تباينت ردود الفعل حول قرار الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء، وزير الصحة والسكان، الذي نشرته «الأسبوع» في عددها السابق، ويقضي بتعديل كافة أسعار الخدمات الطبية المقدمة للمريض النفسي والإدمان بمستشفيات الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة والسكان، بدءًا من تذكرة الدخول ومرورًا بالإقامة في المستشفى، وحتى صرف الأدوية وإجراء التحاليل اللازمة للمرضى.
تنفيذ القرار بدأ بالفعل، منذ أول أغسطس في كافة مستشفيات الصحة النفسية التابعة للوزارة، وذلك بحسب تصريحات الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي للوزارة، مؤكدًا أن القرار سيشمل المرضى الجدد والمرضى المتواجدين بالفعل في المستشفيات، حيث سيتم محاسبتهم طبقًا للأسعار الجديدة الواردة بقرار وزير الصحة، موضحا أن القرار خاص بالقسم الاقتصادي بالمستشفى والذي يمثل 30%، وليس القسم المجاني الذي تراوح نسبته 70%.
تشكيل مجلس إدارة صندوق تحسين الخدمة بالمستشفيات
طبقًا للمادة الثالثة من قرار وزير الصحة والسكان رقم 220 لسنة 2025، فإنه يشكل بكل مستشفى مجلس إدارة لصندوق تحسين الخدمة الصحية، ويشكل مجلس إدارة الصندوق بقرار من الأمين العام برئاسة مدير المستشفى وعضوية كل من: نواب مدير المستشفى، المدير المالي والإداري، رئيس التمريض، إحدى الشخصيات العامة المهتمة برعاية المريض النفسي.
أما المادة الرابعة من القرار فنصت على اختصاصات مجلس إدارة الصندوق، التي تتمثل في وضع السياسات والبرامج والأنشطة والخطط التنفيذية التي تهدف إلى تنمية موارد الصندوق وترشيد الإنفاق والإشراف على تنفيذها، وإعداد موازنة الأداء والإنجازات الشهرية والبحوث الخاصة بالصندوق وتقديمها للمستشفى تمهيدًا لاعتمادها.
هذا بالإضافة إلى اعتماد اللوائح الوظيفية للعاملين بالصندوق، والتعاقد مع العمالة التي يحتاجها الصندوق في كافة التخصصات بالشروط التي تتناسب مع احتياجات الصندوق، على أن تتضمن العقود كافة الشروط المختلفة وواجبات المتعاقد ومرتباته والمزايا المالية والعينية وفقًا للقوانين واللوائح المعمول بها، إقرار اللوائح الخاصة برفع قيمة أسعار الخدمات التي لم ترد بها اللائحة لاعتمادها من السلطة المختصة وفقًا لكافة القوانين والقرارات المنظمة ذات الشأن، والنظر في جميع المعاملات المالية والإدارية والفنية التي تعتمد من مجلس الإدارة وفق القوانين واللوائح المنظمة، وأخيرًا بحث المركز المالي للصندوق ومصادر الإيرادات وأوجه الإنفاق للعمل على تحسين الإيرادات وترشيد الإنفاق، وقبول المنح والهبات والتبرعات التي تتفق مع تحقيق أهداف المستشفى وفقًا للقوانين واللوائح المنظمة، واعتماد الخطة السنوية ورفعها إلى المستشفى تمهيدًا لاعتمادها.
أحد المصادر داخل أحد مستشفيات الصحة النفسية الكبرى، كشف عن أنه تم بالفعل تطبيق القرار على كافة المرضى المتواجدين بالمستشفى، لافتًا إلى أنه تم تشكيل لجان لإجراء بحث للمرضى غير القادرين من وزارة التضامن الاجتماعي، وإذا كان المريض لديه سبب من الأسباب الآتية فإنه يستحق أن يدخل ضمن الـ 25% المجانية، ومنها أن يكون أحد «الأبوين من أصحاب الإعاقة ولا يستطيع التعامل مع المريض، أو أن يكون الأهل ممن يدخل ضمن «تكافل وكرامة».
