أخبار عاجلة

"YOLO" ليست شجاعة.. إنها فخ قاتل يلتهم أبناءنا في صمت

"YOLO" ليست شجاعة.. إنها فخ قاتل يلتهم أبناءنا في صمت
"YOLO" ليست شجاعة.. إنها فخ قاتل يلتهم أبناءنا في صمت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في وقتٍ أصبحت فيه الحياة الرقمية امتدادًا حقيقيًا للواقع اليومي، بات من الصعب فصل المراهقين عن عالم التحديات الإلكترونية والمحتوى اللحظي المثير. ومن بين هذه التحديات، يبرز “تحدي انقطاع النفس” أو ما يُعرف بـ Blackout Challenge كأحد أخطر ما يواجهه جيل اليوم، حيث يقوم المشاركون بحبس أنفاسهم حتى فقدان الوعي، بهدف تجربة شعور لحظي من النشوة أو الغرابة، غالبًا أمام عدسة الكاميرا لمشاركته على منصات مثل تيك توك. هذا التحدي الذي يبدو للبعض مزحة ثقيلة أو تجربة مؤقتة، أودى مؤخرًا بحياة طفل بريطاني لم يتجاوز 12 عامًا، بينما كان يحاول تقليد الفيديوهات المنتشرة دون وعي بعواقبها.

الدافع وراء هذه السلوكيات لا يكمن فقط في الفضول أو حب التجربة، بل يرتبط بنمط تفكير شائع بين المراهقين اليوم، يُعرف بعقلية YOLO، أي "You Only Live Once" — "نعيش مرة واحدة”، وهي عبارة تُستخدم لتبرير تصرفات متهورة على اعتبار أن الحياة قصيرة ويجب الاستمتاع بها بأي ثمن، حتى لو كان الثمن هو الحياة نفسها.

المراهقون لا يمتلكون أدوات تقييم الخطر كما يفعل الكبار، وهذا مثبت علميًا. فبحسب دراسة منشورة في Journal of Adolescence عام 2017، فإن القشرة الجبهية المسؤولة عن ضبط السلوك واتخاذ القرارات لا تكتمل قبل سن 25 عامًا. هذا يعني أن المراهقين أكثر ميلًا للاندفاع وأقل قدرة على تقدير العواقب، خاصة في لحظات الضغط أو التحدي أو الحماس الجماعي.

ولا يتوقف الأمر عند النمو البيولوجي فقط، بل يتضخم تحت ضغط الأقران وثقافة الشهرة الرقمية. فقد كشفت دراسة من American Psychological Association عام 2021 أن التفاعل الاجتماعي على الإنترنت — مثل الإعجابات والمشاهدات — يُحفّز إفراز الدوبامين في الدماغ بطريقة تُشبه تأثير المواد المخدرة، ما يجعل المراهق يشعر بالإدمان على التقدير الرقمي، ويدفعه لتكرار السلوك الخطير من أجل شعور لحظي بالقبول والانتباه.

من هنا، يصبح التحدي أكبر من مجرد محتوى خطر. إنه أزمة فكر وسلوك وتكوين نفسي. كثير من المراهقين لا يبحثون عن الموت، بل عن الإحساس بالحياة، وعن هوية رقمية يشعرون من خلالها بأنهم موجودون ومرئيون. ولهذا، فإن منع التطبيقات أو الرقابة التقنية وحدها لن تكون فعالة إذا لم تصحبها رعاية نفسية حقيقية، واحتواء عاطفي يضمن شعورهم بالأمان والانتماء.

ومن الضروري أن يدرك الأهل أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في المحتوى الرقمي، بل في طريقة تفكير أبنائهم أنفسهم. المراهق لا يرى العالم كما يراه البالغون، بل من زاوية لحظية سريعة، تمتلئ بالحاجة للقبول والاندماج والانفعال. وهذا يستدعي دعمًا نفسيًا مستمرًا، وتواصلًا مفتوحًا، لا أوامر وتحذيرات جافة فقط. دعمنا العاطفي والتواصلي هو خط الدفاع الأول قبل أن تصلهم يد الترند.

المراهق الذي يكرر جملة “نعيش مرة واحدة” لا يدرك أنه يقترب من الخطر في كل مرة يخضع لهذا التفكير. إنه يضع حياته على المحك من أجل لحظة تصفيق رقمية أو فيديو عابر. لذلك، فإن مسؤوليتنا كأهل ومربين ومجتمع ليست فقط أن نحذّرهم، بل أن نكون قريبين منهم، نفهمهم، ونوجّههم بحب، لأن الحياة تُعاش فعلًا مرة واحدة.. لكنها لا تستحق أن تنتهي من أجل ترند.

923.png

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بالبلدي: بعد غرق «ماجيك سيز».. وزير يمني يحذّر من كارثة بيئية
التالى بالبلدي: الكرملين: تصريحات ترمب بشأن تسليح أوكرانيا «متناقضة»