أخبار عاجلة

خطة "ريفييرا غزة".. وثيقة مسربة تثير موجة غضب عالمي

خطة "ريفييرا غزة".. وثيقة مسربة تثير موجة غضب عالمي
خطة "ريفييرا غزة".. وثيقة مسربة تثير موجة غضب عالمي

ووصفت صحيفة الجارديان البريطانية الوثيقة المسربة بشأن خطة ترامب لقطاع غزة بأنها محاولة مجنونة لتجميل التطهير العرقي وتصفية القضية الفلسطينية.

وأشارت الصحيفة إلى رفض واسع النطاق لتسريبات خطة ريفييرا غزة، وفي تطور صادم أثار موجة غضب عالمية، كشفت وثيقة مسربة عن خطة طموحة تُعرف بـ"ريفييرا غزة"، تهدف إلى تحويل قطاع غزة المدمر إلى سلسلة من المدن الذكية المتطورة تكنولوجيًا، تحت إدارة أمريكية لمدة عقد على الأقل.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، فإن الخطة، المسماة "إعادة إعمار غزة والتسريع الاقتصادي والتحول إلى الثقة" (GREAT)، تقترح تهجيرًا "طوعيًا" لأكثر من مليوني فلسطيني من سكان غزة، وهو ما وصفه خبراء حقوق الإنسان والقانون الدولي بأنه محاولة "مجنونة" لتجميل التطهير العرقي، وربما حتى عمل من أعمال الإبادة الجماعية.

وأشارت الجارديان إلى أن الخطة، التي طُورت بمساهمة أفراد مرتبطين بالحكومة الإسرائيلية وشركة بوسطن الاستشارية، تتضمن رؤية استعمارية لتحويل غزة إلى مركز سياحي وتكنولوجي، مع تجاهل تام لسيادة الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير.

تفاصيل الخطة المثيرة للجدل

تكشف الوثيقة المسربة، المكونة من 38 صفحة، عن خطة طموحة لإعادة تشكيل غزة كوجهة عالمية تتضمن مدنًا ذكية تعمل بالذكاء الاصطناعي، منتجعات فاخرة، ومنطقة تصنيع تكنولوجية تحمل اسم إيلون ماسك، مبنية على أنقاض المنطقة الصناعية في إيرز التي دمرتها القوات الإسرائيلية. 

لكن الجزء الأكثر إثارة للجدل هو اقتراح تهجير سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة إلى دول أخرى، مثل مصر أو دول إفريقية غير محددة، من خلال "إخلاء طوعي" مدعوم بحوافز مالية تشمل 5000 دولار وإعانات إيجار وطعام لمدة أربع سنوات وسنة على التوالي. 

الخطة تفترض أن 25% من السكان سيختارون المغادرة، و75% منهم لن يعودوا، مما يثير تساؤلات حول مدى "طوعية" هذا الإخلاء في ظل الظروف القاسية التي يعيشها الفلسطينيون بعد الحرب التي دمرت 92% من المباني السكنية وقتلت أكثر من 60000 فلسطينيًا.

وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الخطة تمنح إسرائيل "حقوقًا شاملة" لضمان أمنها، دون الاعتراف بسيادة فلسطينية، مما يعزز المخاوف من أن الهدف هو ضم غزة بشكل فعلي.

إدانات دولية وحقوقية حادة
وأثارت الخطة ردود فعل غاضبة من العديد من الأطراف الدولية. وذكرت الجارديان تعليق فيليب جرانت، المدير التنفيذي لمنظمة ترايل إنترناشونال لحقوق الإنسان في سويسرا، إذ وصف الخطة بأنها "مخطط للترحيل الجماعي يتم تسويقه كتطوير"، محذرًا من أنها تمثل "جرائم دولية على نطاق لا يمكن تصوره" تشمل التهجير القسري، وإعادة الهندسة الديموغرافية، والعقاب الجماعي.

وكانت خمس عشرة منظمة حقوقية، بما في ذلك ترايل، قد حذرت سابقًا من أن الشركات الخاصة التي تتعاون مع الحكومة الإسرائيلية في غزة قد تكون متواطئة في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. كما أشار جرانت إلى أن الأفراد والشركات المتورطين في هذه الخطة قد يواجهون مسؤولية قانونية لعقود قادمة.

وحتى في إسرائيل، أثارت الخطة استهجانًا، حيث وصفتها صحيفة هآرتس اليسارية بأنها "مخطط ترامبي سريع الإثراء يعتمد على مثلث جرائم حرب، والذكاء الاصطناعي، والسياحة"، ومن جانبه حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، من أن الخطة تنتهك القوانين الدولية التي تحظر التهجير القسري، في حين أعربت دول كثيرة مثل مصر والسعودية والأردن عن رفضها القاطع لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين وفقًا للجارديان

سياق سياسي معقد
تأتي هذه التسريبات في ظل سياق سياسي وتاريخي معقد، حيث تعرضت غزة لعقود من الحصار والحروب، كان آخرها الصراع الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023 بعد هجوم حماس على إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص.