وأشارت مصادر- رفضت ذكر اسمها- إلى أنه من المنتظر أن يتم إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة بالنسبة للمرضى المحجوزين بالمستشفى، موضحة أن اللجنة ستشكل من أطباء وإخصائيين يمكنهم تقييم الحالات التي يلزم خروجها، أما إذا كانت الحالة لا يمكن خروجها من المستشفى فستتم مطالبة الأهل أو الأسرة بدفع المبالغ المطلوبة.
التأمين الصحي لا يغطي خدمات الصحة النفسية
وطبقًا للمصادر، فإن خدمات الصحة النفسية لا تُغطى بالتأمين الصحي، ومن تغطى هى مستشفى بورسعيد للصحة النفسية فقط حيث دخلت ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل، أما باقي المستشفيات فإن المرضى يعتمدون على المجاني.
وأضافت المصادر: أما بالنسبة لقرارات العلاج على نفقة الدولة فنادرًا ما كان المريض يعتمد عليها، لأنها تحتاج من أسبوعين إلى 3 أسابيع لاستخراجها، في حين أن بعض المرضى، خاصة مرضى الفصام أو الذهان، يستدعي دخولهم فورًا إلى المستشفى لمنع ارتكابهم جرائم في حق أنفسهم أو المحيطين بهم، ونفس الوضع ينطبق على مريض الإدمان.
العلاج المجاني 25% والاقتصادي 75%
وطبقًا لتصريحات وزارة الصحة والسكان، فإن اللائحة تطبق فقط على 30% المخصصة للعلاج الاقتصادي و70% مجاني، ولكن طبقًا للائحة التي تم تطبيقها مع بداية الشهر الحالي فإنها قلصت العلاج المجاني ليصبح 25% فقط.
وطبقًا للمادة السابعة من لائحة وزير الصحة والسكان، فقد نصت على ما يلي: «للمستشفى أن يتقاضى أجورًا اقتصادية نظير الخدمات الطبية والعلاجية التي يقدمها طبقًا لأحكام هذه اللائحة، ويخصص للعلاج المجاني نسبة لا تقل عن (25%) من عدد الأسرة بأقسامها الداخلية بالمستشفى/ المركز، في ضوء الاحتياجات الموضوعة من الأمين العام التي في إطار أولويات استحقاق العلاج المجاني للمواطنين الحاصلين على خطاب تكافل ورعاية أو حاملي بطاقات الخدمات المتكاملة أو أسر الشهداء والمصابين والمفقودين ومصابي العمليات الحربية والإرهاب أو غيرهم، أو من يصدر لهم توجيه بعلاجهم مجانًا من السلطة المختصة، كما يخصص المركز نسبة من نظام العلاج على نفقة الدولة لا تقل عن النسبة المحددة للعلاج المجاني بالمستشفى/ المركز».
«وكذلك حالات الطوارئ وتشمل الحوادث والحالات الحرجة التي تقتضي التدخل السريع لإنقاذ حياة المريض، وضمن تلقي الحالة، على أن تراجع أوراق التشخيص والعلاج لاحقًا من قبل مدير المستشفى/ المركز لإقرارها».
من جانبه، قال الدكتور أحمد حسين مدير رعاية شؤون المرضى بالأمانة العامة للصحة النفسية سابقًا: إن اللائحة المالية لمستشفيات الصحة النفسية تخالف توجيهات رئيس الجمهورية والخطة الاستراتيجية المعلنة من الحكومة، مطالبًا بمساءلة من شارك في إعداد هذه اللائحة وطرحها على وزير الصحة.
