في ظل التوجه الاستراتيجي للدولة نحو تعظيم القيمة المضافة وتعزيز التكامل بين الزراعة والصناعة، عاد الحديث بقوة حول الكتان كمحصول زراعي قديم يملك إمكانات اقتصادية وصناعية كبيرة، ويشكل فرصة حقيقية لمصر لتطوير صناعات محلية قائمة على الموارد الطبيعية وبينما يرى البعض أن الكتان لم يُستثمر بالشكل الأمثل حتى الآن، تشير المؤشرات الحالية إلى أنه قد يكون أحد أعمدة التنمية الصناعية والزراعية في المرحلة المقبلة.
ما هو الكتان وما اهميته
الكتان نبات يُزرع لأغراض متعددة، أشهرها:
استخراج الألياف لصناعة الغزل والنسيج والملابس.
استخراج الزيت من البذور (زيت بذر الكتان) المستخدم في:
الطهي و مستحضرات التجميل و الدهانات.
مخلفات الكتان تُستخدم في صناعة الأعلاف العضوية.
أليافه الخشنة تُستخدم في صناعة الحبال وأغراض التعبئة والتغليف.
ويمتاز الكتان بكونه محصولًا متجددًا صديقًا للبيئة، قليل الاستهلاك للمياه، وتستطيع مصر زراعته بنجاح في مناطق مثل الدلتا، وخاصة في محافظة الغربية.
واقع زراعة الكتان في مصر
يُزرع الكتان حاليًا في مصر على مساحة تُقدّر بحوالي 50 ألف فدان، وتُعد محافظة الغربية المركز الرئيسي للإنتاج، تليها محافظات مثل كفر الشيخ والبحيرة.
رغم هذه المساحة، فإن الاستفادة الصناعية منها لا تزال محدودة مقارنة بالإمكانات المتاحة يواجه القطاع تحديات في: محدودية التصنيع المحلي لألياف الكتان.
اعتماد نسبة كبيرة من الإنتاج على التصدير الخام دون تصنيع.
نقص في البنية التحتية الصناعية المتخصصة.
ضعف التدريب الفني للعمالة.
فرصة اقتصادية وصناعية واعدة
بحسب ما أكده الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصناعة والنقل، فإن الدولة بدأت بالفعل في إعداد دراسة شاملة لتطوير صناعة الكتان، تشمل:
توطين صناعة الكتان بالكامل محليًا.
تدريب العمالة على أحدث أساليب التصنيع.
تطوير سلاسل القيمة المرتبطة من الزراعة حتى التسويق.
استغلال كل مكون من مكونات الكتان (الألياف، الزيوت، البذور، المخلفات) لتعظيم العائد الاقتصادي.
كما أشار إلى أهمية الكتان في الصناعات منخفضة استهلاك الطاقة، ما يجعله مناسبًا ضمن توجه الدولة نحو التنمية المستدامة.
دور وزارة الزراعة
وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، علاء فاروق، أكد خلال لقائه بوزير الصناعة أن الرؤية الاستراتيجية للوزارة تقوم على ربط الزراعة بالتصنيع، وتوفير الأراضي اللازمة لإقامة مناطق صناعية متخصصة للكتان، بالتنسيق مع الجمعيات الزراعية.
كما أشار إلى أهمية تطوير التشريعات الداعمة لهذه الصناعات، خاصة قانون التعاون الزراعي، والتكامل مع وزارة التموين لإقامة مخازن ومجمعات إنتاج قريبة من مناطق الزراعة.
التحديات أمام صناعة الكتان
رغم هذه المبادرات، لا تزال هناك معوقات يجب التعامل معها:
ضعف الاستثمارات في قطاع التصنيع الزراعي المرتبط بالكتان.
نقص المعدات الحديثة في المصانع القائمة.
الفجوة بين الإنتاج الزراعي والإمكانيات التصنيعية.
قلة الترويج لصناعات الكتان في السوقين المحلي والدولي.
التوصيات والمقترحات
1- تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في تصنيع الكتان.
2- توفير حوافز ضريبية وتمويلية للمصانع الصغيرة والمتوسطة.
3- إطلاق حملات توعوية وتدريبية للمزارعين والعمال.
4- إنشاء مجمعات صناعية متخصصة بجوار مناطق الإنتاج.
5- التوسع في الزراعة التعاقدية بين المصانع والمزارعين.
الكتان المصري ليس فقط محصولًا زراعيًا واعدًا، بل هو مشروع متكامل يجمع بين الزراعة والصناعة، ويمكن أن يُسهم في توفير آلاف فرص العمل، وتحقيق عوائد اقتصادية كبيرة، خاصة إذا ما تم الاستثمار في سلاسل التصنيع المتكاملة. ومع الدعم الحكومي الحالي والتوجه الواضح نحو التصنيع الزراعي، فإن صناعة الكتان قد تتحول من فرصة مهدرة إلى قصة نجاح صناعي في السنوات المقبلة.
