محاولة اقتحام السفارات المصرية بالخارج صور من صور عنف الإخوان المسلمين، لا يمكن فصله عن ممارسات التنظيم على مدار سنوات النشأة ولا سلوكه بعد العام 2013، عندما أنِشأ ميلشيات مسلحة قامت بممارسة العنف في شرق البلاد وغربها.
تجح الإخوان المسلمين في غلق بعض السفارات المصرية في الخارج، كما أنهم قاموا بالأمر ذاته تجاة مقرات إقامة بعض السفراء وأسرهم، وهذا قد يؤدي إلى جريمة أكبر وهي مقتل الموجودون داخل تلك المباني، فضلًا على أنّ المنع والغلق جريمة في حد ذاتها.
فإذا حدث ظرف صحي استلزم نقل أحد الموجودين داخل هذه المباني إلى المستشفى وعاق هذا الغلق سرعة التحرك أو إسعاف المتضرر في هذه اللحظة، هنا يمكن فهم خطورة هذا السلوك، خاصة وأنه يحد من حركة المتواجدين في هذه المباني إذا نشب حريق مثلًا، وهنا يُصبح هؤلاء المحبوسين بداخله ضحايا.
دفع الإخوان المسلمين ببعض الشباب صغير السن للإعتداء على البعثات الدبلوماسية في الخارج رغم ما نصت عليه الإتفاقات والمواثيق الدولية على حمايتها، وفي حال التصدى لسلوك هؤلاء الشباب العنيف، وفق ما تقره القوانين، فإننا نجد التنظيم يُصور أعضاء هذه البعثات وكأنها تعتدي على شباب الجماعة، رغم أنهم هم المعتدون.
الإخوان مارسوا كل أشكال العنف على مدار المراحل التاريخية المختلفة، بدء من العنف السياسي والسلوكي وانتهاء بالعنف الجنائي؛ وهنا نفهم أن العنف ليس مستوى واحد، ولكنه يبقى أنه عنف ولا يمكن التساهل مع مستخدمه.
ما يحدث أمام السفارات المصرية في الخارج لا يمكن أنّ يُعد من قبيل التظاهر أو التعبير عن وجهة النظر، ولكنه إسلوب عنيف وإرهاب، هدفه استفزاز البعثات الدبلوماسية، وممارسة التنظيم للعنف في محاولة للضغط على القيادة السياسية.
الهدف تشويه مصر أمام العالم ويكأنها هي التي أغلقت معبر رفح البري، والحقيقة تُخالف ذلك تمامًا، ولكن هدف التنظيم هو تشوية مصر ومحاولة إحراجها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، إصرار الإخوان على تحقيق هذا الهدف يحمل في طياته توافقًا مع إسرائيل التي صرحت أكثر من مرة أنّ مصر هي التي تمنع المساعدات الإغاثية، كما أنها سبق وصرحت من قبل أنّ الفلسطينين هم من قتلوا أنفسم!
مصر تدفع ضريبة جراء رفضها لتهجير الفلسطينين وتصفية القضية الفلسطينية ودعمها للشعب الفلسطيني في العموم، وتبدو ضريبة المواجهة واضحة في محاولات غلق مقر البعثات الدبلوماسية في الخارج، حيث تحدت مصر الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، فأطلقا التنظيمات المتطرفة تجاه مواجهتها ويبدو هذا واضحًا من محاولات التشوية المتعمد لدورها.
وهنا اختار الإخوان أنّ يكونوا مع إسرائيل، اعتقادا منهم أنها سوف ترسم لهم العوده، كما أنّها ترسم خريطة الشرق الأوسط، وهنا كان الإذعان واضحًا عندما وافق الإخوان على التظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب بموافقة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، وهنا اختلطت أعلام الإخوان وشعاراتهم بأعلام إسرائيل والصهيونية.
لن أركز على حدث تظاهر الإخوان أمام السفارة المصرية في تل أبيب، ولكنني أعلق بأنّ هدف الإخوان إسقاط الدولة ونظامها السياسي، وبالتالي اتجهوا مبكرًا إلى مغازلة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وهذا يبدو من محاولة اقتحام السفارات المصرية في الخارج، التنظيم يسعى لتحقيق أهدافه حتى ولو كان ذلك على حساب القضية الفلسطينية.
ما فعله الإخوان المسلمين لا يمكن أنّ يكون اختراقًا للسفارات المصرية ولكنه احتراقًا للتنظيم ذاته؛ فالعالم كله يشهد على هذا العنف من خلال كاميرات التنظيم ومنصاته الإعلامية، حتى يتأكد للجميع علاقة الإخوان بالعنف، كما يتأكد لهم جميعًا العلاقة الوظيفية التي يقوم بها لصالح واشنطن وتل أبيب.