في الثاني من سبتمبر من كل عام، يحتفل العالم بـ"اليوم العالمي لجوز الهند"، الذي أسسته جمعية جوز الهند لآسيا والمحيط الهادئ عام 2009، بهدف تسليط الضوء على هذه الثمرة الاستوائية الغنية بالفوائد الغذائية والصناعية.
ويأتي هذا الاحتفال في وقت تشهد فيه زراعة جوز الهند توسعًا عالميًا ملحوظًا، نظرًا لاستخداماته المتنوعة في الصناعات الغذائية، ومستحضرات التجميل، والدواء، والعطور، بل وحتى الأثاث والملابس.
فاكهة لا تُزرع في مصر.. فما الأسباب؟
رغم الاهتمام العالمي المتزايد بهذه الفاكهة، إلا أن زراعة جوز الهند لا تزال غائبة عن المشهد الزراعي المصري. ورغم أن مصر بدأت مؤخرًا في زراعة محاصيل ونباتات لم تكن تُزرع من قبل، فإن جوز الهند يظل استثناءً، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب رئيسية:
عدم ملاءمة المناخ: جوز الهند يحتاج إلى مناخ حار ورطب على مدار العام، وهو ما لا يتوافر في أغلب المناطق الزراعية في مصر، التي تتسم غالبًا بالجفاف وارتفاع درجات الحرارة دون الرطوبة اللازمة.
الاستهلاك الكبير للمياه: يعتبر من المحاصيل الشرهة للمياه، في وقت تتجه فيه مصر نحو ترشيد استهلاك المياه، والتركيز على زراعة محاصيل أقل احتياجًا للمياه بسبب التحديات المائية المتزايدة.
ارتفاع تكلفة الزراعة: تتطلب زراعة جوز الهند تقنيات متقدمة في الري والتسميد والحصاد، مما يجعل تكلفة إنتاجه مرتفعة نسبيًا مقارنةً بمحاصيل أخرى أكثر جدوى اقتصادية في السوق المصري.
الأولويات الزراعية في مصر: تُركز السياسات الزراعية المصرية على محاصيل استراتيجية مثل القمح، والأرز، والقطن، وهي محاصيل تشكل أساس الأمن الغذائي الوطني.
طبيعة التربة: يحتاج جوز الهند إلى تربة رملية أو قلوية خفيفة، وهي أنواع غير شائعة في التربة الزراعية المتوفرة بمصر.
مزايا عالمية هائلة تدفع لزراعته
في المقابل، تؤكد تقارير صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة (الفاو) أن جوز الهند يمثل إحدى أهم الثروات الزراعية في المناطق الاستوائية، حيث يُزرع على مساحة تُقدّر بـ10 ملايين هكتار عالميًا.
ووفقًا للتقرير، هناك نوعان رئيسيان من جوز الهند:
ذو الألياف البنية: وهو الأكثر شيوعًا واستخدامًا.
ذو الألياف البيضاء: يتم استخراجه من الثمار الخضراء غير الناضجة بعد نقعها لمدة قد تصل إلى عشرة أشهر.
فوائد اقتصادية وصناعية واسعة النطاق
زراعة جوز الهند لا توفر فقط ثمارًا للأكل، بل تمتد فوائده إلى العديد من الصناعات:
الزيت المستخرج من الثمار: يُستخدم في مستحضرات التجميل وتغذية الشعر، بفضل خصائصه المرطبة والمغذية.
الخشب الناتج من الشجرة: يُستخدم في الأثاث ومواد البناء، ويُعرف باسم "خشب البامبو" نظرًا لمرونته وصلابته.
الألياف الطبيعية: تدخل في صناعة السجاد، والملابس، وبعض أنواع الأقمشة.
مستحضرات طبية ومكملات غذائية: تُستخرج من الثمرة مضادات للبكتيريا والفطريات تُستخدم في بعض العلاجات الطبيعية.
ماء جوز الهند: يُستخدم في تصنيع مشروبات الطاقة لاحتوائه على البوتاسيوم والمغنيسيوم، ومجموعة من المعادن المفيدة.
حليب جوز الهند.. عنصر غذائي غني بالفوائد
أفاد تقرير لوزارة الزراعة أن حليب جوز الهند يُعد من المنتجات الأكثر فائدة التي تُستخرج من الثمرة، حيث يحتوي على:
فيتامينات ومعادن مهمة مثل فيتامين C، E، الكالسيوم، المنغنيز، الزنك، والنحاس.
دهون ثلاثية صحية تمنح شعورًا بالشبع، ما يجعله مكونًا شائعًا في أنظمة التغذية الصحية.
حمض اللوريك، المعروف بقدرته على محاربة البكتيريا والفيروسات، ما يدعم المناعة ويقلل الالتهابات.
رسالة اليوم العالمي
في اليوم العالمي لجوز الهند، تتجدد الدعوة للنظر في إمكانيات توسيع نطاق الزراعة الاستوائية المستدامة، مع مراعاة خصوصيات المناخ والموارد المحلية لكل دولة. ورغم أن زراعة جوز الهند لا تزال بعيدة المنال في مصر حاليًا، فإن ما يقدمه من عائد اقتصادي وصناعي يدفع باتجاه استكشاف حلول بديلة قد تجعل من زراعته مشروعًا قابلًا للدراسة مستقبلاً.