ـ عدة دول أعضاء فى الاتحاد الأوروبى اتجهت لتنويع مصادرها مع اقتراب فرض حظر أشد على واردات الطاقة
ـ المفوضية الأوروبية وضعت خططًا للتخلص التدريجى من واردات الغاز والنفط الروسية بحلول 2028
ـ سلوفاكيا هدّدت بالنظر فى اتخاذ إجراء قانونى إذا لم تُمنح إعفاءً أو تعويضًا مقابل وقف وارداتها من الغاز الروسى
- فرنسا وإسبانيا وبلجيكا استحوذت على 85% من واردات أوروبا من الغاز الطبيعى المسال الروسي في 2024
ـ تقرير ENR يخلص إلى أنّ الاتحاد الأوروبى يواجه مهمة معقدة خلال المرحلة المقبلة
كشف تقرير أوروبي جديد عن أن القارة العجوز قد نجحت في تقليص اعتمادها على الطاقة الروسية بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، غير أنّ مليارات اليوروهات ما زالت تتدفق إلى موسكو سنويًا.
ومع اقتراب فرض حظر أشد على واردات الطاقة، اتجهت عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تنويع مصادرها، بينما ظلّت دول أخرى تعتمد على خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال الروسي. وفقًا لتقرير نشرته شبكة European Newsroom (ENR).
وفي خضم الجهود الدبلوماسية الشهر الماضي للضغط على روسيا من أجل الدخول في مفاوضات السلام، كشفت بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات» أن الاتحاد الأوروبي استورد غازًا طبيعيًا مسالًا من روسيا بقيمة نحو 4.48 مليار يورو في النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ3.47 مليار يورو خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
ويبرز التقرير أن الاتحاد الأوروبي يسعى منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني في فبراير 2022 إلى إنهاء اعتماده على روسيا في مجال الطاقة، بهدف الحد من قدرتها على تمويل الحرب.
وعلى خلاف النفط والفحم الروسيين، لم يفرض الاتحاد الأوروبي حظرًا مباشرًا على الغاز، بسبب استمرار اعتماد بعض الدول الأعضاء عليه. ولا يزال تدفق الغاز الطبيعي المسال والغاز عبر خطوط الأنابيب، بما في ذلك خط أنابيب «ترك ستريم»، قائمًا، وإن كان بمستويات أقل كثيرًا مقارنة بما قبل عام 2022.
غير أن المفوضية الأوروبية وضعت خططًا للتخلص التدريجي من جميع واردات الغاز والنفط الروسية بحلول عام 2028. وبموجب المقترح، ستُحظر العقود الجديدة اعتبارًا من 1 يناير 2026، على أن تنتهي العقود قصيرة الأجل الحالية في 17 يونيو 2026، فيما تُحظر العقود طويلة الأجل اعتبارًا من مطلع عام 2028.
ويحتاج هذا الإجراء إلى موافقة البرلمان الأوروبي و15 دولة على الأقل من الدول الأعضاء الـ27، بما يمثل 65% من سكان الكتلة.
المجر وسلوفاكيا الأكثر اعتمادًا
حققت دول الاتحاد الأوروبي بالفعل خطوات كبيرة في تقليص الاعتماد على النفط الروسي، إذ انخفضت حصته من 29% في الربع الأول من عام 2021 إلى 2% فقط في الربع الثاني من عام 2025، وفقًا لبيانات «يوروستات».
لكن المجر وسلوفاكيا ظلتا استثناءً واضحًا، حيث تواصلان استيراد كميات كبيرة من النفط الروسي، بعدما حصلتا، إلى جانب جمهورية التشيك، على إعفاء من حظر الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي.
ورغم أن التشيك تمكنت منذ أبريل الماضي من إنهاء اعتمادها على النفط الروسي عقب استكمال توسيع خط أنابيب النفط الغربي «TAL»، فإن المجر وسلوفاكيا لم تبذلا خطوات مماثلة.
