الثلاثاء 02 سبتمبر 2025 | 05:15 مساءً
أثارت عمليات شراء الذهب العدوانية من جانب البنك المركزي الصيني منذ عام 2023 موجة من التساؤلات حول مدى قدرة بكين على تنويع احتياطياتها النقدية، وتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي، بما يتناسب مع مكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ويأتي هذا التوجه الصيني في وقت تشهد فيه أسعار الذهب صعودًا تاريخيًا، إذ بلغ المعدن الأصفر مستوى قياسيًا جديدًا عند 3508.5 دولار للأوقية اليوم الثلاثاء الماضي، مدفوعًا بزيادة الطلب العالمي عليه كملاذ آمن في ظل توترات اقتصادية وجيوسياسية متصاعدة.
احتياطي الذهب لدى البنك المركزي الصيني
يعود الاهتمام الصيني المتزايد بالذهب إلى أحداث عام 2022 حينما جمدت العقوبات الغربية نحو 300 مليار دولار من الاحتياطيات الرسمية الروسية، أي ما يعادل نصف ما كانت تملكه موسكو من أصول خارجية، حينها لم يعد البنك المركزي الروسي قادرًا إلا على الوصول إلى الأصول المقومة باليوان والذهب المخزن محليًا، وهو ما اعتبرته الاقتصادات النامية إنذارًا بضرورة تنويع أصولها بعيدًا عن هيمنة الدولار.
وتصدرت الصين، منذ 2023، قائمة المشترين العالميين للذهب بين البنوك المركزية؛ إذ أضاف بنك الشعب الصيني إلى احتياطياته 225 طنًا في 2023، تلاها 44 طنًا في 2024، ثم 21 طنًا أخرى منذ بداية 2025.
ووفقًا للبيانات الرسمية، بلغت الحيازات الصينية 2300.4 طن حتى يوليو الماضي، بقيمة 244 مليار دولار.
وأشار محللين إلى أن بكين قد تمتلك مخزونات غير معلنة من خلال كيانات حكومية أخرى أو مؤسسات تسيطر عليها الدولة، ما يجعل الحجم الحقيقي للاحتياطي الصيني من الذهب أكبر من الأرقام الرسمية.
خطط الصين لشراء الذهب
تظل الخطط المستقبلية لشراء الذهب أحد أسرار الدولة في الصين، ومع ذلك، تعود التوقعات إلى عام 2009 عندما اقترح هو هويمين، نائب الأمين العام لجمعية الذهب الصينية آنذاك، رفع الاحتياطيات إلى 5000 طن استجابةً للأزمة المالية العالمية آنذاك وصعود مكانة بكين الدولية.
ويقول ديفيد ويلسون، المحلل في بنك بي إن بي باريبا: "إذا كان هدف الصين في 2009 هو الوصول إلى 5000 طن، فمن المرجح أن يكون الرقم المستهدف اليوم أعلى بكثير، نظرًا للنمو الاقتصادي الهائل منذ ذلك الحين".
ويضيف ويلسون: "من المرجح أن نرى استمرار الطلب من بنك الشعب الصيني بينما تواصل البلاد استراتيجية تنويع الاحتياطيات وتقليص الاعتماد على الدولار".
ولو تحقق هذا السيناريو، فإن وصول الصين إلى 5000 طن أو أكثر سيجعلها ثاني أكبر مالك رسمي للذهب عالميًا بعد الولايات المتحدة التي تحتفظ بـ8133.5 طن، متقدمة بذلك على ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
نسبة الذهب في احتياطيات الصين
يرى محللون أن نسبة الذهب في احتياطيات الصين لا تزال منخفضة مقارنة بالمعايير العالمية، فبينما يمثل الذهب نحو 7% فقط من إجمالي احتياطيات بكين، يصل المتوسط العالمي إلى 22%، فيما تبلغ هذه النسبة في الولايات المتحدة 78%.
ويرجع ذلك إلى ضخامة الاحتياطيات الصينية البالغة 3.6 تريليون دولار، مما يجعل رفع نسبة الذهب عملية أكثر تعقيدًا.
وقال مسؤول صيني مشارك في النقاشات الداخلية – طلب عدم الكشف عن هويته: "احتياطيات الذهب الأمريكية تتجاوز 8000 طن، ويجب ألا تقل احتياطياتنا عن 5000 طن لتعكس مكانتنا كثاني أكبر اقتصاد عالمي"، وفقًا لوكالة رويترز.
ويضيف اقتصاديون أن الصين، التي تمثل أكثر من 64% من حجم الاقتصاد الأمريكي (بحساب الناتج المحلي الإجمالي الاسمي)، ينبغي أن تمتلك 5205 أطنان من الذهب لو طُبقت النسبة ذاتها على احتياطيات الولايات المتحدة.
سباق شراء الذهب
لم تكن الصين وحدها في سباق شراء الذهب؛ فقد سارعت بولندا بدورها إلى تعزيز احتياطياتها، وأضافت نحو 287 طنًا بين عامي 2023 و2025، ما رفع نصيب الذهب إلى 20% من إجمالي احتياطياتها.
وبرر البنك الوطني البولندي هذه الخطوة بمخاطر اقتراب الحرب الروسية الأوكرانية من حدوده وتأثيرها على استقرار اقتصاده.
في المقابل، ظلت احتياطيات الولايات المتحدة دون تغيير كبير على مدار 25 عامًا، لكنها ما زالت تشكل 78% من إجمالي احتياطياتها، وهو أمر شائع في الاقتصادات المتقدمة التي تحتفظ بكميات ضخمة من الذهب تاريخيًا.
أكبر منتج عالمي للذهب
تمتلك الصين ميزة نسبية كونها أكبر منتج عالمي للذهب، حيث ساهمت بنسبة 8% من إجمالي المعروض العالمي البالغ 4974.5 طن في 2024، وهو ما يتيح لها مرونة أكبر في تعزيز حيازاتها من دون الاعتماد المفرط على السوق الخارجية.
ويرى روبن بهار، المستشار المستقل: "في حال أصبحت الصين الاقتصاد الأكبر عالميًا خلال العقود القادمة، فإن احتياطياتها من الذهب يجب أن تتجاوز 8 آلاف طن لمواكبة مكانتها الجديدة".
ويوضح المحلل المستقل روس نورمان: "هناك رغبة صينية أكيدة في شراء المزيد من الذهب، لكن بكين لا تريد ملاحقة السوق في ذروة الأسعار، واحتياطياتها لا تزال لغزًا معقدًا داخل لغز آخر".
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.