في بلدة صغيرة بولاية كارناتاكا الهندية، حيث يُعتقد أن الإله شيفا يحرس المكان منذ ثمانية قرون، تكشف الأرض عن أسرار مظلمة طُمست لعقود، تحت أشجار النخيل والتلال المترامية، انتشلت الشرطة الهندية رفاتًا بشرية من مواقع دفن سرية، في بداية تحقيق قد يكشف عن واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ الهند الحديث.
حارس المعبد.. فاضح الأسرار
كان عامل النظافة السابق في المعبد يحمل همًا ثقيلاً لـ20 عامًا، حيث أجبره رؤساؤه على التخلص من مئات الجثث - معظمها لنساء وفتيات بدت عليهن علامات الاعتداء الجنسي والقتل.
وفي يوليو 2023، قرر كسر حاجز الصمت، مقدماً شكوى للشرطة مفادها أنه أُجبر على دفن الضحايا سراً منذ منتصف التسعينيات، وكتب في وثيقته المرعبة: "إذا أُجريت طقوس جنازة لائقة للهياكل العظمية، فإن تلك الأرواح المعذبة ستجد السلام... وقد يتضاءل شعوري بالذنب".
عظام صغيرة في التراب
شكلت حكومة ولاية كارناتاكا فريق تحقيق خاص بعد تلقي الشكوى، وحتى الآن، عُثر على رفات بشرية في موقعين من أصل 16 موقعاً مشتبهاً به.
وقال وزير الداخلية الولائي: "تم جمع أجزاء عظام صغيرة وعينات تربة... التحليل مستمر، وبمجرد اكتماله يمكننا القول إن التحقيق بدأ فعلياً"، فيما رفض مسؤولان كبيران في الشرطة الكشف عن هويتهما بسبب "حساسية الأمر"، بينما لم ترد الشرطة على طلبات التعليق الرسمية.
استخراج هيكل عظمي سراً من موقع الدفن
على غير المتوقع، رحب متحدث باسم المعبد - الذي يعد مزاراً هندوسياً مهماً - بالتحقيق، معبراً عن أمله في كشف "الوقائع الحقيقية"، لكن عامل النظافة اتهم مسؤولي المعبد مباشرة، وطلب حماية هو وعائلته مقابل كشف هويات المتورطين. بل إنه انتشل هيكلاً عظمياً سراً من موقع الدفن كدليل مادي يثبت صدق مزاعمه.
بادمالاثا تنتقم من قاتلها بعد الموت
أعاد الكشف عن هذه الجرائم الاهتمام بقضايا قديمة لم تحل، أبرزها قضية بادمالاثا، الطالبة الجامعية التي قالت أسرتها إنها تعرضت للاغتصاب والقتل في دارماستالا عام 1986.
وذكرت شقيقتها إندرافاتي: "دفنا جثتها بدلاً من حرقها وفق التقاليد الهندوسية، على أمل أن تسهم في أي تحقيقات لاحقة... نأمل أن ننال العدالة يوماً ما". هذه الحالة تذكر بأن العنف ضد النساء في الهند ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من بنية اجتماعية معقدة تتطلب مواجهة شاملة.
يأتي هذا الكشف في وقت تشهد فيه الهند توترات طائفية متصاعدة. لكن وزير داخلية كارناتاكا ناشد بعدم "تحويل المسألة إلى أمر ديني"، في إشارة إلى حساسية الربط بين الجرائم والمؤسسات الدينية. الرفات التي انتُشلت من تربّة دارماستالا ليست مجرد عظام، بل هي شظايا حكايات إنسانية دُفنت معها الحقائق. التحقيق لا يزال في بدايته، والشاهد الرئيسي يعيش تحت تهديد الموت، والعائلات تنتظر إجابات عن مصير بناتها.