وأوضح أن الالتفات إلى أهمية خدمات الصحة النفسية كان إثر حادثة مدوية، عندما تسبب مريض بمستشفى الخانكة للصحة النفسية في مقتل سائحين أجانب بميدان التحرير عام 1997، صدر بعدها قرار رئيس الجمهورية رقم 331 لسنة 1997 باختصاص وزير الصحة دون المحافظين بمستشفيات الصحة النفسية، وعليه صدر القرار الوزاري 32 لسنة 1998 بإنشاء أمانة الصحة النفسية وتحديد اختصاصاتها، وشهد بعدها قطاع الصحة النفسية تطورات إيجابية منها صدور قانون رعاية المريض النفسي رقم 71 لسنة 2009.
مشيرًا إلى أن منظمة الصحة العالمية والجمعيات العلمية الطبية المصرية والعالمية أصدرت توصيات على مر السنوات بالاهتمام بخدمات الصحة النفسية وعلاج الإدمان، ليس فقط للمردود الصحي والاجتماعي ولكن أيضًا للعائد الاقتصادي، حيث قادت منظمة الصحة العالمية دراسة أظهرت أن 10% تقريبًا من سكان العالم يتضررون من الاضطرابات النفسية، وقامت الدراسة بحساب تكاليف العلاج في 36 دولة تشمل منخفضة ومتوسطة ومرتفعة الدخل، وذلك على مدى 15 عامًا بدءًا من 2016 حتى 2030.
ووجدت الدراسة أن التكاليف المقدرة للتوسع في العلاج تبلغ 147 مليار دولار أمريكي، ولكن أكدت الدراسة أن العائدات تفوق التكاليف، وتحسين مشاركة القوى العاملة وإنتاجيتها بنسبة 5% فقط يعود بنحو 399 مليار دولار، بينما تحسين الصحة يضيف إلى ذلك 310 مليارات دولار أخرى، ما يعني أن العائد للدولة من التوسع في خدمات الصحة النفسية يمثل 5 أضعاف ما تصرفه على هذا التوسع.
وأكد الدكتور أحمد حسين أن التوصيات والدراسات العالمية المتخصصة في مجال الطب النفسي وعلاج الإدمان تتوافق مع توجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بالاهتمام بهذا القطاع، وهي التوجيهات التي أشار إليها وزير الصحة والسكان في مؤتمر ومعرض الصحة بدبي يناير الماضي، وتناولتها وزيرة التضامن الاجتماعي نوفمبر الماضي أثناء الإعلان عن مبادرة "صحتك سعادة".
في سياق متصل، طالبت حملة «مصيرنا واحد» الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء، وزير الصحة والسكان، بضرورة عقد اجتماع لاستعراض توابع اللائحة المالية والإدارية الموحدة في شأن صندوق تحسين الخدمة بمستشفيات الصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان، والصادرة بقرار وزير الصحة والسكان رقم 220 لسنة 2025، وعرض سلبيات ومعوقات تقديم خدمات الصحة النفسية، وطرح ملفات تم إهمالها في قطاع الصحة النفسية على مدار السنوات الماضية، وذلك لتفادي الكوارث المؤكدة حال الاستمرار على نفس النهج.
وأشارت الحملة، التي تضم عددًا من أعضاء المهن الطبية، إلى أن اللائحة تم تطبيقها فعليًا بالمستشفيات بدءًا من الأول من أغسطس الجاري، وبدراسة بنودها تبين أن تكاليف الإقامة فقط للمريض النفسي تتراوح بين 4500 جنيه إلى 16500 جنيه شهريًا حسب درجة الإقامة، وتكاليف الأدوية والفحوصات الطبية، إضافة إلى هذه الأسعار، حسب ما ورد بقائمة الأسعار المرفقة باللائحة.
وأكدت الحملة أن أسعار الإقامة فقط باهظة ويستحيل على المرضى النفسيين وذويهم تحملها، بينما غالبية المرضى الذين يحتاجون للحجز بالمستشفيات لا يتمتعون بتغطية تأمينية، في حين أن قرارات العلاج على نفقة الدولة لا يتم تطبيقها داخل مستشفيات الصحة النفسية، فضلًا عن صعوبة تطبيق قواعدها وإجراءاتها على المريض النفسي.
