع الحكومة الإسرائيلية على خطة لما بعد الحرب، إلا أنها تعتبر ضم الضفة الغربية "خطًا أحمر".
وقد صرح مسؤول إماراتي رفيع المستوى لموقع "أكسيوس" أن هذه الخطط، إذا نُفذت، ستلحق ضررًا كبيرًا بالعلاقات الإماراتية-الإسرائيلية وستقوض بشكل لا يمكن إصلاحه ما تبقى من رؤية التكامل الإقليمي.
أبلغت الإمارات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن ضم إسرائيل للضفة الغربية سيضر باتفاقيات أبراهام ويقوض آمال الرئيس في توسيعها.
ويُعتبر ترامب اللاعب الأجنبي الوحيد الذي يمكنه إيقاف خطط الضم الإسرائيلية. وتشير رسالة الإمارات إلى أنه إذا لم يتدخل، فإن جزءًا أساسيًا من إرث سياسته الخارجية قد ينهار.
موقف الإدارة الحالية: لم تتخذ إدارة ترامب موقفًا واضحًا بعد من خطط الضم، على الرغم من أن الرئيس ترامب منع مثل هذه الخطط مرتين في ولايته الأولى.
وتشير بعض التقارير إلى أن وزير الخارجية ماركو روبيو قد أشار في لقاءات خاصة إلى أنه لا يعارض ضم الضفة الغربية، وأن الإدارة الأمريكية لن تقف في طريقها، وهو ما يثير قلق الإمارات.
تداعيات الضم: يعتبر المسؤولون الإماراتيون أن أي عملية ضم ستكون بمثابة "جرس الموت لحل الدولتين" وأنها غير مبررة، معتبرين أن تبرير إسرائيل للضم كرد فعل على اعتراف الدول بالدولة الفلسطينية "غير معقول".
الدبلوماسية الإماراتية: لم تهدد الإمارات صراحة بإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل، لكنها لم تستبعد هذا الخيار. وتهدف الإمارات من خلال حملتها الدبلوماسية هذه إلى الضغط على إدارة ترامب لوقف نتنياهو.
وقد أكدت لانا نسيبة في مقابلة مع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن بلادها تثق في أن الرئيس ترامب "لن يسمح بتشويه أو تهديد أو إخراج مبدأ اتفاقيات أبراهام من مساره من قبل المتطرفين والراديكاليين".
من المتوقع أن يزور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو المنطقة قريبًا، وسيشارك في حدث تنظمه مجموعة استيطانية في موقع أثري حساس سياسيًا تحت قرية سلوان الفلسطينية في القدس الشرقية، على مسافة قريبة جدًا من المسجد الأقصى.