الحركة المدنية تستعد لانتخابات البرلمان بتحالفات جديدة ونقاشات حول آليات المشاركة
مع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب 2025 تكثّف الحركة المدنية الديمقراطية استعداداتها للمنافسة، عبر الدفع بمرشحين من مختلف أحزابها، رغم انتقادها لقانون الانتخابات القائم على نظام القائمة المغلقة المطلقة.
وفي الوقت الذي تنقسم فيه قوى المعارضة المصرية إلى شقين، الأول يُعرف إعلاميًا بـ"أحزاب الحيّز المتاح" التي دفعت بمرشحيها ضمن قوائم موالية للسلطة، والثاني يضم أحزابًا ترفض القانون لكنها قررت خوض الانتخابات على المقاعد الفردية، تشهد الحركة داخليًا تحالفات جزئية ظهرت مؤخرًا.
تحالفات داخل الحركة
في أغسطس الماضي، أعلن حزبا المحافظين والدستور عن تأسيس تحالف انتخابي تحت اسم "الطريق الحر" للمشاركة في الانتخابات، مؤكدين أن مشروعهما يقوم على الحرية والشفافية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون. وأوضح البيان المشترك الصادر في الأول من أغسطس أن المشاركة تهدف إلى مواجهة محاولات تحويل البرلمان إلى كيان أحادي الصوت، داعيًا المواطنين إلى الانضمام باعتباره "بديلًا سياسيًا حقيقيًا".
وفي المقابل، شكّل حزب الإصلاح والتنمية، الذي ما يزال داخل الحركة، تحالفًا آخر مع حزبي العدل والمصري الديمقراطي الاجتماعي – رغم تجميدهما عضويتهما في الحركة منذ الانتخابات الرئاسية – تحت اسم "الطريق الديمقراطي".
وأعلنت الأحزاب الثلاثة في بيان صدر بتاريخ 25 مايو 2025 تمسكها بخيار الحوار والمشاركة السياسية، مع رفضها لقانون الانتخابات الذي "تنكّر لمخرجات الحوار الوطني"، مؤكدةً خوض المنافسة على المقاعد الفردية مع دراسة خيار القوائم.
موقف الحركة المدنية
وكانت الحركة المدنية الديمقراطية قد عقدت مؤتمرًا صحفيًا في 26 مايو 2025، أعلنت خلاله رفضها لقانون الانتخابات الجديد واصفةً إياه بـ"المعيب" الذي يغلق أبواب التغيير ويتيح هيمنة سياسية، مؤكدة في الوقت نفسه نيتها خوض الانتخابات عبر القوائم المستقلة مع دراسة المشاركة في الدوائر الفردية، مع التشديد على المطالبة بانتخابات نزيهة وتعددية.
تصريحات من الداخل
وفي هذا السياق، قال أكرم إسماعيل، عضو مجلس أمناء الحركة المدنية الديمقراطية وممثل حزب العيش والحرية (تحت التأسيس ) "قرار النزول على المقاعد الفردية وقطع القوائم جاء لأنها المساحة التي نقدر ننافس فيها. الأحزاب السياسية بطبيعتها عايزة مساحة تعبّر فيها عن نفسها وتمسّ قضايا الناس، وإحنا شايفين المنافسة الفردية فرصة بعيدًا عن القانون السلطوي بتاع القوائم اللي إحنا رافضينه".
وأضاف إسماعيل أن الخلاف مع ما يُعرف بأحزاب "الحيز المتاح" لا يتعلق بالمشاركة في القوائم كفكرة، وإنما بكونها قوائم موالية للسلطة، قائلًا: "لما المعارضة تنزل مع الموالاة في ظل قوانين بتصدر ضد مصالح الناس زي قانون الإيجار القديم وقانون العمل، يبقى الطبيعي إن المعارضة تواجه وتنافس، مش تشاركهم نفس القوائم.
وأوضح أن ما يجري داخل الحركة ليس صراعًا بل "نقاشات طبيعية" حول آلية المشاركة، قائلًا: مفيش صراع داخل الحركة، لكن فيه نقاشات حوالين هل هننزل وفين وإزاي؟ مين المرشحين؟ وإيه البرنامج الأدنى اللي يجمعنا؟".