وأشارت إلى أن كل ما سبق سيؤدي إلى عزوف وانصراف المرضى النفسيين والإدمان عن العلاج، مما سيفجر العديد من الكوارث الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.
يذكر أن قرار رقم 22 لعام 2025، والخاص بتعديل اللائحة المالية والإدارية في شأن صندوق تحسين الخدمة بمستشفيات الصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان بوزارة الصحة والسكان، نص على بعض قوائم الأسعار الجديدة، التي يتم العمل بها بدءًا من صدور القرار في الأول من أغسطس.
وطبقًا لقوائم الأسعار التي نص عليها القرار، فإن تكلفة الإقامة فقط في غرفة مشتركة لليوم الواحد 150 جنيهًا، و300 جنيه في اليوم للغرفة المكيفة، 480 جنيهًا في اليوم للدرجة المتميزة وتشمل إقامة في غرفة بسرير واحد أو اثنين، سرير كهربائي، تكييف، دورة مياه داخلية، شاشة LCD، ثلاجة صغيرة، مروحة.
و600 جنيه في اليوم للدرجة الأولى، وهي إقامة في غرفة بسرير واحد، سرير كهربائي، تكييف، دورة مياه داخلية، شاشة LCD، ثلاجة صغيرة، مروحة، و700 جنيه في اليوم للدرجة الممتازة "إقامة في جناح بسرير واحد، سرير كهربائي، تكييف مركزي، دورة مياه داخلية، شاشة LCD، ثلاجة صغيرة، مروحة".
و 3200 جنيه في اليوم تكلفة الجناح "إقامة في جناح بسرير واحد، سرير كهربائي، تكييف مركزي، دورة مياه داخلية، شاشة LCD، ثلاجة صغيرة، مروحة، صالون استقبال خاص، 3 وجبات يومية، خدمة تمريض خاص، 1 مرافق مجاني.
وشدد القرار على أن الفرق في تكلفة الإقامة يتم سداده نقدًا، وفي حالة المبيت للمرافق اليومية يحصل مبلغ 70 جنيهًا يوميًا، والطفل حتى عمر 12 سنة يُصرح له إقامة مجانًا في نفس السرير، ويجب أجر سرير كامل إذا تم طلب سرير كامل للطفل والمرافق حسب سنه.
وبالنسبة إلى التمريض للطوارئ، نص القرار على أنه يمكن للمستشفى، بناءً على طلب المريض أو وليه، تخصيص تمريض خاص لمدة 12 ساعة، وتتم محاسبة المريض على أساس 120 جنيهًا في اليوم (225 جنيهًا التوجيهية الواحدة 12 ساعة).
وتضمنت قوائم الأسعار بعض التحاليل، منها وظائف الكلى والكبد والسكر وصورة الدم 400 جنيه، فضلًا عن جلسات العلاج الكهربائي التي وصل سعر الجلسة الواحدة 400 جنيه، كما تضمنت قوائم الأسعار خدمات العيادات الخارجية بمستشفيات الصحة النفسية الحكومية، مثل اختبار الذكاء بتكلفة 150 جنيهًا، وجلسة الرعاية النهارية للأطفال والمراهقين بسعر 45 جنيهًا، بينما كانت الاستشارة النفسية على المنصة الإلكترونية 50 جنيهًا.
كانت «الأسبوع» نشرت في عددها السابق تفاصيل اللائحة المالية والإدارية الجديدة للخدمات المقدمة بمستشفيات الصحة النفسية، وارتفاع الأسعار بالمستشفيات وتأثيرها على الخدمات المقدمة للمرضى.
بينما أكدت وزارة الصحة والسكان أن هذه اللائحة تخص فقط القسم الاقتصادي بالمستشفيات وليس المجاني، ووصفت زيادة الأسعار بأنها رمزية بالنسبة للتكاليف.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.