 وبدورها، ردت إسرائيل بحملة عسكرية مدمرة أدت إلى تدمير البنية التحتية في غزة، مما جعل فكرة إعادة التطوير تبدو ساخرة وسط الأنقاض والمعاناة الإنسانية. 

الخطة تذكرنا بمقترحات سابقة من اليمين الإسرائيلي المتطرف، مثل مؤتمر "العودة إلى غزة" الذي دعا إلى إعادة توطين المستوطنين اليهود في القطاع. تصريحات جاريد كوشنر في مارس 2024، التي وصفت أراضي غزة الساحلية بأنها "ذات قيمة عالية"، أثارت غضبًا مماثلًا، حيث اعتبرت دعوة مبطنة للتهجير القسري.

تجدر الإشارة إلى أن الخطة، التي تبدو مصممة لجذب انتباه دونالد ترامب، وإيلون ماسك، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تستخدم لغة ومصطلحات تهدف إلى استمالة هذه الشخصيات، مثل تسمية منطقة أمنية باسم الأخير.

الانتقادات القانونية والأخلاقية
من الناحية القانونية، وصفت كاثرين جالاجر، المحامية البارزة بمركز الحقوق الدستورية في نيويورك، الخطة بأنها تعرض أي شركة تتعاون مع إسرائيل أو ترامب في تهجير الفلسطينيين لمسؤولية قانونية كبيرة بموجب القوانين الدولية والولائية، ولفتت إلى أن اتفاقية منع الإبادة الجماعية تحدد أن فرض ظروف حياة تهدف إلى تدمير مجموعة عرقية يمكن أن يُعتبر إبادة جماعية. 

وأخلاقيًا، وُصفت الخطة بأنها "رأسمالية كارثية" تستغل معاناة الفلسطينيين لتحقيق مكاسب اقتصادية، حيث يُعرض على ملاك الأراضي "رموز رقمية" كتعويض عن أراضيهم، وهو ما اعتبره دبلوماسي أوروبي "إهانة للإنسانية". 

معهد توني بلير للتغيير العالمي، الذي شارك موظفوه في مناقشات الخطة، نفى أي دور مباشر، لكنه أثار انتقادات بسبب ارتباطه بمشروع يُنظر إليه كمحاولة لتجميل التهجير القسري.

التأثير على مفاوضات السلام
تأتي هذه التسريبات في وقت حساس، حيث تجري مفاوضات لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي يُتوقع أن ينتهي بنهاية الشهر.

 أعربت قطر، إحدى الدول الوسيطة، عن حذرها من التعليق على الخطة، مشيرة إلى ضرورة التركيز على إنهاء الحرب.

 الخطة، التي تتجاهل سيادة الفلسطينيين وتعطي الأولوية للمصالح الأمريكية والإسرائيلية، تهدد بتقويض هذه المفاوضات. 

رفضت حماس الخطة بشكل قاطع، حيث أكد باسم نعيم، مسؤول كبير في الحركة، أن "غزة ليست للبيع، بل هي جزء من الوطن الفلسطيني الأكبر" (الجارديان، 2025).

 هذا الموقف يعكس إجماعًا فلسطينيًا على رفض أي محاولات لمحو هويتهم الوطنية تحت ستار إعادة التطوير.

تحدٍ للعدالة والإنسانية
تكشف تسريبات خطة "ريفييرا غزة" عن محاولة طموحة ومثيرة للجدل لإعادة تشكيل مستقبل غزة بطريقة تتجاهل حقوق سكانها الأصليين. مع الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع، فإن فكرة تحويله إلى مركز سياحي فاخر في ظل تهجير سكانه تُعد، كما وصفها النقاد، "محاولة مجنونة لتجميل التطهير العرقي". 

كما أن الإدانات الدولية من الأمم المتحدة، الدول العربية، ومنظمات حقوق الإنسان تؤكد خطورة هذه الخطة وانتهاكها للقوانين الدولية.

 في وقت يسعى فيه العالم لإنهاء الصراع في غزة، تظل هذه الخطة بمثابة تذكير قاتم بأن طموحات إعادة التطوير يمكن أن تُستخدم كأداة لمحو الهوية الفلسطينية، مما يستدعي استجابة عالمية قوية للدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق العلاقات المصرية الصينية في أفق جديد.. زيارة رسمية لكامل الوزير إلى بكين
التالى "إي تاكس" تحتفي بنجاح وزارة المالية في "التسهيلات الضريبية"