وقد أبرزت الهجمات الأوكرانية الأخيرة على خط أنابيب «دروجبا» هشاشتهما أمام موسكو، وما ترتب على ذلك من اضطراب في الإمدادات.
ويشير التقرير إلى أن البديل الممكن أمام البلدين يتمثل في نقل النفط عبر البحر الأدرياتيكي، لكنهما مترددان في الاعتماد على هذا الخيار.
ففي تصريحات الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية المجري بيتر زيجارتو إن سعة خط الأنابيب الكرواتي أصغر من الطلب الفعلي للمجر وسلوفاكيا، وإن توقف خط «دروجبا» لفترة طويلة سيجعل إمدادات النفط مستحيلة بالنسبة لهما، مشددًا على أن الأمر «ليس قضية سياسية أو أيديولوجية، بل يتعلق بالواقع الملموس وبالبنية التحتية القائمة».
غير أنّ كرواتيا تعارض هذه المزاعم، إذ أكد رئيس الوزراء أندريه بلينكوفيتش ووزير الاقتصاد أنتي شوشنار أنّ خط أنابيب «أدريا» يتمتع بطاقة كافية، وأن جميع البنى التحتية الكرواتية متاحة لدعم نقل النفط والغاز، مشيرين إلى أنّ تكاليف النقل ستنخفض كلما زادت الكميات المنقولة.
ومع ذلك، لا تزال المجر وسلوفاكيا مترددتين في توسيع اعتمادهما على خط «أدريا». وفي هذا السياق، هدّدت سلوفاكيا بالنظر في اتخاذ إجراء قانوني إذا لم تُمنح إعفاءً أو تعويضًا مقابل وقف وارداتها من الغاز الروسي.
تراجع اعتماد دول شرق أوروبا
وعلى صعيد دول أخرى، أوقفت بلغاريا استيراد الغاز الروسي في أبريل 2022، عقب رفضها طلب «غازبروم» الدفع بالروبل. كما أوقفت رسميًا استيراد النفط الخام الروسي في مارس 2024، أي قبل انتهاء الإعفاء الممنوح لها حتى نهاية العام ذاته.
ومع ذلك، لا تزال تسمح بمرور الغاز الروسي عبر أراضيها عبر خط «تيار البلقان»، وهو امتداد لخط «التيار التركي» الذي يصل من تركيا إلى صربيا.
ويسمح بمرور الغاز عبر بلغاريا بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي، لكونه يعبر الحدود في طريقه إلى دول ثالثة، رغم أن جزءًا كبيرًا منه ينتهي في المجر، وهي عضو في الاتحاد.
فرنسا تتصدر واردات الغاز المسال الروسي
أما فيما يتعلق بالغاز الطبيعي المسال، فإن بعض الدول الأوروبية تعتمد على روسيا أكثر من غيرها.
ففي عام 2024، استحوذت فرنسا وإسبانيا وبلجيكا على 85% من واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال الروسي، في حين زادت فرنسا وهولندا وارداتهما بنسبة 81% مقارنة بعام 2023، بحسب معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي.
وفي المقابل، ظلت دول أخرى أقل ارتباطًا بالغاز الروسي، إذ لم تتجاوز نسبة واردات إيطاليا منه 2%، بينما لا ترتبط سلوفينيا بأي عقود مباشرة مع روسيا.
وتستورد الأخيرة معظم غازها عبر معبر بومغارتن في النمسا، وقد نجحت خلال السنوات الثلاث الماضية في تنويع مصادرها وتأمين بدائل مختلفة.
ويخلص تقرير ENR إلى أنّ الاتحاد الأوروبي يواجه مهمة معقدة خلال المرحلة المقبلة، تتمثل في تحقيق التوازن بين أمن الإمدادات واستقرار السوق والحفاظ على التوافق السياسي، مع الاستمرار في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز البنية التحتية، تمهيدًا للتخلص الكامل من واردات الطاقة الروسية بحلول عام 2028.