أخبار عاجلة
رومانو: أكانجي مطلوب في الدوري الإيطالي -

الانفلات الأخلاقي.. طبيب أكتوبر بين التربية والقانون

الانفلات الأخلاقي.. طبيب أكتوبر بين التربية والقانون
الانفلات الأخلاقي.. طبيب أكتوبر بين التربية والقانون

بصراحة لم أعد أندهش من مشهد شجار في الشارع أو من بلطجي يسب ويلعن أو حتى من شاب جاهل يتعدى على غيره، لكن ما يصيبني بالذهول فعلا وغيري، أن أرى شخصا حاصلا على أعلى الدرجات العلمية، يحمل لقب «دكتور»، يعيش في حي راق، يقود سيارة أحدث موديل، ويخالط من يطلق عليهم «الصفوة»، ثم ينزل إلى مستوى لا يليق حتى بمن لا يملكون أدنى درجات التعليم أو الوعي.

شاهدت مع تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في الفترة الأخيرة، من مقطع فيديو لشخص اتضح أنه طبيب يعيش في أحد الأحياء الراقية في مدينة 6 أكتوبر، شخص أكاديمي، يفترض أنه قدوة، يتفوه بألفاظ ساقطة، يعتدي على زوجته السابقة، ووالدها، ويظهر بحركات فاضحة تثير الاشمئزاز.

الفيديو سلط الضوء على استمرار ظاهرة الانفلات الأخلاقي التي برزت في الفترة الأخيرة، وهذه المرة لم يكن الجاني من الطبقة الفقيرة أو سكان العشوائيات أو المناطق النائية، فالأمر لم يعد متعلقا بظروف اقتصادية أو جهل أو ضغوط نفسية، بل نحن أمام انهيار أخلاقي صريح يضرب في عمق المجتمع، بلا تمييز بين غني وفقير، أو متعلم وجاهل.

المشكلة أن كثيرين ما زالوا يربطون الأخلاق بالطبقة الاجتماعية، وكأن الفقير أو سائق الـ«توك توك» هو فقط من يمكن أن يتصرف بوقاحة أو يسقط في الانحراف السلوكي.

لكن الواقع يكشف أن الأخلاق لا علاقة لها بالشهادات الجامعية ولا بالقصور ولا بالسيارات الفارهة، وإنما بالتربية والضمير الداخلي، نحن في الحقيقة بحاجة إلى أن «نتربى من أول وجديد»، كما أقولها بلا تجميل، كبارا وصغارا، لأن ما نراه اليوم لا يمكن تفسيره إلا بفقدان الحياء، وضعف الوازع الديني، وغياب الرادع الاجتماعي.

لا أنكر أن الدولة تبذل جهدا واضحا عبر مؤسساتها الأمنية، فالشرطة تتحرك بسرعة وتتصدى لكثير من مظاهر البلطجة والانفلات في الشارع، لكن، هل الأمن وحده قادر على إصلاح مجتمع ينهار قيميا؟ بالتأكيد لا.

نحن بحاجة إلى مدرسة تعيد بناء الإنسان منذ طفولته، تزرع فيه قيمة الاحترام والانتماء قبل أن تعلمه الرياضيات والعلوم.

نحن بحاجة إلى منابر دينية، سواء من الأزهر أو من الكنيسة أو من المساجد، تعمل بجد على إعادة الوعي والضمير للأفراد، وتواجه بجرأة ظاهرة «قلة الأدب» التي أصبحت سلوكا عاديا عند كثيرين.

كما أن الإعلام أيضا مطالب بأن يتوقف عن الترويج للتفاهة والابتذال، وأن يعود لدوره التنويري.

الشق الآخر الذي لا يقل أهمية عن التربية، هو القانون، فلا بد أن يكون القانون حاضرا بيد من حديد، وأن يكون الردع فوريا، بغض النظر عن مكانة الشخص الاجتماعية أو العلمية.

حين يخطئ طبيب أو مسؤول أو شخصية معروفة، يجب أن يحاسب بنفس قوة محاسبة أي مواطن آخر، بل ربما بصرامة أكبر، لأنه يفترض أن يكون قدوة.

تحدث معي صديق قائلا إن فكرة تصوير كل المشاكل وعرضها على السوشيال ميديا، أمر خاطئ فتجاوز السلبيات وتجاهلها يقتلها، وتسليط الضوء عليها يزيد من حجمها.

وأقول نعم تجاهل السلبيات وعدم إبرازها يقتلها، لكن إذا كانت السلبية هذه في مكان عام وفيها جاني ومجني عليه وحقوق إنسان تنتهك وحرمة طريق ومارة في خطر، فلا بد من تسليط الضوء عليها ومعاقبة الجاني ليكون عبرة لغيره، وإلا فإن الحقوق والحريات والحرمات ستنتهك بدعوى «محدش هيصورني، ومش هتعاقب».

أقولها بوضوح، مشكلتنا ليست في الفقر ولا في الجهل، مشكلتنا في غياب الأخلاق، نحن نعيش أزمة مجتمع فقد بوصلته القيمية، حتى بات البعض لا يخجل من ارتكاب الفعل الفاضح في بيته أو أمام الناس.

الحل بسيط في كلمتين، تربية وقانون، التربية تعيدنا إلى الدين والأصول والحياء، والقانون يحمي المجتمع من التجاوز ويجعل المذنب عبرة لغيره. من دون هذين الركنين، سنبقى ندور في دوامة انفلات لا تنتهي.
 

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الدفع بالشرطة النسائية وقوات التدخل السريع في انتخابات مجلس الشيوخ 2025
التالى خطوات التقدم على منحة العمالة غير المنتظمة 2025 |التفاصيل