تواصل ناقلات غاز مسال روسية مرورها عبر طريق بحر الشمال، سعيًا لتوفير الوقت والنفقات في عمليات الشحن، مستفيدة من ذوبان الجليد في أشهر الصيف.
وأظهرت بيانات تتبع حديثة للسفن مرور 8 ناقلات غاز مسال روسية خلال الشهرَيْن الماضيَيْن، عبر بحر الشمال، متجهة إلى آسيا.
وبحسب البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تعاملت هذه الناقلات مع محطتَي أركتيك 2 للغاز المسال الخاضعة للعقوبات، بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، ويامال للغاز المسال التي لا تخضع لأي عقوبات.
وكانت عمليات التحميل قد استُؤنفت في محطة أركتيك 2 للغاز المسال، في أواخر يونيو/حزيران 2025، إذ اتجهت 4 شحنات شرقًا نحو آسيا عبر طريق بحر الشمال على متن ناقلات خاضعة للعقوبات أيضًا.
وعلى الرغم من أن البعض يعتقد أن الخاسر الأكبر من طريق بحر الشمال هو قناة السويس، فإن الواقع يشير إلى أن الخاسر الأكبر هو الولايات المتحدة.
ناقلات غاز مسال روسية
وفق بيانات تتبع السفن التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة، اتجهت ناقلات غاز مسال روسية شرقًا عبر طريق بحر الشمال، محملة بشحنات من محطة أركتيك 2 للغاز المسال.
وتتصدّر المجموعة الناقلة الكاسحة للجليد من طراز آرك 7 "كريستوف دو مارجوري" (Christophe De Margerie)، التي تحركت من محطة أركتيك 2 للغاز المسال في 12 أغسطس/آب 2025، عن طريق بحر الشمال، متجهةً نحو بحر بيرنغ، وتوجد حاليًا في الشرق الأقصى الروسي.
وتسير هذه الناقلة على خطى ناقلة أخرى من طراز "آرك 7"، وهي "فلاديمير فورونين" (Vladimir Voronin)، التي كانت تحمل شحنة من محطة يامال للغاز المسال في 12 أغسطس/آب 2025، ووصلت إلى ميناء أنجيونغ بكوريا الجنوبية في 26 أغسطس/آب 2025، بحسب بيانات شركة كبلر لتتبع السفن (Kpler).
وغادرت ناقلة الغاز المسال "نيكولاي يفغنوف" (Nikolay Yevgenov) من محطة يامال للغاز المسال في 14 أغسطس/آب 2025، وتوجد حاليًا قبالة سواحل اليابان.
كما غادرت الناقلة "فوسخود" (Voskhod) والناقلة "زاريا" (Zarya) محطة أركتيك 2 للغاز المسال في 15 أغسطس/آب 2025، وتوجد حاليًا في بحر بيرنغ.
أما الناقلة "أركتيك فوستوك" (Arctic Vostok) -التي يُطلق عليها حاليًا اسم إيست إنرجي (East Energy)-، فقد غادرت كوريا الجنوبية في 20 أغسطس/آب 2025، توجد حاليًا في الشرق الأقصى الروسي.
وفي وقت سابق، تحركت الناقلة "إيريس" (Iris) من محطة أركتيك 2 للغاز المسال في 28 يونيو/حزيران 2025، وتوجد حاليًا في بحر شوكشي؛ في حين رُصدت الناقلة "أركتيك مولان" (Arctic Mulan) في شرق آسيا.
وتوضح الخريطة الآتية من شركة كبلر، حركة 4 ناقلات غاز مسال على طريق بحر الشمال، إذ تعبّر الأسهم الخضراء في الخريطة عن السفن المحملة على طول الطريق، فيما تعبّر الأسهم البرتقالية عن السفن الفارغة في مسار العودة:
وكان من المقرر أن تصبح محطة أركتيك 2 للغاز المسال، المملوكة بنسبة 60% لشركة نوفاتيك (Novatek)، إحدى أكبر محطات الغاز المسال في روسيا، بإنتاج سنوي يصل إلى 19.8 مليون طن متري، إلا أن العقوبات أضعفت آفاق المشروع، وواجه صعوبة في بيع الغاز المسال المُنتج.
تجنّب طريق قناة السويس
كان من المفترض أن تمر ناقلات الغاز المسال عبر طريق قناة السويس؛ إلا أن هجمات الحوثيين جعلت الناقلات تتجنّب هذا الممر، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التأمين، ووجود ضغوط أميركية لمنع مرور الغاز المسال الروسي عبر المنطقة لرفع تكلفته؛ ما يجعل الغاز المسال الأميركي أكثر تنافسية في الأسواق الآسيوية.
وبالتالي، اتجهت الناقلات إلى طريق بحر الشمال (NSR)، الذي يُعرف بأنّه مشروع روسي إستراتيجي يستهدف إنشاء ممر ملاحي أقصر يربط بين أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ؛ إذ يمتد على طول 5 آلاف و600 كيلومتر، مارًّا عبر 4 بحار متفرعة من المحيط المتجمد الشمالي.
ويبدأ المسار من مضيق "كارا" بين بحر بارنتس وبحر كارا، ويصل إلى مضيق بيرنغ بين ألاسكا وروسيا؛ ما يجعله أقصر بنسبة 50% مقارنة بممرات الشحن التقليدية، مثل قناة السويس وقناة بنما، وفقًا لمراكز أبحاث القطب الشمالي.
ووفق قاعدة البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة، فإن الرحلة عبر طريق بحر الشمال من محطة يامال الروسية إلى المواني الصينية تمتد لمسافة نحو 7 آلاف ميل بحري، وتستغرق نحو 33 يومًا ذهابًا وإيابًا، دون أيّ رسوم عبور، باستثناء تكلفة مرافقة كاسحات الجليد، التي تُعدّ ضرورية لفتح الممرّ.
أمّا المسار عبر طريق رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، فيُعدّ الأطول، بمسافة تصل إلى 16 ألف ميل بحري، ومدة تتراوح بين 70 و80 يومًا، مع عدم وجود رسوم عبور، لكن باستهلاك أعلى للوقود، وزيادة في انبعاثات الكربون، وتحديات لوجستية أكبر.
وتوضح الخريطة الآتية مسار ناقلات الغاز المسال من محطة يامال الروسية إلى الصين عبر بحر الشمال، بدلًا من الاتجاه إلى قناة السويس أو الدوران حول أفريقيا:
وبحسب التقديرات، فإن استعمال طريق بحر الشمال يوفّر نحو مليون دولار لكل سفينة مقارنةً بقناة السويس، ونحو مليونَي دولار مقارنةً بالدوران حول أفريقيا، خاصةً عند تنظيم السفن في قوافل تشترك بكاسحة جليد واحدة، ما يزيد من الكفاءة التشغيلية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- بيانات تتبع حركة ناقلات الغاز المسال، من موقع شركة كبلر.
- بيانات إضافية عن حركة الناقلات، من منصة "مارين ترافيك".
