حذر محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي من أن الاقتصاد البريطاني يواجه "تحديًا حادًا" في رفع معدل نموه الأساسي في ظل استمرار ضعف المشاركة في سوق العمل، مؤكدًا أن المشكلة لم تعد البطالة بقدر ما هي تراجع مشاركة القوة العاملة بعد جائحة كورونا.
وخلال كلمته أمام ندوة "جاكسون هول" التي ينظمها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ولاية وايومنغ، أوضح بيلي أن بريطانيا تعاني من مزيج معقد يتمثل في تراجع الإنتاجية وضعف المشاركة، ما ترك البلاد أمام أزمة صعبة تتمثل في رفع معدل النمو المحتمل للناتج المحلي الإجمالي. ووصف الوضع بقوله: "إنها قصة محزنة للغاية بالنسبة للمملكة المتحدة".
ضغوط مزدوجة على الاقتصاد البريطاني
أشار محافظ بنك إنجلترا إلى أن البنك خفّض بالفعل تقديراته لمعدل النمو المحتمل للناتج المحلي الإجمالي إلى ما يزيد قليلًا على 1%، وهو ما يعكس "السرعة القصوى" التي يمكن أن ينمو بها الاقتصاد دون أن يتحول النشاط إلى تضخم. وأضاف أن هذا الضعف في النمو المحتمل يجعل الاقتصاد البريطاني أكثر عرضة لمخاطر التضخم، في وقت خفّض فيه البنك سعر الفائدة الأساسي هذا الشهر إلى 4%.
وبيّن بيلي أن مسؤولي السياسة النقدية توقعوا في أعقاب الجائحة ارتفاعًا في البطالة، لكن ذلك لم يحدث لأن المعروض من العمالة انخفض بشكل كبير، مما أدى إلى ترسيخ ضغوط تضخمية أجبرت البنك على إبقاء السياسة النقدية مقيدة لعدة أشهر.
تحديات سوق العمل
وبحسب مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني، سجّلت الإنتاجية معدلات سلبية مؤخرًا، في حين أن أكثر من مليون شخص غادروا سوق العمل بعد الجائحة بسبب اعتلال صحي طويل الأمد، ما يفاقم من التحديات أمام النمو الاقتصادي. وعلى عكس باقي دول مجموعة السبع، لم تتمكن بريطانيا حتى الآن من استعادة معدلات المشاركة التي كانت قائمة قبل الجائحة، وهو ما يضاعف من آثار شيخوخة السكان على الاقتصاد.
وأشار بيلي إلى أن بنك إنجلترا اضطر لتحويل تركيزه من متابعة "معدل البطالة التوازني" إلى مراقبة معدل المشاركة في سوق العمل، في إشارة إلى خطورة الظاهرة على استقرار الاقتصاد.
انعكاسات على السياسة المالية
تواجه وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز ضغوطًا إضافية مع اقتراب إعلان موازنة الخريف، إذ إن ضعف النمو المحتمل يعقد جهود السيطرة على الدين العام والالتزام بالقواعد المالية المعلنة. ومن المتوقع أن يقوم مكتب مراقبة الميزانية بخفض تقديرات النمو في تقريره المقبل، وهو ما قد يجبر الحكومة على زيادة الضرائب لتعويض الفجوة.
مقارنة مع اليابان
وفي الجلسة نفسها، أشار محافظ بنك اليابان إلى أن بلاده تمكنت من تعويض أثر انكماش عدد السكان عبر رفع معدلات المشاركة في سوق العمل، مما ساعد على دعم النمو المحتمل، وهو ما يبرز الفجوة بين التجربة اليابانية ونظيرتها البريطانية.
أزمة بيانات
ولم يُخفِ بيلي شكوكه في جودة بيانات سوق العمل البريطانية، مشيرًا إلى وجود مشاكل حادة في دقتها. وأوضح أن انخفاض المشاركة قد يكون مبالغًا فيه بسبب احتمال زيادة مشاركة غير النشطين اقتصاديًا في استبيانات قوة العمل، مما يجعل الصورة غير واضحة تمامًا.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.