وأشار إلى أن أبرز الأسماء المطروحة لخوض المنافسة هي: المهندس هيثم الحريري، المهندس طلعت خليل، والدكتور وائل غالي.
تحالفات ليبرالية ويسارية.. وجبهة العدالة ضمن مشهد المنافسة الانتخابية
وأكد إلهامي المرغني، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن الحزب يتعامل مع الانتخابات المقبلة باعتبارها فرصة للتواصل مع الجماهير رغم اعتراضاته الجذرية على القانون الحالي.
وقال المرغني: احنا رافضين قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر والإصرار على القائمة المطلقة، وأيضًا رافضين رسوم الترشيح التي تصل إلى 40 ألف جنيه بما يضعنا أمام مجلس أعيان وليس مجلس نواب. ولذلك رفضنا النزول على القوائم المطلقة بمفردنا أو مع الحركة المدنية، لكننا حريصون على خوض الانتخابات على المقاعد الفردية، لأننا نعتبر الانتخابات البرلمانية فرصة للنزول للشارع والاتصال بالقواعد الجماهيرية.
وأضاف أن التحالف الذي أُعلن بين حزبي الدستور والمحافظين يُمثل خطوة طبيعية، موضحًا:
هو تحالف انتخابي بين أحزاب ليبرالية لها نفس التوجهات، وهو ضرورة لمواجهة قوائم الموالاة ولتنسيق الجهود على المقاعد الفردية. ونحن لدينا جبهة العدالة الاجتماعية (حق الناس)، وهي أيضًا سيكون لها مرشحون على المقاعد الفردية.
وحول تأثير هذه التحالفات على وحدة الحركة المدنية، أوضح المرغني: الحركة المدنية لها رؤية في قضايا الديمقراطية والحريات موجودة في بيان تأسيسها، ولذلك هي شكل من أشكال التحالف التي نحتاجها خاصة في قضايا الديمقراطية والحريات. قد توجد بيننا خلافات في الخصخصة والتطبيع، ولكن توجد ضرورة للحفاظ على الحركة واستمرارها رغم الخلافات القائمة بين تياراتها المختلفة.
وفي ما يخص إمكانية انضمام حزب التحالف الشعبي لتحالف الدستور والمحافظين، شدد المرغني على خصوصية توجهات الحزب، قائلًا: هذا تحالف بين أحزاب ليبرالية، أما التحالف الشعبي فهو حزب اشتراكي يساري وهو عضو في تحالف العدالة الاجتماعية وفي الحركة المدنية، وحريص على التنسيق معهما، لأن المعركة تحتاج لتضافر جهود الجميع لمواجهة التعسف والتضييق.
كما علّق المرغني على مقارنة البعض بين تحالف الدستور والمحافظين وما يُعرف بـ"تحالف الطريق الديمقراطي" الذي يضم العدل والمصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية، موضحًا: الطريق الديمقراطي شكل خروجًا على إجماع الحركة المدنية وخاضوا المعارك على قوائم الموالاة، لكن التحالف الجديد محدد كتحالف انتخابي مع استمرار عضويتهم في الحركة المدنية والتنسيق الانتخابي من خلال الحركة، دون تعارض بين التحالف الجديد والحركة المدنية.
وختم المرغني تصريحاته بالتأكيد على وجود محاولات جدية لتنسيق أوسع بين كافة أطراف الحركة:
بالفعل يوجد تحالف انتخابي للحركة المدنية ومحاولة التنسيق في الدوائر، وهو تحالف واسع يضم كل أحزاب الحركة التي تنافس على المقاعد الفردية. ولذلك هو مرحلة في تطور الحركة المدنية، وليس مجرد تحالف انتخابي فقط.
ورغم تباين المواقف والتحالفات داخل الحركة المدنية يبقى الجامع بينها هو السعي لخلق مساحة أوسع للتواصل مع الشارع وخوض منافسة انتخابية تمنح صوتًا مغايرًا داخل البرلمان المقبل.