تمكنت أجهزة وزارة الداخلية من توجيه ضربة قاصمة لعصابة شديدة الخطورة تخصصت في تصنيع وترويج المخدرات، بعد أن حول أفرادها منطقة بالقليوبية إلى مركز سري لتصنيع العقاقير المخدرة، وذلك في ضربة أمنية غير مسبوقة تضاف إلى سجل الإنجازات الأمنية في مواجهة أخطر صور الجريمة المنظمة.
ضربة استباقية موجعة لتجار السموم
العملية الأمنية التي قادها قطاع مكافحة المخدرات والأسلحة والذخائر غير المرخصة، بالتنسيق مع الأجهزة المعنية، أسفرت عن سقوط تشكيل إجرامي مكون من سبعة عناصر جنائية محترفة، وضبط كميات ضخمة من المواد المخدرة تقدر قيمتها المالية بنحو 350 مليون جنيه، في واحدة من أكبر القضايا التي شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة.
هذه العملية لا تعكس فقط يقظة الأجهزة الأمنية في تتبع أنشطة المجرمين، بل تبرز كذلك أسلوب العصابات الإجرامية في استخدام وسائل تمويه ماكرة للهروب من الرصد الأمني، حيث لجأ أفراد التشكيل إلى استخدام سيارتي إسعاف تابعتين لإحدى الشركات الخاصة لنقل وترويج العقاقير المخدرة، في محاولة تضليلية لإبعاد الشبهات عن نشاطهم الإجرامي.
المعلومات الدقيقة والتحريات الاستباقية التي قادت إلى كشف نشاط التشكيل الإجرامي، ثم تتبع أعضائه، وانتهاءً بمداهمة محكمة أطاحت بهم جميعاً، تؤكد أن الأجهزة الأمنية تسير بخطوات ثابتة نحو خنق منابع الجريمة وحرمان تجار السموم من أدواتهم المالية والتنظيمية.
كواليس المداهمة: عملية نوعية تحاكي خطط مكافحة الإرهاب
العملية الأمنية اتسمت بطابع خاص يشبه في دقته مداهمات مكافحة الإرهاب، حيث بدأت برصد دقيق لنشاط العصابة، أعقبته مراقبة تحركات أعضائها على مدى أسابيع. وبعد تقنين الإجراءات، تم إعداد خطة محكمة نصبت خلالها الأكمنة في محيط المناطق المستهدفة، وتم تحديد توقيت التنفيذ بما يضمن عنصري المفاجأة والسيطرة الكاملة.
وعند ساعة الصفر، تحركت القوات نحو الموقعين اللذين استخدمتهما العصابة كمصنعين سريين لتصنيع الترامادول المخدر. وبمجرد اقتحام المواقع، فوجئ المتهمون بالقوات التي أحكمت السيطرة على المكان خلال دقائق معدودة.
وأسفرت المداهمة عن ضبط:
1.6 مليون قرص ترامادول مخدر.
100 كيلو جرام من بودرة الترامادول.
3 أطنان من المواد الخام المستخدمة في التصنيع.
كميات من مخدري الحشيش والشابو.
معدات وأدوات متطورة للتصنيع.
6 سيارات بينها سيارتا الإسعاف المستخدمتان في نقل وترويج المخدرات.
هذه الضبطية الضخمة، من حيث الكمية والقيمة المالية، تؤكد أن التشكيل كان يسعى لتأسيس شبكة إجرامية عابرة للمحافظات تستهدف آلاف الشباب المصريين.
آراء خبراء أمنيين: رسالة ردع قوية
أكد خبراء أمنيون في تصريحات لـ البوابة نيوز أن هذه العملية تعد رسالة قوية لكل من تسوّل له نفسه الاتجار في المخدرات، حيث أثبتت أجهزة وزارة الداخلية قدرتها على التغلغل في أعمق شبكات الإجرام.
وأوضحوا أن العصابة اعتمدت على أسلوب إجرامي جديد باستخدام سيارات الإسعاف لنقل المواد المخدرة، ما يكشف تطور أساليب التهريب والترويج، إلا أن القدرة الاستخباراتية للأجهزة الأمنية كانت بالمرصاد.
وأشار الخبراء إلى أن القيمة المالية للمضبوطات، التي بلغت نحو 350 مليون جنيه، تعكس حجم الخسائر التي لحقت بشبكات الاتجار في السموم، مؤكدين أن تلك الضربة ستسهم في إضعاف البنية الاقتصادية للجريمة المنظمة. كما اعتبروا أن نجاح العملية يمثل ركيزة أساسية في حماية الشباب من براثن الإدمان، ويعزز جهود الدولة في مواجهة التحديات الاجتماعية والأمنية المرتبطة بانتشار المخدرات.
الداخلية حصن المجتمع ضد الجريمة
تعكس هذه العملية الأمنية حجم الجهد المتواصل الذي تبذله وزارة الداخلية في مواجهة أخطر صور الجريمة المنظمة. فالنجاح في إسقاط تشكيل عصابي شديد الخطورة وضبط مخدرات بقيمة 350 مليون جنيه، لم يكن ليتحقق لولا التخطيط الاستباقي، والمعلومات الدقيقة، والتنسيق المحكم بين قطاعات الوزارة المختلفة.
إن ما حدث في القليوبية لا يمثل مجرد قضية ضبط مخدرات، بل هو تجسيد عملي لدور وزارة الداخلية كحصن منيع يحمي المجتمع من الأخطار، ويثبت أن الدولة المصرية ماضية في حربها ضد المخدرات بنفس العزيمة التي تواجه بها الإرهاب، لتؤكد أن أمن المواطن وصحة المجتمع يظلان أولوية لا تقبل المساومة.
